"دارِينُ" والتَّارِيخُ والأمْجادُ وعَلاقَةٌ لمْ تطْوِها الأبْعادُ عُقِدَتْ عُراها لم يُقَلِّلْ شَأنها قِدَمُ العُهُودِ فأهْلُها أجْوادُ حفظتْ مآثِرَها القلوبُ وأينعَتْ في ظِلِّها كمْ أوْرَقَ الإسْعادُ وبأرضِها بَدَتِ الحَياةُ رَخِيَّةً وبها المَواسِمُ خَصْبَةٌ وحَصادُ وتَوَثَّبَتْ فِيها العَزائِمُ جَمَّةً في حُبِّها كمْ يَلْتقِي الأنْدادُ "عشتارُ" يَبْقى في أدِيمِكِ ذِكْرُها طابَتْ لها في فيْئِكِ الأعْيادُ خَطَّتْ على سِفْرِ الزَّمانِ نَشِيدَها وبِهِ الهَوَى والحُبُّ والمِيلادُ **** صُوَرٌ من الماضِي البَهِيِّ كأنَّها ألَقٌ بِهِ تتناغَمُ الأضْدادُ ما بَيْنَ ماضٍ فيهِ تأتقُ الرُّؤى أو حاضِرٍ شَمَختْ بِهِ الأمَجادُ عَهْدٌ من التجْدِيدِ في أيامِهِ يُبْنى السَّنا الماضِي وفيهِ يُعادُ بُجْرُ الحَقائِبِ في ثراكِ تيمَّمُوا قَبْلَ الرَّحِيلِ وجُلُّهُمْ رُوَّادُ صَحْراءُ تلفَحُ بالسُّمُومِ وجُوهَهُم فيها اللظَى والجُوعُ والإجْهادُ لكنَّهُ الأمَلُ الكبيرُ يَحُثُّهُمْ مهما تحُولُ مَفاوِزٌ ووِهادُ ***** "دارِينُ" ليلُكِ تنْجَلِي صَفَحاتُهُ عَجْلَى ويُشْرِقُ نُورُكِ الوَقَّادُ ما مَسَّكِ الضُّرُّ الذي حَفلتْ بِهِ تلك الليالِي إذْ يَعُمُّ سَوادُ أهْلُوكِ قَدْ مَنَحُوا الحَضارَة مَجْدَها بِهِم احْتفَتْ عَبْرَ الزَّمانِ بِلادُ وعلى رُبوعِكِ حين تأْتلِفُ الرُّؤى من كلِّ طائِفةٍ يَفيضُ وِدادُ مِسْكٌ تَضَوَّعَ لا يُحَدُّ عبيرُهُ يَنْهالُ عِطْراً ما اعْتراهُ فَسادُ والغَوْصُ لما في هَوَاهُ تسابَقُوا لم يَثْنِهِمْ ضَعْفٌ بِهِ وكَسادُ زُفَّتْ إليكِ سَفائِنٌ في عرْسِها وبِمَوْكِبٍ شَهِدَتْ لهُ الأجْدادُ وهنا "ابنُ يامِنَ" إذْ يَقُوُد سَفِينَهُ شَقَّتْ بُحُوراً قادَها الرُّوَّادُ مَخَرَتْ عُبابَ البَحْرِ كأن شِراعَها نَسَجَتْهُ أيْدي الجِنِّ وهيَ شِدادُ واللؤْلؤُ المَحْفُوظُ في وَكناتِها كَمْ أتْعَبَ الغَوَّاصَ إذْ يَصْطادُ تلك السَّواعِدُ ماهِراتٌ سامَها جَهْدٌ رَعَتْهُ عَزِيمَةٌ وعِنادُ نَفَرٌ مِنَ الأفْذاذِ باعُوا أمْنَهُمْ كي يَنْعَمُوا إنْ بالغَنائِمِ عَادوا و"النوُّخذا" يَشكُو فِراقَ أحِبَّةٍ والكُلُّ طَوْعُ بَنانِهِ يَنْقادُ و"الغَيْصُ" يَرْمِي للهَلاكِ بِنفْسِهِ ما كان يَشْكو إنْ جَفاهُ رُقادُ لولا جهودُ "السيبِ" ما دانتْ لهُمْ تلكَ البِحارُ وما نجَتْ أجْسادُ لم يعْترِ "التبابَ" ضَيْمٌ ساعَةً ولهُ التَّعَلُّمُ.. غَايَةٌ ومُرادُ "نَهَّامُ" غنَّى كيْ يُطارِدَ هَمَّهُمْ وهُياجَ بَحْرٍ مَوْجُهُ يَزْدادُ سَهَرَ الجَمِيعُ على شَجِيِّ غِنائِهِ ب "السامِرِي" تتمايَلُ الأجْسادُ حَضَرَتْ أساطِيرُ البِحارِ وهَوَّمَتْ أرْواحُ مَنْ جابُوا البِحارَ وسَادُوا سِحْرٌ مِنَ الماضِي البَعِيدِ يَزُفهُمْ ليُغامِرُوا (إن الحَياةُ جِهادُ) كتبوا على أفْقِ الزَّمانِ تُراثهُمْ قصصاً يَشِيبُ لِهولِها الأولادُ ***** "دارِينُ" والأمَلُ المُتوَّجُ بالهَوَى في سَعْيِها قِمَمُ العُلا ترْتادُ في أهْلِها ألَقُ المَحَبَّةِ ضَمَّهُمْ عَجَزَتْ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ أحْقادُ وكذا الذي عَرَفَ الحَياة بِقُرْبِهِم كمْ تعْتريهِ لهْفَةٌ ومَعادُ وإذا اسْتقامَ الناسُ في أخْلاقِهِمْ لهُمو يَطيبُ العَيْشُ حيثُ أرادوا دارين: كانت من أهم مراكز تجارة اللؤلؤ في الخليج العربي، وكان ميناؤها منفذا هاما للتجارة الخارجية، وملتقى البضائع المستوردة والمصدرة من وإلى الهند والصين وإفريقيا، وفي السنوات الأخيرة بدأت الحياة تزدهر في ربوعها، كما هو الحال في مدن المنطقة الشرقية الأخرى. عشتار: هي ربة الحب والجمال والحرب عند البابليين الذين استوطنوا المنطقة. ابن يامن: ملاح من الخليج ورد اسمه في معلقة طرفة بن العبد في قوله: عَدَوليَّةٌ أو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي النوخذا: رئيس رحلة الغوص على اللؤلؤ. الغيص: هو الغواص الباحث عن اللؤلؤ في أعماق البحار. السيب: هو مساعد الغواص ومهمته سحب الغواص من أعماق البحر. التباب: وجمعها التبابة وهم صبية الرحلة القائمون على خدمة الجميع. النهام: هو مطرب الرحلة ومنشد أهازيج البحر المرتبطة بالرحلة من بدايتها وحتى نهايتها.