استمرت المحاولات الأمريكية لانقاذ محادثات السلام في الشرق الاوسط من الانهيار دون بادرة تذكر على إحراز تقدم امس الاثنين بعد أن التقى المفاوضون وسط تهديدات من اسرائيل بالرد على ما اعتبرته تحركات فلسطينية من جانب واحد سعيًا للحصول على وضع الدولة، فيما يطالب الفلسطينيون بتعهد مكتوب من حكومة نتنياهو تعترف فيه بدولة فلسطينية. ودخلت المفاوضات التي تجري بوساطة أمريكية مرحلة الأزمة الاسبوع الماضي بعد أن امتنعت اسرائيل عن تنفيذ وعدها بالافراج عن نحو 25 أسيرًا فلسطينيًا، وطالبت الجانب الفلسطيني بإبداء التزامه بمواصلة المحادثات بعد انتهاء المهلة المتفق عليها بنهاية الشهر. ويوم الثلاثاء الماضي وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس 15 اتفاقية عالمية من بينها اتفاقيات جنيف -التي تتناول حالات الحرب والاحتلال- باسم دولة فلسطين في خطوة تتسم بالتحدي فاجأت واشنطن وأغضبت اسرائيل. وقال مسؤول أمريكي لرويترز: إن الجانبين اجتمعا مساء الأحد «لبحث سبل التغلب على الأزمة في المحادثات»، وطلبا من واشنطن ترتيب جلسة أخرى اليوم الاثنين. ولم تثر الخلافات أي اهتمام يذكر على مستوى المواطن العادي بعد أن اعتاد الاسرائيليون والفلسطينيون على الصراع وجمود مفاوضات السلام على مدى عشرات السنين. ومع اقتراب عيد الفصح اليهودي تركز العنوان الرئيسي لصحيفة يديعوت احرونوت الاوسع انتشارًا في اسرائيل على محنة الفقراء، ونشرت تقريرًا عن محادثات السلام أسفل الصفحة السادسة. ولم يحضر جلسة مناقشة خاصة لعملية السلام امس الاثنين في الكنيست سوى أقل من 20 نائبًا من اجمالي عدد الأعضاء البالغ 120 نائبًا. وفي قرية قريبة من مدينة رام اللهبالضفة الغربية علق حلاق فلسطيني على المفاوضات قائلًا: «كلنا مشغولون بسداد فواتيرنا. الاسعار ارتفعت والوظائف قليلة جدًا». ووصف مسؤول إسرائيلي اجتماع الأحد بأنه «عملي»، لكنه لم يذكر تفاصيل. وقال مسؤول فلسطيني: إن الجانب الفلسطيني قدم شروطه لإطالة أمد مفاوضات السلام بعد انقضاء موعدها الأصلي في 29 أبريل نيسان. وقال فلسطينيون: إن توقيع المعاهدات الدولية يعد تطورًا طبيعيًا بعد اعتراف الجمعية العامة للامم المتحدة بدولة فلسطين عام 2012. وقالوا أيضًا: إن التوقيع جاء ردًا على امتناع اسرائيل عن اطلاق سراح الأسري. وواجهت محادثات السلام صعوبات منذ بدأت في يوليو الماضي بسبب معارضة الفلسطينيين لمطلب اسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية وبسبب المستوطنات المقامة على الاراضي الفلسطينية. وقال مسؤول كبير في حركة فتح: إن الفلسطينيين يريدون تعهدًا مكتوبًا من حكومة نتنياهو تعترف فيه بدولة فلسطينية على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة اللتين استولت عليهما اسرائيل في حرب 1967 على أن تكون القدس عاصمة لها. ووصفت اسرائيل حدود 1967 بأنها لا تسمح لها بالدفاع عن نفسها، كما أنها تعتبر القدسالشرقية جزءًا من عاصمتها رغم أن ذلك لا يلقى اعترافًا على المستوى الدولي. وانسحبت اسرائيل من غزة عام 2005. وقال مسؤول حركة فتح: إن الفلسطينيين يطالبون بوقف الأنشطة الاستيطانية وإطلاق سراح الأسرى. لا اختراق وكشف مسؤولون فلسطينيون امس ان الاجتماع الثلاثي الذي