خسر الرجل الثاني في مجلس النواب الامريكي الجمهوري اريك كانتور الانتخابات التمهيدية الثلاثاء، امام مرشح حزب الشاي الذي حقق فوزا مفاجئا جاء بعد هزائم متتالية للحركة المحافظة المتشددة في البلاد. وحسب النتائج شبه النهائية للانتخابات التي جرت في الدائرة السابعة بفرجينيا، فاز استاذ الاقتصاد في احدى جامعات فرجينيا ديفيد برات بسهولة على اريك كانتور مع 55,5% من الاصوات، أي بفارق سبعة آلاف صوت تقريبا من اصل 64 الفا. وصرح برات لشبكة فوكس تي في: «أنا اركز تماما على قضايا جمهورية بحتة. على الجمهوريين ان يقوموا بجهد اكبر فيها، وعندها سنخرج البلاد من الورطة". وتابع برات: ان "الناس مستعدون لتغييرات كبيرة في البلاد، وأنا انسب هذا النجاح الى الله... انها معجزة لا تصدق". من جهته، أقر كانتور بهزيمته التي اعتبرها "مخيبة للامل"، وصرح في كلمة مقتضبة: «انا اؤمن بهذه البلاد، وبأن هناك فرصة في مرحلة لاحقة لكل واحد منا». وأعرب رئيس مجلس النواب جون باينر عن تعاطفه مع كانتور، وقال: «لقد مررنا - كانتور وأنا - بالكثير من التجارب معا. انه صديق وقائد عظيم وشخص اعتمد عليه بشكل يومي عندما نتخذ قرارات صعبة يمليها علينا واجبنا». وعلق مات كيب رئيس فريدوم ووركس، احدى المنظمات الوطنية لحزب الشاي، ان "رسالة قاعدة الحزب واضحة جدا. المركز والسلطة ليسا مهمين. اذا ابتعدتم عن الناشطين على الارض فمقعدكم في خطر". صدمة بالأوساط السياسية وأثارت الخسارة صدمة في الاوساط السياسية؛ إذ ان كانتور كان من بين اقوى الجمهوريين في البلاد، وكان من المتوقع ان يخلف الرئيس الحالي لمجلس النواب جون باينر. ويأتي الفوز بعد سلسلة هزائم لمرشحي حزب الشاي في الانتخابات التمهيدية في ولايات اخرى، امام نواب انتهت ولايتهم ومدعومين من الحزب الجمهوري الذي بدا وكأنه يستعيد السيطرة بعد سنوات من الانقسامات الداخلية. وتلقى اريك كانتور الدعم المالي من عدة جمعيات مرتبطة بإدارة الاعمال، وتخطت موارده المالية موارد خصمه غير المعروف كثيرا. إلا ان حزب الشاي انتقد العديد من الجمهوريين المنتهية ولايتهم؛ لجهة انفتاحهم على اصلاح قوانين الهجرة، وتصويتهم على الموازنة والدين العام. وركز برات حملته على موضوع الهجرة. وذكر الديموقراطيون مساء الثلاثاء ان كانتور لم يكن معتدلا، فقد كان يحظى في السابق بدعم حزب الشاي، ولم يتخذ ابدا موقفا واضحا ازاء تطبيع اوضاع المهاجرين غير الشرعيين. وكان كانتور قد سعى الى تغيير الانطباع العام حول الجمهوريين بأنهم يكتفون بالاعتراض، إذ ركز على تقديم مقترحات مقابلة. وبدفع منه صوت مجلس النواب على سلسلة من الاجراءات الاقتصادية لصالح الطبقة الوسطى. ويقلل فوز برات بشكل كبير فرص تبني اصلاح قانون الهجرة هذا العام في الكونغرس، فقد أقر مجلس الشيوخ العام الماضي اصلاحا تاريخيا لقانون الهجرة صوت عليه الحزبان في 2013، الا ان مجلس النواب اعترضه؛ اذ اعتبر العديد من النواب الجمهوريين ان الطريقة التي يسهل بها حصول ملايين المهاجريين الذين لا يحملون اوراقا ثبوتية على الجنسية هي نوع من "العفو". وكان كانتور أيد التشريع الذي كان سيسمح لأولاد المهاجرين غير الشرعيين بالبقاء وبالحصول على الجنسية الامريكية، بينما تبنى برات الموقف المضاد. وفي