قال الله تعالى :- (وللآخرة خير وأبقى) إذن , كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره , وشهره يهدم سنته , وسنته تهدم عمره ؟ كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله . وتقوده حياته إلى موته ؟ ألا يجب عليه أن يعرف قيمة عمره فيستغله بما يرضي الله عز وجل ؟! من طاعة وعبادة وتلاوة وأذكار مسنونة .. قال الفضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ قال : ستون سنة , قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك , توشك أن تبلغ .. فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون . فمن عرف أنه له عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف , ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول , ومن علم أنه مسؤول فليعد للسؤال جوابا قال الفضيل : أتعرف تفسير ما تقول « إنا لله وإنا إليه راجعون« ؟ فمن عرف أنه له عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف , ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول , ومن علم أنه مسؤول فليعد للسؤال جوابا .. قال الله تعالى « وقفوهم إنهم مسؤولون«. فقال الرجل : فما الحيلة ؟ قال : يسيرة , قال ماهية ؟ قال : تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى , فإنك إن أسأت فيما بقى أخذت بما مضى وما بقي . والناظر في حال الناس يرى أن اغلب الناس - إلا من رحم الله - يختارون الدنيا ويتركون الآخرة .. لماذا ؟ الجواب في قوله تعالى :( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) . مع أن الله أخبرنا أن الآخرة هي الخير , وهي الأبقى فلنستعد للآخرة , بإحساننا في الدنيا . قال الله تعالى « هل جزاء الإحسان إلا الإحسان « . وما أحسن ما قاله الشاعر : النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السلامة فيها ترك مافيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت بانيها فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها أموالنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها أين الملوك التي كانت مسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها كم من مدائن في الأفاق قد بنيت *** أمست خرابا وأفنى الدهر أهليها لا تركنن إلى الدنيا وما فيها *** فالموت لا شك يفنينا ويفنيها