ضم الوفدين الفلسطيني برئاسة كبيرالمفاوضين صائب عريقات والاسرائيلي برئاسة تسيفي ليفني وبحضور المبعوث الامريكي لعملية السلام مارتن انديك لم يحقق اي اختراق او تقدم في المفاوضات بين الطرفين. قال مسؤول فلسطيني فضل عدم الكشف عن هويته: «لم يتم تحقيق اي اختراق او تقدم في لقاء عريقات لينفي وانديك». وأضاف لوكالة فرانس برس إن «اللقاء الثلاثي الذي استمر عدة ساعات بين الوفدين الفلسطيني برئاسة كبير المفاوضين صائب عريقات والاسرائيلي برئاسة تسيفي ليفني وبحضور المبعوث الاميركي لعملية السلام مارتن انديك لم يحقق اي اختراق او تقدم في الملفات التي تم بحثها». وأوضح «أن اصرار الوفد الاسرائيلي على استمرار الضغظ والابتزاز ورفض اطلاق سراح الاسرى هو سبب عدم حدوث أي تقدم». وقال أيضًا إن: «الوفد الإسرائيلي يواصل الحديث عن رفض اطلاق 30 أسيرًا فلسطينيًا ممن تبقوا من الاسرى المعتقلين منذ ما قبل اتفاق اوسلو عام 1993». وأضاف إن الاسرائيليين «ما زالوا يطالبون بتجميد خطوة التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من قبل الرئيس محمود عباس». وتابع ان الجانب الاسرائيلي «يطالب بتمديد المفاوضات واعلان الجانب الفلسطيني موافقته على ذلك قبل اطلاق سراح الاسرى». وأوضح أنه «الاجتماع الثالث خلال الايام الماضية لكن الجانب الاسرائيلي يواصل سياسة الابتزاز والتهديدات للجانب الفلسطيني». وأضاف «في الجلسة الثالثة لم يحمل الجانب الاسرائيلي أي افكار للتقدم بعملية السلام للامام بل على العكس تمامًا كل ما حمله هو حملة تهديدات بالجملة وعنجهية المحتل». حملة تضليل إسرائيلية من جهتها أكدت وزارة الخارجية في رام الله أن حملة التضليل التي تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد القيادة الفلسطينية تؤكد غياب الشريك الإسرائيلي للسلام. وأدانت وزارة الخارجية بشدة تصريحات عدد من وزراء اليمين واليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، الذين يتسابقون في إطلاق التهديد والوعيد للشعب الفلسطيني وقيادته، ويحاولون تضليل الرأي العام من خلال بث الإشاعات والتشويهات التي تقلب الحقائق رأسًا على عقب. وأكدت الوزارة أن هذه التصريحات تكشف حقيقة الموقف الإسرائيلي الهادف إلى إفشال أي مفاوضات جدية، وتحويلها إلى ملهاة لكسب الوقت وإطالة عمر الاحتلال، وتعميق الاستيطان وعمليات تهويد القدس. وقالت الخارجية في بيان امس: إن المواقف الإسرائيلية الداعية للذهاب إلى انتخابات إسرائيلية مبكرة، والقول: إن «العملية التفاوضية لم تعد واقعية»، وإن «الدولة الفلسطينية ليست خيارًا مطروحًا تؤكد مجددًا غياب شريك السلام الإسرائيلي، وتعبر عن استهتار الحكومة الإسرائيلية بإرادة المجتمع الدولي، وبالجهود الأمريكية الضخمة التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أجل التوصل إلى حل تفاوضي للصراع. وطالبت الوزارة الدول كافة، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالعمل الجاد من أجل إنقاذ المفاوضات من التعنت والصلف الإسرائيلي، والتمرد على قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات والعهود المختلفة، وإلزام إسرائيل على إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية.