يراهن اللبنانيون على الجلسة الخامسة لانتخاب الرئيس الرابع عشر المقررة الخميس المقبل، بعد ان اخفقت الجلسات الاربع المتعاقبة التي عقدها مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية في انتخاب رئيس جديد بفعل سلاح تعطيل النصاب، فيما دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي النواب الى انتخاب رئيس قبل الأحد و «إلا لحقهم العار» ، مذكّراً الساعين الى الفراغ ب«النتائج الوخيمة التي خلّفها الفراغ ما بين 1988 و1990». وأكد الراعي أنه «لا يمكن أن نرضى بالفراغ في سدّة الرئاسة ولو ليوم واحد لأنه انتهاك صارخ للميثاق الوطني، لكونه يقصي المكوّن الأساسي في الحكم وهو المكوّن «المسيحي». ومن باريس أكد الرئيس سعد الحريري في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي «تطابق وجهات النظر» مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حول «ضرورة إنجاز الاستحقاق في موعده ورفض الفراغ والقيام بكل الجهود والاتصالات اللازمة والممكنة لمنع حدوث الفراغ». حزب الله يشترط من جهته، واصل «حزب الله» الحديث عن شروطه لانتخاب رئيس جديد، رغم ما تردّد من أنباء عن إمكان مشاركة كتلته النيابية في جلسة الخميس المقبل في مجلس النواب، فأعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «أننا نريد رئيساً يتمسك بالمعادلة التي حقّقت الانتصار لشعبنا، فلا يتخلّى عنها حين يعرض عليه من الإغراءات ما يدفعه الى التخلّي عن شروط انتصار الشعب والدولة والوطن». وأضاف: إذا كان هذا الاستحقاق قد أعيق تحقيقه فبسبب أن البعض يريد ويتمسّك بترشيح من يريد حرباً أهلية بين الشعب اللبناني، ويريد تفريطاً بإنجاز المقاومة»، ليختم بالقول: إن هذا المرشح «لن يصل الى سدة الرئاسة أيًّا تكن القوى الداعمة له». مسحة تشاؤمية والواقع ان الصورة الاكثر واقعية، ولو مشوبة بمسحة تشاؤمية طاغية على معظم المعطيات الماثلة عن نفاد المهلة الدستورية من دون انتخاب رئيس جديد، رسمها مصدر معني بالاستنفار السياسي الذي أطلقه العد التنازلي للايام الثمانية الاخيرة، اذ قال ل «النهار»: إن مصير الانتخابات الرئاسية يبدو مماثلا لمصير سلسلة الرتب والرواتب، وما عجز عنه مجلس النواب ليل الاربعاء الماضي بعد طول مخاض في عدم التوصل الى انجاز مشروع السلسلة في اللحظة الاخيرة مرشح للانسحاب على الجلسة الانتخابية الخميس المقبل، نظرا الى انعدام أفق التغيير, لكن المصدر لم يستبعد تحقق ما أشار اليه بعض المعلومات من سعي قوى 8 آذار الى توفير النصاب في الجلسة المقبلة، وإن تكن التقديرات لا تخرج عن اطار استعادة مشهد الجلسة الانتخابية الاولى التي لم تحسم لمصلحة اي مرشح. واشارت «النهار» الى ان حركة مشاورات بدأت تحضيرا للجلسة المقبلة لانتخاب رئيس جديد وهي ستدور داخليا وخارجيا، ينتقل فيها رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة الى المملكة لاجراء مشاورات مع الرئيس سعد الحريري. وفي السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، امام زواره: ان الجلسة التي دعا اليها في 22 مايو لن تكون الاخيرة قبل نهاية المهلة الدستورية «وفي حال حصول شغور في موقع الرئاسة ولم ننتخب رئيسا فإنني سأدعو الى جلسات متسارعة كل ثلاثة ايام». وأفاد بري انه تبلغ في ختام جلسة مناقشة سلسلة الرتب والرواتب مساء الاربعاء من نواب 8 آذار انهم سيحضرون وسيشاركون في آخر جلسة قبل انتهاء المهلة الدستورية وسيؤمنون النصاب من غير ان يحددوا ما اذا كانوا سيقترعون بأوراق بيضاء أم سيصوتون لأحد المرشحين. وعن موضوع التشريع بعد 25 مايو في حال عدم انتخاب رئيس الدولة قال بري: «سأستمر في توجيه الدعوة الى جلسات تشريعية متتالية وهذا ما قلته امام الرؤساء تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب وآخرين وشرحت موقفي من هذه المسألة ورفضي التام لتعطيل دور المؤسسة التشريعية التي احترم صلاحياتها وموقعها. من جهته، اعتبر نقيب المحامين اللبنانيين جورج جريج ان «التعطيل الذي تغرق فيه البلاد يعود الى عدم احترام الدستور وعدم العودة الى الدولة، وإلى الاجتهادات المتعددة التي تأتي من كل حدب وصوب لتفسير الدستور ناهيك عن انانية المسؤولين الذين يتنافسون على تحقيق مصالحهم الشخصية». ولم يجد جريج سوى الالتزام بالدستور سبيلاً لمحاربة التعطيل وعدم الوصول الى الفراغ . وحمل مسؤولية التعطيل الى «الانانية» الموجودة عند بعض المسؤولين الذين يفضلون مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن. وقال انه «عندما نسحب «الأنا» ينتهي التعطيل، وعندما نحتكم للدستور نحارب التعطيل، وعندما نسعى لدولة مدنية يختفي الفراغ، لكن المشكلة ان كل شخص يتمترس وراء طائفة». وفي السياق، اتجهت الانظار اللبنانية الى باريس. الحدث هناك، وسرت أخبار كثيرة عن اللقاءات الباريسية، وتفاصيل نشرت قبل انفضاض اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. حركة مكوكية بين العواصم لا توحي باتفاق يمكن ان يبدل معطيات الفراغ الداهم لقصر بعبدا والجمهورية ابتداء من السبت المقبل عندما يغادر الرئيس ميشال سليمان وعائلته المقر الرئاسي اثر احتفال وداعي يوجه خلاله رسالة رئاسية اخيرة الى اللبنانيين. وفي العاصمة الفرنسية مساع جدية، فقد عقد لقاء بين سعد الحريري وسمير جعجع في حضور فؤاد السنيورة. وباريس التي تتولى في هذه المرحلة ادارة الملف الرئاسي اللبناني, باشرت على نحو اكثر جدية اتصالات واسعة لتسهيل إنضاج هذا الاستحقاق، من دون الدخول في اسماء المرشحين. وبرزت دعوة باريس الى «مرشح وفاق اجماعي»، وفيها رسالة الى الزعماء اللبنانيين للاتفاق على مرشح مقبول لدى جميع الافرقاء الداخليين، وهي بمعنى آخر دعوة الى اخراج مرشحي «الصف الاول» من قطار السباق الرئاسي ليحل محلهم مرشحون من «الصف الثاني» بينهم المرشح الذي يمكنه الحصول على هذا التوافق الاجماعي المطلوب. وتخلل لقاء جعجع مع الحريري وضع خريطة طريق للانتخابات الرئاسية وسبل السير بهذا الاستحقاق. وتم الاتفاق على الاستمرار في المعركة الانتخابية لتجنب الوصول الى الفراغ في سدة الرئاسة الاولى. واتفق المجتمعون على حض الكتل والنواب على المشاركة في جلسات الانتخاب وتأكيد وحدة قوى 14 آذار و «قضية شهدائها»، والاستمرار في التصويت لمرشح هذه القوى الدكتور جعجع، مع الانفتاح على أي تسوية تُترجم تأييداً لمرشح آخر يتمتع بحظوظ أفضل، ويتناسب مع البرنامج الذي أطلقه جعجع، ووفقاً لما أعلنه سابقاً في بكركي، على أن تبقى الخطوات التكتيكية المتعلقة بالعملية الانتخابية سرية. ونقلت «النهار» عن مصادر متابعة في العاصمة الفرنسية انه في ضوء اللقاءات التي تعقد هناك من الممكن ان يعقد لقاء آخر للحريري وجعجع. وفي تقويم شامل لهذه التحركات قالت المصادر نفسها: ان لا تقدم قد أحرز حتى الآن في شأن الانتخابات الرئاسية. وفي بيروت سئل سفير دولة كبرى عن حركة الاتصالات هذه، فأجاب: «رفعنا أيدينا»، في اشارة الى تعذر توافر الحلول حتى الساعة.