من التبعات غير المقصودة للصراع السياسي العراقي هو تراجع تكلفة اقتراض الحكومة العراقية. العوائد على السندات العراقية استحقاق 2028 هبطت اليوم 101 نقطة أساس لهذا العام الى 6.64%، وذلك ضمن نطاق 3 نقاط أساس من أدنى مستوى لها منذ مارس 2013. وحقق السند عوائد بنسبة 13 في المائة خلال تلك الفترة، وفقاً لبيانات من تجميع بلومبيرج، وأكثر من مرتين من متوسط السندات السيادية المقومة بالدولار الصادرة من أعضاء أوبك في الشرق الأوسط. كذلك ارتفع احتياطي العملات الأجنبية بنسبة 33% الى 88 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2012 بعد تفوق العراق على إيران في الانتاج كثاني دولة منتجة للنفط في الأوبك. الخلاف حول توزيع عائدات النفط بين الحكومة والأكراد ذوي الاستقلال الذاتي هو واحد من الصراعات التي تؤخر الموافقة على الموازنة بقيمة 145.9 مليار دولار لعام 2014. كما أن الاقتتال الطائفي في البلاد التي عقدت انتخابات في الشهر الماضي، هو الأكثر منذ عام 2009. «من المنظور المالي، فإنهم يزدادون قوة حينما في الوقت الذي يتم فيه تأجيل الإنفاق وهم يراكمون الاحتياطيات مع بقاء إنتاج البترول ثابتا»، كما يقول محيي الدين قرنفل، مدير الاستثمار للصكوك العالمية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا- الدخل الثابت في فرانكلين تمبلتون للاستثمارات- قسم الشرق الأوسط. إن العراق مع وجود أكبر خامس احتياطيات النفط في العالم، يعيد بناء صناعة الطاقة في البلاد بعد عقود من الحرب والمقاطعة الاقتصادية. مع مبالغ مقدمة من المستثمرين بما فيهم رويال دوتش وشل وايكسون موبيل، وبينت البيانات التي جمعتها بلومبيرج أن الدولة ضخت 3.25 مليون برميل يومياً في ابريل، والسعودية هي الوحيدة في أوبك التي تنتج كميات من النفط أكثر من ذلك. من المتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 5.8% هذا العام، مرتفعاً من 3.7% في 2013، طبقاً لمصادر صندوق النقد الدولي، وحتى مع ذلك، فالاستثمار في مجالات غير الطاقة، على المساكن والحاجات الاجتماعية الأخرى، كان يتباطأ وسط المشاحنات السياسية. يقول قرنفل: «كلما زاد الاستقطاب وخطورة الوضع الأمني في العراق، قلت قدرتهم على تنفيذ حاجاتهم الملحة، وتخصيص رؤوس أموال أكبر بكثير للصرف». نوري المالكي، رئيس الوزراء من كتلة دولة القانون، والذي نال النسبة الأكبر من الأصوات في انتخابات 30 أبريل، يحاول الوصول الى اتفاقية مع الأحزاب المعارضة لبقائه في الحكم لدورة ثالثة. الأحزاب بما فيها المجلس الاسلامي الأعلى في العراق تتهم المالكي برفض المشاركة في الحكم. وما ساهم في تعقيد الأوضاع الأمنية هو الصراع الطائفي، وتفاقم الحرب الأهلية في الجارة سوريا. السيارات المتفجرة، وغيرها من أشكال العنف، قتلت 3015 مدنياً في الثلاثة الأشهر الأولى هذا العام، طبقاً لأحصائيات موقع إلكتروني عراقي غير رسمي. العائد على السندات العراقية الوحيدة هبط من 9% في عام 2006، عندما أصدرت الحكومة 2.7 مليار دولار من السندات لتتمكن من إعادة هيكلة الديون المتراكمة من عهد الرئيس الأسبق صدام حسين. إن طلبات زيادة العائد من المستثمرين لامتلاك سندات الدولار العراقية بدلاً من سندات الخزينة قد هبطت 112 نقطة اساس، أو 1.12% منذ 6 فبراير هذه السنة الى 423 نقطة اساس بالأمس، طبقا للمؤشرات العالمية (EMBI) من بنك جي بي مورجان تشيس وشركاه. كما أن الفرق في العوائد بين سندات الخزينة وسندات دول منطقة الشرق الأوسط تراجع أيضاً بمقدار 48 نقطة أساس في نفس الفترة. وقد انخفض الفرق بالنسبة إلى العراق يوم 12 مايو الى أدنى مستوى له منذ أغسطس 2011. «العراق يمكن أن يقوم باسترداد كل السندات الصادرة بالقيمة الاسمية بعائدات تصدير النفط المتحققة في عشرة أيام فقط»، كما يقول جيفري بات، العضو المنتدب الذي يتولى إدارة مبالغ تصل إلى 110 ملايين دولار، وهو صندوق الفرات العراقي. ويقول: «هذا يشكل هامشاً واسعاً من الأمان. هناك الكثير مما يمكن أن يسوء، لكن المستثمرين لا يزال بإمكانهم تحقيق عائد مالي جيد للغاية».