الجانب الديموقراطي، يتم تحليل النتائج على انها دليل على تبني الجمهوريين للافكار المتطرفة لحزب الشاي، من تشدد في الموازنة ومواقف محافظة للغاية في المسائل الاجتماعية. وعلقت لجنة اميركان بريدج السياسية القريبة من الديموقراطيين: "هذه الامسية ستعيد النظر في فكرة ان الحزب الجمهوري نجح في القضاء على حزب الشاي". إلا ان الانتخابات لم تكن كلها سيئة بالنسبة الى الجمهوريين المنتهية ولايتهم. ففي كارولاينا الجنوبية، فاز السناتور المنتهية ولايته ليندسي غراهام بأكثر من نصف الاصوات امام عدة منافسين من حزب الشاي، بحسب وسائل الاعلام الامريكية، ما يجعل من الصعب تحليل مدى قوة حزب الشاي، خصوصا وان غراهام كان احد مهندسي مشروع الاصلاح التاريخي لقانون الهجرة الذي اقره مجلس الشيوخ في 2013. مشكلة السلاح في سياق آخر، طالب الرئيس الامريكي باراك أوباما بتشديد القيود على حيازة الاسلحة، عقب آخر حادث إطلاق نار شهدته مدرسة أمريكية. وقال أوباما في إجابته على موقع تمبلر الالكتروني للتواصل الاجتماعي: إن مشكلة تكرار حوادث إطلاق النار - التي يقوم بها أشخاص مضطربون - ليست ناجمة عن خدمات الصحة العقلية، ولكن ناجمة عن تساهل النظم الخاصة بحيازة الاسلحة في الولاياتالمتحدةالامريكية. وقال: "الولاياتالمتحدةالامريكية لا تحتكر المجانين. هي ليست الدولة الوحيدة التي بها أشخاص مضطربون عقليا، ومع ذلك فنحن نقتل بعضنا البعض في حوادث إطلاق النار بمعدلات أعلى مع أي مكان آخر، حسنا، ما الفرق؟". وأضاف: "الفرق أن هؤلاء الأشخاص لدينا يمكنهم تخزين كم هائل من الذخيرة في منازلهم". وكان طالب قد قتل - الثلاثاء - زميله في مدرسة ثانوية بولاية أوريجون، قبل انتحاره، بحسب ما قالته الشرطة. ويعد هذا الحادث الاحدث ضمن سلسلة من حوادث إطلاق النار العشوائي في الولاياتالمتحدةالامريكية. سجن جوانتانامو من جهة ثانية، وافقت لجنة بالكونجرس الامريكي على حظر استخدام اموال اتحادية لنقل المعتقلين من سجن جوانتانامو، مع غضب المشرعين من إحجام البيت الابيض عن ابلاغهم مسبقا بمبادلة سجناء من طالبان بالقاعدة العسكرية الامريكية في كوبا بجندي امريكي أسرته الحركة المتشددة في افغانستان. وصوتت لجنة المخصصات بمجلس النواب بأغلبية 33 ضد 13 صوتا بالموافقة على إدراج تعديل جوانتانامو في مشروع قانون مخصصات الدفاع السنوي البالغ قيمته 570 مليار دولار. ومن المتوقع ان يقترع المجلس بكامل هيئته على مشروع القانون الاسبوع القادم. وأثار اطلاق سراح الجندي الامريكي بوي بيرجدال في 31 مايو ايار، بعد ان احتجزته طالبان خمس سنوات، في مقابل الافراج عن خمسة من سجناء الحركة من جوانتانامو دون ابلاغ الكونجرس مسبقا غضب الكثير من المشرعين الامريكيين، وخصوصا الجمهوريين الذين تراودهم شكوك بالفعل بشأن نية الرئيس الديمقراطي باراك اوباما المعلنة لإغلاق سجن جوانتانامو. ومن ناحية اخرى، قدم 12 عضوا جمهوريا بمجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون مشروع قرار يدعو الى تحقيق في الافراج عن سجناء طالبان الخمسة من جوانتانامو. ووعد رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب بالفعل بإجرء تحقيق في المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون.