من الملفات الغامضة التي يحار المواطن في فك أسرارها وألغازها ملف استقدام العمالة من اندونيسيا والفلبين وسيرلانكا وبالتحديد العمالة المنزلية فكل يوم يمر تزداد المشكلة تضخما وتزداد تعقيدا وتدخل في متاهات السرية والغموض. حتى التصريحات المختصرة جدا التي يتم تداولها في الإعلام للمسئولين عن هذا الملف تبدو تصريحات مغلفة بالغموض حتى تشك في أن الجهات المعنية تعامل الملف كأنه أحد الأسرار الوطنية التي يجب أن تحجب عن العامة وعن المستفيدين من هذه الخدمة. مع أن الملف يخص كل بيت ويكاد يصيب بسهمه أغلب الأسر السعودية التي تعودت على العمالة المنزلية منذ عهد الطفرة الأولى حتى أدمنت الأسر العمالة المنزلية في ظاهرة لا توجد بكثافة سوى في دول الخليج التي أنعم الله عليها بالنفط. اللجنة الوطنية للاستقدام حين تعاملت مع الملف لم تدرك وقتها أنه ملف شائك ويحمل دلالات اقتصادية وسياسية وحقوقية وتعاملت معه من باب (البزنس) وخدمة جهات لها مصالح تجارية في سوق العمل مما أوقعها في شراك كثيرة لم تستطع التخلص منها حتى الآن.. لا أحد يعرف الحقيقة الكاملة في ملف استقدام العمالة المنزلية من اندونيسيا مثلا هل المشكلة تتعلق بزيادة العمولات المالية لمكاتب الوساطة في اندونيسيا أم للمكاتب في السعودية أم في قوانين الحكومة الاندونيسية وضغوطاتها لتحسين فرص العمل لمواطنيها في المملكة مثل زيادة الرواتب وغيرها من امتيازات؟ اللجنة الوطنية للاستقدام حتى يوم تصرح أنها لا تستطيع التصريح لأن المفاوضات لم تنته رغم أن الأزمة تجاوزت العام مما يؤكد أنها ليست قادرة على إنهاء الملف وربما تحتاج مساعدة خاصة من قبل مستشارين قانونيين ومن خبراء وزارة العمل للوصول إلى حل للمشكلة مع الدول والجهات المعنية بالمشكلة أما سياسة الغموض والتسويف وإيهام المواطنين بان كل هذا التأخير لمصلحتهم فلم يعد يجدي وتسويقه أصبح فاشلا وعلى الجهة المعنية بالملف سواء اللجنة الوطنية للاستقدام أو وزارة العمل الاعتراف بالفشل في إدارة الأزمة. ليس من المصلحة إحاطة أي قضية تهم المواطن بالغموض والسرية وإخفاء الحقيقة الكاملة وحقنه بالمهدئات والمسكنات إلى أن تحل القضية جذريا بعد شهور أخرى تكون بمثابة العبء الكبير على الأسر السعودية. نأمل من المسئولين عن الملف أن يملكوا الشجاعة الكاملة ليكشفوا الحقيقة مهما بلغت أو أن يتخلوا عن الملف لمن هم أقدر منهم في إدارته.