خلفت أعمال العنف في مدينة القصرين (وسط غرب تونس) أكثر من 50 قتيلا في الأيام الثلاثة الأخيرة، بحسب ما ذكر مسؤول نقابي محلي لوكالة فرانس برس مشيرا إلى وضع كارثي في المدينة . وكانت رئيسة الفدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان سهير بلحسن قالت الثلاثاء إن عدد القتلى في أعمال العنف التي شهدتها مدن الوسط الغربي التونسي نهاية الأسبوع الماضي، بلغ 35 قتيلا على الأقل. امتداد الاحتجاجات إلى العاصمة والرئيس يتوعد وأضافت "إن حصيلة 35 قتيلا مدعومة بلائحة اسمية" بأسماء القتلى "بيد أن العدد الإجمالي للضحايا أكبر وهو يحوم حول 50 (قتيلا) غير أن هذا مجرد تقييم". وتابعت : إن حصيلة الضحايا لهذه الثورة الاجتماعية التي اندلعت في 17 ديسمبر إثر انتحار شاب تونسي (26 عاما) بإضرام النار في نفسه «ارتفع بشكل مأساوي» جراء تظاهرات نهاية الأسبوع الماضي في مدن الرقاب وتالة و القصرين بالوسط الغربي التونسي . وأكدت التونسية سهير بلحسن أن عدد الجرحى كبير جدا و قالت « يتعذر إحصاؤهم « . وبحسب سهير بلحسن فإن الاضطرابات انتقلت إلى مدن ساحلية في قلب المناطق السياحية. ووقعت حوادث في بنزرت (شمالا) وسوسة (وسط شرقي)، بحسب المصدر ذاته.
الرئيس يتوعد من جانبه وصف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن في بلاده حاليا بأنها «عمل إرهابي» تقف وراءه «أطراف خارجية وعصابات ملثمة» , في حين دعا الحزب الديمقراطي التقدمي إلى «حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها إعداد تونس للانتقال إلى الديمقراطية في أفق 2014» . ففي ثاني خطاب له منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في 18 من الشهر الماضي، قال الرئيس التونسي «إن هذه الأيادي استغلت بدون أخلاق حدثا أسفنا له جميعا، وحالة يأس نتفهمها كانت قد وقعت في سيدى بوزيد منذ أسبوعين، والاعتداء ليلا على مؤسسات عمومية وحتى على مواطنين في منازلهم، عمل إرهابي لا يمكن السكوت عنه «.
قلة مأجورة ووصف الاضطرابات بأنها « أعمال قلّة مأجورة وإرهابية تسيرها من الخارج أطراف يغيظها نجاح تونس الذي تشهد به مؤسسات دولية نزيهة « . وتوعد بن علي « كل من يعمد للنيل من مصالح البلاد ويهدف للتغرير بأبنائها و شبابها بأن القانون سيكون الفيصل»، مشيرا إلى أن «العدالة أخذت مجراها» لتحديد المسؤولين عن هذه الاضطرابات.
محفزات وقرارات وأعلن الرئيس التونسي خمسة قرارات تتمثل في مضاعفة طاقة التشغيل و تنويع ميادينها خلال عامي 2011 و2012، بمجهود من الدولة والقطاع الخاص والجهات المعنية، بحيث يتم تشغيل أكبر عدد من العاطلين عن العمل وحملة الشهادات العليا و خلق 300 ألف وظيفة جديدة. وفي تطور لافت، دعا الحزب الديمقراطي التقدمي في بيان حمل توقيع أمينته العامة مية الجريبي إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تأخذ على عاتقها إعداد تونس للانتقال إلى الديمقراطية في أفق 2014. واعتبر البيان أن تشكيل هذه الحكومة يتوقف على مدى تبني المطالبة بها من قبل قوى المجتمع المدني والحركة السياسية، وخاصة من قبل الحركة الاحتجاجية في الجهات «التي رفعت عاليا و دون لبس مطلب التغيير السياسي». امتداد الاحتجاجات ميدانيا، أفاد شهود عيان و مصدر طبي بأنّ أكثر من عشرة أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من عشرة آخرين بجراح «خطرة جدا» عندما فتحت قوات مكافحة الشغب الإثنين النار «عشوائيا» على محتجين في أحياء شعبية بمدينة القصرين. وقال مصدر طبي بالمستشفى-الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن "عددا من القتلى مصابون في الرأس والحلق والصدر، مما يعني أن إطلاق النار كان عشوائيا".
تفاصيل المواجهات وعن تفاصيل هذه المواجهات، ذكرت المحامية منية بوعلي أن مدينة القصرين شهدت الإثنين «حالة عصيان مدني بعد أن نزل الأهالي رجالا ونساء وأطفالا إلى الشوارع، غير عابئين بتواصل إطلاق النار»، محذرة من «وقوع كارثة». ومن جهتهما، قال شاهدا عيان لوكالة الأنباء الألمانية إن «قناصين من فرق مكافحة الشغب صعدوا فوق بنايات وصوبوا أعيرتهم النارية نحو محتجين وأردوهم قتلى». ورغم محاولة السلطات التونسية احتواء هذه الاحتجاجات، فإنها تتسع لتشمل مناطق أخرى، ففي مدينة بنزرت (شمال غرب)، خرج الطلبة في مظاهرات احتجاجية سلمية، وتم حرق سيارة تابعة للبلدية وواجهة محل تجاري. ووصلت المظاهرات إلى وسط تونس العاصمة في ساحة الباساج، كما تجمع طلاب أمام مقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. نظام قوي وفي السياق وصف وزير تونسي «نظام» رئيس البلاد زين العابدين بن علي ، بأنه « نظام قوي وليس في آخر أيامه « . وذكر وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي بشير التكاري ، في تصريحات أدلى بها مساء أمس الإثنين لقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية ، أن «هذه المشاكل (الاحتجاجات الاجتماعية) سنجد لها حلولا».ورفض التكاري ، الذي سبق له تولي وزارة العدل و حقوق الإنسان ، اتهامات باعتماد السلطات التونسية «الخيار الأمني فقط» في التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية وأعمال العنف التي دخلت أسبوعها الرابع في البلاد.
مون قلق وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن كون « القلق إزاء تصاعد المواجهات العنيفة « بين قوات الأمن والمتظاهرين في تونس و ما نجم عنها من قتلى . وقال المتحدث مارتن نيسيركي أن "الأمين العام دعا إلى ضبط النفس كما دعا كافة الأطراف إلى حل الخلافات عبر الحوار". وأضاف أن الأمين العام «يؤكد أهمية الاحترام الكامل لحرية التعبير».