ضيفنا لهذا الأسبوع شاعر ترك له بصمة ونهجا خاصا به تخصص بالكتابة عن الوطن حيث نظم الكثير من الأوبريتات التي تتغنى بمملكتنا الحبيبة، حصد الكثير من الألقاب ولقب بشاعر الجنادرية، شدا بكلماته الكثير وداعب بكلماته مشاعر المتلقين .. الشاعر عبدالله الشريف استضفناه في هذا الحوار: نرحب بك عبر صفحات (في وهجير) بصحيفة «اليوم». - الله يبقيك ولا يهينك ويا هلا وغلا فيكم
دعنا نتحدث عن بداياتك في عالم الشعر؟ - بداياتي كانت من عبارة عن قراءة بنهم عن الشعر من الابتدائية مروراً بالمتوسطة، وبدأت في المرحلة الثانوية أعرف وأميز البيت الموزون من البيت المكسور لم أتقن الشعر في تلك المرحلة ولكنّي لَفتّ نظر المعلمين بحفظي للقصائد المطلوبة علينا فقد كان المطلوب عدد أبيات بسيطة من النص وأنا كنت أحفظ النصوص كاملة، وبعدها انتقلت إلى المرحلة الجامعية وبدأت أطرق الشعر وأتقن الشعر الفصيح وشاركت في مسابقة كانت تجريها جامعة الملك سعود آنذاك وحصلت على الترتيب الخامس على مستوى المملكة في كتابة الشعر الفصيح، وبعد أن تخرجت بدأت أنظم الشعر الشعبي على استحياء حتى دخلت في إحدى الحفلات ووجدت نفسي قادراً على الشعر الارتجالي والفلكلور الجنوبي المعروف كالعرضة والخطوة وغيرها. تلك البرامج تكون هدفا للشعراء المغمورين أما من وضع له اسما أو بصمة لا يمكن أن يدخل في معمعة تلك المسابقات التي يحكمها في النهاية التصويت ما هي آخر أعمالك التي قدمتها؟ - أخر أعمالي كان اوبريت الجنادرية .. واوبريت «ضيف وصيف» الذي عرض في منطقة عسير الأسبوع الماضي بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة وبدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير والاوبريت كان عبارة عن ملحمة وكان هناك حضور جماهيري فاق التوقعات حيث امتلأت الساحة الخارجية بأضعاف الموجودين في موقع الحفل الأصلي.
هناك ردود فعل من بعض المتلقين عن أسلوب الطرح في هذا الاوبريت ما بين مؤيد ومعارض كونه يمثل موروثا شعبيا وانك لم تنهج نهجك السابق في طرحه .. فما رأيك بذلك؟ - بالعكس اغلب الردود كانت مؤيدة ولا أعلم لماذا كانت المعارضة إن وجدت أصلا وما يحدث في الجنادرية أو الحفلات مني أو من غيري من الشعراء فهو تراث وقد يكون التطوير في اللحن فأنا لست ملحنا ولكني أستطيع أن أصنع لكلماتي لحنا معينا والأوبريت الأخير كان عبارة عن أربع لوحات شعبية وكانت في اللوحة الأولى والثانية من التراث كما هي واللوحة الرابعة هي عبارة عن لحن قديم استوحيته واستخدمته بها وأما اللوحة الأخيرة فكانت عبارة عن كلمات أو تفعيلة لا دخل لها في التراث تعاملت أنا والأخ صالح خيري في إيجاد لحن مناسب لها.
بعد ربع قرن من المسيرة الشعرية لم يصدر لك أي ديوان مكتوب أو مسموع ..لماذا؟ - محصولي اوبريتات وكل اوبريت أعتبره ديوانا وأنا عملت إلى الآن ما يقارب 23 أوبريتا مسموعا ومغنّى بأسماء فنانين معروفين . وكل من عمل معي بهذه الاوبريتات كان يترنم بها، ولله الحمد جميعها لاقت نجاحا باهرا مع الأخذ بعين الاعتبار أن إرضاء الناس غاية لا تدرك .
