تعمل بعض البنوك المركزية لتقليص حصة الأوعية المالية الأمريكية في احتياطياتها من النقد الأجنبي لكن مثل هذه التحولات تطغى عليها الأموال التي تستثمرها الدول الغنية بالنفط في الأوراق المالية الأمريكية للمحافظة على ربط عملاتها بالدولار.واشتد الحديث في السوق عن تنويع الاحتياطيات في الآونة الأخيرة بعد أن بدأ البنك المركزي لأوكرانيا شراء الاسترليني من أجل احتياطياته، وقالت الصين إن مشكلات شركات الرهن العقاري الأمريكية تعرض للخطر احتياطياتها من النقد الأجنبي البالغة قيمتها 1.8 تريليون دولار، وهي الأكبر في العالم.وترددت أنباء عن قيام البنك المركزي لكوريا الجنوبية ببيع 15 مليار دولار من احتياطياته في (يوليو) لدعم العملة المحلية الوون من أجل الحد من مخاطر التضخم المتزايدة.غير أن محللين يقولون إن أسعار النفط المرتفعة ستكفل استمرار تدفق عائدات صادرات النفط على خزائن منتجي النفط وكثير منهم دول خليجية تربط عملاتها بالدولار ومضطرة إلى إعادة استثمار مثل هذه التدفقات في أوعية مالية أمريكية تكون في العادة سندات خزانة، وذلك من أجل المحافظة على ربط عملاتها بالدولار.وقال أحد المحللين (إذا صحت تنبؤات أسعار النفط، فإن هؤلاء الناس سيحققون فوائض لم يسبق لها مثيل في موازين المعاملات الجارية، وسيكون هناك في المقابل عجوز في هذه الموازين في أنحاء العالم، وسيبقى أكبر بلد من حيث العجز هو الولاياتالمتحدة).وأضاف قوله (ولا أدري على وجه الدقة ما الأوعية المالية التي سيشترونها لكن على مستوى التحليل الاقتصاد الكلي، فان تلك الفوائض ستمول عجوز الميزانية في الولاياتالمتحدة). وكانت أسعار النفط الخام قفزت قريبا من 150 دولارا للبرميل الشهر الماضي، ولا تزال مرتفعة نحو 23 في المائة، عما كانت عليه بداية هذا العام مع أن الأسعار تراجعت منذ ذلك الحين إلى ما دون 120 دولارا.وأظهر مسح أجرته (رويترز) في الآونة الأخيرة أن هذه الأسعار المرتفعة تعني أن عائدات النفط لأكبر أربعة منتجين للنفط في الشرق الأوسط ستزيد نحو 50 في المائة هذا العام عما كانت عليه في عام 2007 . وتخلت الكويت عن ربط عملتها بالدولار لكن السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر أبقت على هذا الربط، واستثمرت عائدات بيع النفط في أوعية استثمارية أمريكية للمحافظة على ربط عملاتها بالدولار. وأدى تدخلها النشط على نحو متزايد في أسواق الصرف الأجنبي إلى تزايد احتياطياتها الرسمية من العملات إلى 149 مليار دولار في عام 2007 أي مثلي ما كانت عليه في عام 2006 تقريبا. وتذهب تقديرات بنك دويتشه إلى أن الدول الأربع الأعضاء في أوبك يبلغ نصيبها ربع صادرات الخام في العالم ويقول البنك إن صافي حيازات الدول الأربع من الأوعية المالية الأجنبية سيبلغ إجمالا 1.6 تريليون دولار بنهاية العام مرتفعا من 1.2 تريليون في نهاية عام 2007. ويأتي هذا بالمقارنة مع الاحتياطيات المجمعة من الصرف الأجنبي للبنوك المركزية العالمية وقدرها 6.8 تريليون دولار مع قيام صناديق الثروة السيادية - وهي صناديق مملوكة للدول ولديها رغبة أكبر في تحمل المخاطر- بإدارة استثمارات تبلغ إجمالا ثلاثة تريليونات دولار. قياسا على أساس افتراض أن أسعار النفط ستحوم في نطاق بين مئة دولار و125 دولارا في الأعوام السبعة القادمة تذهب تقديرات دويتشة بنك إلى أن إجمالي الأوعية الاستثمارية الأجنبية للمنتجين الأربعة الكبار في أوبك ستنمو إلى أربعة تريليونات دولار بنهاية عام 2015. تزايد الحديث عن سعي البنوك المركزية إلى تنويع احتياطياتها مع هبوط الدولار إلى مستويات قياسية متدنية في وقت سابق من هذا العام مقابل اليورو وعملات أخرى لكن محللين قالوا إن الطلب على سندات الخزانة الأمريكية التي تتميز منذ وقت طويل بأمانها وسيولتها من غير المحتمل أن يتراجع. ومن المعروف أن البنوك المركزية تكره المخاطرة وجعلت الفوضى الدائرة في أسواق المال العائد على سند الخزانة الأمريكية لمدة عشرة أعوام يحوم حول 4 في المائة بعد أن هوى إلى أدنى مستوى له في خمسة أعوام 3.3 في المائة في وقت سابق من هذا العام.