فجر "محاربو صحراء" الجزائر طاقاتهم وحققوا اكبر فوز في تاريخ مشاركاتهم في كاس العالم لكرة القدم عندما سحقوا كوريا الجنوبية 4-2 وعززوا حلم تأهلهم الى الدور الثاني، اليوم الاحد على ملعب "بيرا-ريو" في بورتو اليغري في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثامنة لمونديال البرازيل. وهذا اول فوز للجزائر منذ مشوارها الرائع في مونديال اسبانيا 1982 عندما تغلبت على تشيلي 3-2 في 24 يونيو في الجولة الثالثة الاخيرة من مشاركتها الاولى والتي استهلتها بفوز تاريخي على المانيا الغربية ونجومها الكبار بول برايتنر وكارل هاينتس رومينيغه 2-1 بهدفي النجمين رابح ماجر ولخضر بلومي. ورفعت الجزائر، التي اصبحت اول منتخب افريقي وعربي يسجل اربعة اهداف في تاريخ المونديال، رصيدها الى 3 نقاط في وصافة الترتيب بعد بلجيكا (6) التي ضمنت تأهلها في وقت سابق بفوزها على روسيا 1-صفر، وتقدمت بفارق نقطتين على روسياوكوريا الجنوبية صاحبة افضل انجاز آسيوي في تاريخ كأس العالم عندما حلت رابعة على ارضها في 2002. وبات التعادل امام روسيا، في الجولة الثالثة الاخيرة الخميس المقبل في كوريتيبا، يكفي منطقيا الجزائر لتحقيق هذا الحلم في مشاركتها الرابعة في المونديال بعد 1982 و1986 و2010، في ظل استبعاد تحقيق كوريا الجنوبية الضعيفة الفوز على بلجيكا القوية بفارق ثلاثية. واللافت انه بحال تأهلت الجزائر وصيفة عن مجموعتها هناك احتمال كبير ان تتواجه مع المانيا متصدرة المجموعة السابعة راهنا، في مبارزة متجددة بعد المؤامرة التي حاكتها الاخيرة مع النمسا واثمرت اطاحة المنتخب العربي من بلوغ الدور الثاني. وعوضت الجزائر،التي واجهت منتخبا اسيويا لاول مرة في المونديال، خيبة املها في الجولة الاولى عندما تقدمت على بلجيكا حتى الدقيقة 70 بهدف لسفيان فغولي هو الاول لها منذ عام 1986 في شباك ايرلندا الشمالية، قبل ان تخسر 1-2 بهدفين للبديلين مروان فلايني ودرييس مرتنس. ويمكن القول ان المدرب البوسني وحيد خليلودزيتش انقذ رأسه وحسن صورته بعد الانتقادات الكثيرة التي طالته من قبل المسؤولين والدوليين السابقين ووسائل الاعلام الجزائرية بسبب خطته الدفاعية المحضة التي سلكها امام بلجيكا وكلفت غاليا بتجرع الخسارة المرة بعدما كان الفوز في المتناول. وبذل خليلودزيتش، الباحث عن تحقيق "انجاز" في اول مشاركة له كمدرب في المنافسة العالمية بعد أن اقيل من تدريب منتخب ساحل العاج عشية مونديال 2010 بجنوب افريقيا، كل ما في وسعه من اجل عدم تكرار سيناريو مونديال 2010 عندما سقطت الجزائر امام سلوفينيا صفر-1 وتعادلت مع انكلترا سلبا وخسرت امام الولايات المتحدة صفر-1 وخرجت خالية الوفاض. واجرى خليلودزيتش تغييرات جذرية على التشكيلة التي خاضت مباراة بلجيكا لتصحيح بعض النقائص فاستبعد فوزي غلام ظهير نابولي الايطالي ولاعبي الوسط مهدي مصطفى (اجاكسيو الفرنسي) وسفير تايدر (انترميلان الايطالي) والمهاجمين رياض محرز (ليستر الانكليزي) وهلال سوداني (دينامو زغرب الكرواتي)، لحساب عيسى مندي، جمال مصباح، ياسين براهيمي والمهاجمين عبد المؤمن دابو واسلام سليماني. وافتتح سفيان فغولي فرص اللقاء بتسديدة يسارية عالية فوق المرمى (2). وطالب الجزائريون بركلة جزاء اثر عرقلة من كيم يونغ-غوون على فغولي تابعها براهيمي (24 عاما) لاعب رين الفرنسي فوق العارضة (4). وارتطمت رأسية سليماني من داخل المنطقة في الشباك الجانبي الايمن لكوريا (9). وبعد بداية جزائرية قوية، تحسن المنتخب الطوري في نهاية اول ربع ساعة وبدأ بالوصول الى مرمى رايس مبولحي. وخطف سليماني هدفا جميلا للجزائر عندما استقبل كرة بعيدة من كارل مجاني فانسل بين الدفاع وزرع الكرة بهدوء وذكاء في شباك الحارس جونغ سونغ ريونغ (26). وبعد ثوان قليلة على الهدف كاد براهيمي يصيب المرمى من تسديدة يمينية داخل المنطقة ابعدها الدفاع الى ركنية (27). ومن الركنية التالية وصلت كرة عبد المؤمن جابو لاعب الافريقي التونسي الى رأس الاختصاصي بالكرات الهوائية رفيق حليش فاطلقها قنبلة في المرمى الكوري مانحا الجزائر تقدما عزيزا بهدفين نظيفين (28). وبهدف حليش تكون الجزائر قد سجلت هدفين في مباراة واحدة من المونديال لاول مرة منذ فوزها على تشيلي 3-1 في مونديال 1982. ومن كرة جزائرية من اول الملعب شتت الدفاع الكوري الكرةعن طريق الخطأ فوصلت الى سليماني داخل المنطقة الذي عكسها ارضية الى جابو (27 عاما) فتابعها بيسراه ذكية في الزاوية اليسرى لمرمى "محاربي تايغوك" (38) لينتهي الشوط الاول بثلاثية نظيفة. ولم يتاخر الكوريون الذين خاضوا مباراتهم الثلاثين في المونديال وهو افضل رقم اسيوي، بالضغط مطلع الشوط الثاني فاستفاد سون هيونغ مين مهاجم باير ليفركوزن الالماني من خطأ تقديري لمجيد بوقرة فراوغ داخل المنطقة مسددا في شباك مبولحي ومقلصا الفارق الى هدفين بعدما سجل هدفه السابع الدولي (50). حاول حليش الرد عليها بسرعة من رأسية جديدة اثر ضربة حرة صدها الحارس (52)، لكن الكوريين الذين افسدوا فوزا في المتناول امام روسيا بعد تقدمهم بهدف لي كيون-هو منتصف الشوط الثاني قبل ان تستقبل شباكهم هدف التعادل بواسطة الكسندر كيرجاكوف، دخلوا برغبة واضحة وهي تعديل النتيحة في زمن قياسي فسرعوا من وتيرة المباراة ليبعد عيسى مندي لاعب رينس الفرنسي الكرة عن خط مرماه منقذا الجزائر. واطلق كي سونغ يونغ لاعب وسط سندرلاند الانكليزي كرة صاروخية من نحو 35 مترا ابعدها مبولحي المحترف في بلغاريا مع سسكا صوفيا ببراعة (60). لكن الرغبة الجزائرية بهز الشباك لم تحبط، فمن جملة فنية رائعة بين فغولي لاعب وسط فالنسيا الاسباني وبراهيمي سدد الاخير ببرودة اعصاب من مسافة قريبة معيدا فارق الاهداف الثلاثة وموقعا هدفه الدولي الاول (62). وعادت الحماسة الى المباراة بعد كرة طويلة من كوريا لم يسحن الدفاع بابعادها فسددها سون من مسافة قريبة ارتدت الى لي كيون هو فعكسها على باب المرمى الى كو جا تشيول الذي تابعها في المرمى شبه الخالي (72). ورفع لي يونغ عرضية خطيرة كادت تهز شباك مبولحي ابعدها ببراعة الى ركنية (73). وبعد دخول نبيل غيلاس ومهدي لحسن بدلا جابو وبراهيمي المميز سدد الاول برأسه كرة خطيرة فوق العارضة (79)، ليحافظ الجزائريون على نصرهم الكبير حتى نهاية اللقاء. وهذا الفوز الاول للجزائر في مواجهتين مع كوريا، بعدما التقيا مرة واحدة سابقا وكانت قبل 29 عاما وتحديدا في 13 ديسمبر 1985 في مباراة ودية في المكسيك استعدادا للمونديال الذي استضافته الاخيرة وانتهت بفوز الاسيويين بهدفين نظيفين.
وهذه اول مرة تخسر كوريا الجنوبية امام خصم افريقي في المونديال بعدما فازت على توغو 2-1 في 2006 وتعادلت مع نيجيريا 2-2 قبل اربع سنوات.