مضى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدما امس الثلاثاء في إجراءات ضم منطقة القرم الأوكرانية إلى روسيا، وأبلغ حكومته والبرلمان بطلب قيادة القرم الانضمام إلى روسيا, فيما قال أمين عام حلف شمال الأطلسي ان موسكو تعيد رسم الخريطة الأوروبية وإيجاد خطوط فاصلة جديدة. واتخذ بوتين امس, اولى الخطوات من اجل ضم شبه جزيرة القرم الاوكرانية الى روسيا ما سيشكل ابرز اعادة رسم لحدود اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وأبلغ بوتين رسميا البرلمان والحكومة الروسيين بطلب القرم الانضمام الى روسيا، وطلب من السلطات العامة الروسية (الحكومة والبرلمان) الموافقة على اتفاق لضم القرم. واعتبر بوتين انه «من المناسب» المصادقة على هذا الاتفاق كما اعلن الكرملين، في اول خطوة تشريعية مطلوبة نحو ضم شبه الجزيرة. وقال الرئيس بوتين ان الغربيين «تجاوزوا الخط الأحمر» في الازمة الاوكرانية، في كلمة ألقاها امام البرلمان والقادة الروس في الكرملين. وقال بوتين ان «الغربيين تجاوزوا الخط الاحمر وتصرفوا بشكل غير مسؤول» منددا بشدة بالغربيين الذين اتهمهم باعتماد «شريعة الاقوى» و«تجاهل القانون الدولي». وأضاف ان القرم كانت وتبقى «جزءا لا يتجزأ من روسيا». وأكد ان روسيا لا تريد تفكيك اوكرانيا. وقال بوتين متوجها الى الاوكرانيين «لا تصدقوا من يخيفكم من موضوع روسيا ويقولون لكم انه بعد القرم ستتبع مناطق اخرى»، مضيفا: «لا نريد تفكك اوكرانيا، لسنا بحاجة لذلك». قال بوتين ان «الغربيين تجاوزوا الخط الأحمر وتصرفوا بشكل غير مسؤول» منددا بشدة بالغربيين الذين اتهمهم باعتماد «شريعة الاقوى» و«تجاهل القانون الدولي». وأضاف ان القرم كانت وتبقى «جزءا لا يتجزأ من روسيا». وأكد ان روسيا لا تريد تفكيك اوكرانيامن جهته , أشاد الرئيس السوفيتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف بالاستفتاء الذي يقضي بانضمام القرم إلى روسيا ووصفه بأنه «حدث سعيد». واعتبر غورباتشوف في تصريحات بثتها الصحيفة الإلكترونية «سلون دوت آر يو» امس أن الاستفتاء منح سكان القرم حرية الاختيار ويعكس إرادتهم بشكل عادل. وقال إن الاستفتاء الذي جرى الأحد يظهر أن «الناس تريد بالفعل العودة إلى روسيا» وهذا «حدث سعيد». وأضاف إن استفتاء القرم قدم مثالا للسكان المتحدثين بالروسية في شرق أوكرانيا، الذين يتوجب عليهم أن يقرروا مصيرهم. سخرية من العقوبات وسخر يوري يوشاكوف كبير مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسياسة الخارجية من العقوبات الغربية على مسؤولين روس جراء سيطرة موسكو على منطقة القرم الأوكرانية. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن يوشاكوف قوله امس الثلاثاء «لقد ضقنا ذرعا بهذه العقوبات. إنها لا تثير سوى مشاعر السخرية والتهكم». المطالبة بعد الاعتراف ودعت وزارة الخارجية الاوكرانية امس المجموعة الدولية الى عدم الاعتراف ب«جمهورية القرم» التي اعلنتها الاثنين السلطات الانفصالية ولا بأي اتفاق يمكن ان تبرمه مع روسيا. وجاء في بيان نشر على موقع الخارجية الاوكرانية في كييف «نظرا لواقع ان استقلال القرم اعلن من قبل هيئة غير شرعية في ختام استفتاء غير دستوري، ونظرا لانه يشكل انتهاكا فاضحا للمعايير الاوروبية (...) توجه وزارة الخارجية الاوكرانية الى كل اعضاء المجموعة الدولية طلبا ملحا بالامتناع عن الاعتراف على الصعيد الدولي ب «جمهورية القرم». وأضاف البيان ان القانون الدولي الساري حاليا يحظر على الدول الاعتراف «بشبه دولة» او «اي وضع، اتفاق او توافق» يلي تأسيسها «اذا كان ذلك نتيجة لجوء غير شرعي الى القوة» في اشارة الى الاتفاق الذي يجري تحضيره مع روسيا. واتهمت الوزارة روسيا باستخدام «القوة والتهديد باللجوء الى القوة» لدعم اعلان استقلال القرم. وتابع البيان «نظرا لوضع روسيا كقوة نووية، هذا الوضع يرتدي طابعا شديد الخطورة بالنسبة لوحدة اراضي اوكرانيا كما بالنسبة للسلام والامن العالميين». رسم الخريطة الاوروبية وأعرب أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) اندرس فوغ راسموسن امس عن قلقه من النشاطات العسكرية الروسية على طول الحدود مع أوكرانيا، وقال إن روسيا تحاول إعادة رسم الخريطة الأوروبية وإيجاد خطوط فاصلة جديدة في أوروبا. وقال راسموسن في حديث لشبكة (سي إن إن) الأمريكية إن التدخل العسكري ليس حلاً للأزمة في أوكرانيا. عقوبات ومواقف قال كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية امس ان اليابان ستجمد المحادثات مع روسيا بشان اتفاقية للاستثمار وتخفيف شروط تأشيرات السفر في اطار عقوبات على موسكو، بعد ان اعترفت بمنطقة القرم الاوكرانية كدولة ذات سيادة. وأبلغ يوشيهيدي سوجا كبير امناء مجلس الوزراء الياباني مؤتمرا صحفيا «الحكومة اليابانية لا تعترف بالاستفتاء الذي اجري في القرم» مضيفا ان ذلك الاستفتاء ليس له أي قوة قانونية لأنه خرق لدستور اوكرانيا. وقال سوجا «اعتراف روسيا باستقلال القرم ينتهك سيادة اوكرانيا ووحدة أراضيها ويبعث على الاسف». وأعلنت بريطانيا انها ستبقى تتعامل مع شبه جزيرة القرم على اساس انها جزء من اوكرانيا بالرغم من الاستفتاء الذي جرى الاثنين وطلب 97% من الذين أدلوا باصواتهم ضم شبه الجزيرة الى روسيا. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان نشر في ختام اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل «بالنسبة للمملكة المتحدة وحلفائها، ان القرم ما زالت جزءا من اوكرانيا». وأضاف: «اننا نشهد محاولة واضحة لناحية الاستعداد لضم جزء من ارض ذات سيادة لدولة اوروبية مستقلة من خلال القوة المسلحة واستفتاء غير شرعي وغير مشروع». وأوضح البيان ان «المملكة المتحدة تدعو مجددا روسيا الى البدء بحوار مع اوكرانيا والاسرة الدولية من اجل حل هذه الازمة»، مضيفا ان «مواصلة تجاهل هذه النداءات سيكون له عواقب خطيرة على روسيا». وطالب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة باتخاذ موقف أكثر حسما تجاه تطورات الأوضاع في شبه جزيرة القرم. وقال توسك امس في وارسو: «لا ينبغي لنا في أي حال من الأحوال السماح بأن يقبل المجتمع الدولي ضم القرم (لروسيا) عبر مؤتمر يالطا جديد». وأضاف توسك أنه يتعين على مجتمع اليورو أطلسي أن يظهر بصورة أقوى مما هو عليه الآن. مجموعة الثماني من جانبه و أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تعليق مشاركة روسيا في مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى (جي 8). وقال فابيوس في تصريحات لمحطة «يوروب 1» الفرنسية الإذاعية امس: «قررنا تعليق مشاركة روسيا». وأضاف فابيوس أن الدول السبع الرائدة ستجتمع بدون روسيا. تجدر الإشارة إلى أن فابيوس نشر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» رد الفعل الفرنسي على تطورات الأوضاع في النزاع الأوكراني. مشادة روسية امريكية وقبل يومين شهدت جلسة مجلس الامن التي استخدمت فيه روسيا حق النقض ضد مشروع قرار بمجلس الأمن ينزع الشرعية عن استفتاء القرم الأوكرانية بشأن الانضمام إلى روسيا, مشادة روسية امريكية. وبحسب صحيفة الكومسومولسكايا برافدا, فإن ممثلة أمريكا سامانثا باور في مجلس الامن اعتدت لفظيا على ممثل روسيا فيتالي تشوركين، قائلة انه لا يمكن لروسيا ان تغير وقائع على الارض في اوكرانيا، مضيفةً للروسي الهادئ «تشوركين»: «روسيا لا تملك الحق أن تنسى أنها ليست المنتصرة وإنما المهزومة (تقصد الاتحاد السوفييتي)، وإن تصرفاتها فاقت كل الحدود؛ لأنها تبتز الولاياتالمتحدة بأسلحتها النووية لإذلال أمريكا», ورد الممثل الروسي بكل هدوء ومطبطباً على كتف «باور»: «كفى بصاقاً».