بين زخم القنوات الشعبية ومواقع الشبكات العنكبوتية والعولمة الحاصلة في هذا الوقت..لماذا لا يملك عبدالله الشريف موقعا خاصا به رغم هذه المسيرة الشعرية؟ - إلى من يكتب عني سواء كان مديحًا أو نقدا أنأ أشكرهم جميعاً ولكني أفضل بأن يواجهونني دون حائل فأنا لم يسبق لي أن شاركت في الكتابة من خلال الشبكة العنكبوتية أو الحديث عن نفسي أو عن غيري أبدا. هناك من يقول إن عبدالله الشريف أخذ زمنه وزمن غيره خصوصاً فيما يخص المشاركة في المهرجانات؟ - لا أحد يأخذ زمنه وزمن غيره فكلمات عبدالله الشريف التي كان يكتبها قبل سنتين تختلف عن الكلمات التي يكتبها الآن، إذا لم يتطور الشاعر أو أي مبدع فهو « مكانك راوح» وأنا لا أبحث عن الانتشار أو الشهرة أو المال .. ولكني أبحث عن الإبداع، أحاول أن أكتب الجديد في كل شيء وأحاول أن تكون لي بصمة في الشعر وأنا لست من المكثرين ولكن لي نهجا معينا .. كان هناك شعراء قبلي فلماذا لم يقل بأنهم آخذوا زمنهم وزمن غيرهم مثل ما يقال بأني أخذت زمني وزمن غيري؟ .. ثم انه يوجد هناك شعراء برزوا بعدي من المنطقة وخارج المنطقة ولكن هي تخصصات فقد أكون مقلا بالشعر النبطي وقد تكاد تكون معدودة القصائد التي كتبت في غير الوطن فانا متخصص في الكتابة عن الوطن فهو معشوقي الأول وأعرف من أين تؤكل الكتف فقد أكون موفقا في ذلك لهذا تنجح الأوبريتات التي ألفتها.
كَثُرت المسابقات الشعرية بجميع أنواعها.. فلماذا لا نرى مسابقة شاعر العرضة أو الخطوة ؟ - قد لا يكون هناك من تبنى الفكرة .. وأضف إلى ذلك باني لست بشاعر عرضة مع كل احترامي لشعراء العرضة فأنا من محبي شعر العرضة ثم إن الشاعر العملاق سواء من شعراء النبط أو العرضة لا يقبلون بان يكونوا من المشاركين في هذه البرامج، فتلك البرامج تكون هدفا للشعراء المغمورين فمن وضع له اسما أو بصمة لا يمكن أن يدخل في معمعة تلك المسابقات التي يحكمها في النهاية التصويت أضف إلى ذلك أن مثل تلك المسابقات قد تسيء للعرضة لأن المشاركين سوف يكونون من الشعراء المبتدئين.
ماذا تصنف نفسك إذا لم تكن شاعر عرضة؟ - أنا شاعر فحسب .. وأنظم في العرضة وأبدع في الخطوة لأنها لحن والبيئة التي أتواجد بها هي بيئة الخطوة ولكني لن أقول بأني شاعر خطوة، أنا اكتب الفصيح وأكتب العرضة وأكتب الخطوة وأكتب النبطي وجميع أنواع الشعر ولكني أتميز في كتابة الأوبريتات وفن الخطوة العسيرية وأجد نفسي فيها. ربع قرن من الزمن ورفيقك الشعر.. ماذا أخذت منه وماذا اخذ منك؟ - لاشك بأنه أعطاني حب الناس والشهرة فلك أن تتخيل عندما أتي من قرية صغيرة في منطقة عسير وأصل إلى الجنادرية وأقف أمام سيدي خادم الحرمين الشريفين لثلاث مرات أو أربع مرات في حياتي لأقدم أعمالا أمامه أو أمام سمو ولي العهد كما وأني لا انسي ما قدمته كذلك للمرحوم الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه، ثم إني عندما أجد الإطراء من الناس، فيكفيني من الشعر أنه أعطاني هذا الحب أما ما أخذ مني فقد أخذ مني راحة البال خصوصاً بالصيف، أيضا أنا لا أكتب النص وأسلمه للملحن بل أبقى إلى أن يعرض ويسمعه الجمهور فهذه تأخذ من وقتي ووقت أولادي وأسرتي ومع ذلك الشعر لا يستطيع أن يتخلى عنه الشاعر فهو كالحبيب الذي لا تود فراقه حتى ولو أتعبك.
بصراحة هل المادة شرط من شروط تواجدك في أي محفل حتى لو كان وطني؟ - أخي الكريم .. أنا في يوم من الأيام لم يسبق أن أخذت مالا في أي حفلة من الحفلات ولا يمكن أن يقول أحد بأني أعطيت عبد الله الشريف مالًا لحضور حفلة وهذا ديدني وأعمالي السابقة كانت بالعكس في بعض الأحيان أدفع من جيبي ولكن المسئولين في الآونة الأخيرة ولما رأوه من إبداعات يشار لها بالبنان فإنهم يكرمون كل مبدع وأنا أعدّ نفسي من أقل المبدعين فأجد تكريما منهم وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ولكن هناك ماهو أجمل من المادة فعندما أهداني ولي العهد ساعته وعندما سلمني الأمير مشعل بن سعود ساعته وتلك هدية أخرى غالية على قلبي أغلى من أي شيء مادي آخر، أضف إلى ذلك أنه عندما قابلت خادم الحرمين الشريفين وعرف ما كتبت له وللوطن فكانت كلماته دافعا قويا لي و أغلى من أي مادة.
شاعر الجنوب شاعر الورد شاعر الجنادرية.. جميعها ألقاب يلقبك بها جمهورك فأيها أقرب إلى قلبك؟ - أنا أعتب على من يرضى له باسم أو لقب معين كشاعر الجنادرية فهناك من كتب في الجنادرية وهناك من كتب في الجنوب وبها شعراء كثير والحقيقة من الألقاب التي أحبها هي شاعر الورد لأني كتبت في الورد بكل ما يستحقه الورد ولكن الألقاب ليست حكراً على أحد فكل من تغنى بشيء معين فهو شاعره.
ماهي الأمسية التي لن تغيب عن بالك؟ - تلك الأمسية التي كانت في المنطقة الشرقية قبل سنة ومن هنا ألقى أزكى التحايا لذلك الجمهور الواعي الذي يعرف متى يصفق ومتى يبتسم ومتى ينصت والحضور الكثيف رغم أني الشاعر الوحيد فيها ولا أخفي عليك بان بعض الحفلات التي أحضرها لها نكهة خاصة كما أن الاوبريت الأخير الخاص بمهرجان ضيف وصيف والمقام في مدينة أبها لهذا العام كان من أكثر الحفلات التي كان لها وقعها في قلبي.
هل يستخدم عبدالله الشريف أساليب الهجاء أو ما شابه في ردع أعداء مسيرته؟ - أنا أدبا ً إذا دخلت في حفلة ووجدت شعراء غيري لا أريد أن أغير بدخولي النمط المتبع حتى وان دعاني الجمهور لذلك لهذا ولله الحمد لا يوجد لدي أعداء لمسيرتي الشعرية.
حدثنا عن تجربتك في مسابقة شاعر الملك كعضو لجنة تحكيم في منطقة عسير؟ - للأسف إن بعض من يكتب الشعر يعتبر نفسه انه أفضل من كتب الشعر وان من لعب كرة يعتبر نفسه أفضل لاعب إلا من رحم ربي فالمحكم لابد أن يكون متزنا وصبورا فالمتسابق أتاك وهو متأكد بان قصيدته هي الأفضل لأنها أفضل ما لديه وكانت تجربة جميلة بالنسبة لي.
هل تمانع بأن تكون عضوا في لجنة تحكيم لأي مسابقة شعرية؟ - لا أمانع بشرط أن يكون للجنة قرار في اختيار الفائز وأن تكون طرق التصويت مقننة أكثر ولا تكون هي الفيصل في اختيار الشاعر الفائز.
ماهو رأيك في الوضع الراهن للساحة الشعرية والشعراء؟ - هم الآن في غربال وبدأ ينكشف وبدأ الوضع ينقى شيئاً فشيئا حتى من يخدمه الإعلام فترة معينة فهو لن يخدمه دوماً وفي الأخير «ما يصح إلا الصحيح» فهم كلاعبي الموسم الواحد ولكن لا أنفي بأن الإعلام خرّج لنا شعراء مبدعين وفي نفس الوقت ليس كل من في الساحة شاعرا فعدد الشعراء الآن بالآلاف.
ما مشروعك القادم ؟ - أنا لا أخطط .. فمشروعي القادم هو تربية أبنائي.
هل هذا تلميح لك باعتزال الشعر أو الابتعاد عن الأضواء؟ - لا مستحيل الشاعر لا يعتزل ولكن قد يتكاسل فالشاعر قد تتحرك مشاعره ويكتب دون إحساس بأنه يكتب الشعر فالشاعر لا يعتزل.
ثلاث رسائل لمن توجهها؟ الأولى: لمن يطرب ويتابع عبدالله الشريف أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم واعذروني فوقتي لم يعد ملكاً لي. الثانية: إلى من لا يعجبه عبدالله الشريف عذرا إذا لم أطربكم فهذا ما املك ولكل وردة عشاقها. الثالثة: إلى أبنائي وبناتي وأهل بيتي عذراً فقد قصرت في حقكم ولكن أتمنى أن تكونوا نجوماً تتلألأ في سماء هذه الوطن.
كلمه أخيرة؟ - إلى هذه الجريدة الغراء جريدة الإبداع والمبدعين أقول لجريدة «اليوم» كل يوم وأنت بخير.