دفعت روسيا، أمس، بمزيد من القوات والمدرعات إلى شبه جزيرة القرم، وكررت تهديدها بغزو أجزاء أخرى من أوكرانيا لتدير ظهرها إلى النداءات الغربية المطالبة بالتراجع عن أسوأ مواجهة منذ الحرب الباردة. وهوت أسواق الأسهم في روسيا وارتفعت تكلفة التأمين على ديونها في آخر يوم للتداول قبل أن تجري السلطات الموالية لموسكو في القرم استفتاء للانضمام لروسيا، وهي خطوة ستؤدي على الأرجح إلى قيام الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات يوم الإثنين. وردًا على مقتل متظاهر واحد على الأقل في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا كررت وزارة الخارجية الروسية إعلان الرئيس فلاديمير بوتين الحق في الغزو لحماية المواطنين الروس، وقالت في بيان: «روسيا تدرك مسؤوليتها عن أرواح (المواطنين من أصل روسي) في أوكرانيا وتحتفظ بحق وضع هؤلاء الناس تحت حمايتها». وتقول السلطات الصحية الأوكرانية: إن رجلًا (22 عامًا) تعرض للطعن حتى الموت، وإن 15 آخرين يتلقون العلاج في المستشفى بعد اشتباكات في دونيتسك التي يتحدث معظم سكانها اللغة الروسية، وهي موطن الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. وقال منظمو مظاهرة مناهضة لموسكو: إن القتيل من مجموعتهم. وتنفي موسكو أن قواتها تتدخل في القرم، وهو تأكيد تسخر منه واشنطن وتقول: إنه «خيال بوتين». وشاهد صحفيون القوات الروسية تعمل علنًا بالآلاف على مدى الأسبوعين الماضيين وتقود مدرعات تحمل لوحات ترخيص روسية ويعرفون أنفسهم للقوات الأوكرانية المحاصرة على انهم أعضاء بالقوات المسلحة الروسية. وشاهد فريق تغطية من رويترز سفينة حربية روسية تنزل شاحنات وقوات وناقلة جند مدرعة واحدة على الأقل في خليج قرب سيفاستوبول صباح أمس. ويأتي لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في لندن، أمس، في إطار جهود دبلوماسية تبذل في اللحظات الاخيرة لتجنب إجراء استفتاء القرم. واستولت القوات الروسية على المنطقة الواقعة في جنوبأوكرانيا قبل أسبوعين كما تولت الحكومة المحلية الموالية لموسكو السلطة هناك. وتعتزم السلطات المحلية الجديدة الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا في استفتاء وصفه الغرب بأنه غير قانوني. قالت وزارة الخارجية الروسية: إنه يتعين على بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تحصل على موافقة زعماء أي منطقة أوكرانية تخطط لإرسال بعثة مراقبة إليها، والمنطقة المعنية هنا هي «القرم» وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية قبيل محادثات كيري: "ما نود أن نراه هو الالتزام بالتوقف عن وضع حقائق جديدة على الارض، والتزام بالانخراط بجدية في سبل تهدئة الصراع، واعادة القوات الروسية إلى ثكناتها واستخدام المراقبين الدوليين بدلًا من القوة لتحقيق الأهداف السياسية المشروعة وحقوق الإنسان». لكن روسيا لم تظهر أي علامة على التخلي عن خطة الرئيس فلاديمير بوتين الرامية إلى ضم القرم. وأعلن بوتين في أول مارس/آذار أن روسيا من حقها غزو جارتها بعد أسبوع من هرب حليفها يانوكوفيتش من العاصمة الأوكرانية بعد ثلاثة أشهر من المظاهرات التي انتهت بمقتل حوالي 100 شخص في الأيام الأخيرة. وقالت وزارة الخارجية الروسية الجمعة: إنه يتعين على بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تحصل على موافقة زعماء أي منطقة أوكرانية تخطط لإرسال بعثة مراقبة إليها. وقالت في بيان: إن الجانب الروسي قبل التفويض بنشر بعثة في أوكرانيا. وأضافت «فيما يتعلق بجوانب امداد وتموين البعثة فإنه من الطبيعي أن يتم الاتفاق عليها مع القيادة في المناطق الأوكرانية التي يتوقع ان يتم نشر (البعثة) فيها» في اشارة واضحة إلى منطقة القرم في جنوبأوكرانيا حيث سيطر زعماء مؤيدون لروسيا على الحكومة. وفي علامة على موقف موسكو قبل استفتاء القرم، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن طائرات روسية مقاتلة بدأت تدريبات جوية فوق البحر المتوسط، وهو إعلان من المرجح أن يثير توترًا في المواجهة مع أوكرانيا بشأن مستقبل القرم. وقال المتحدث باسم البحرية فاديم سيرجا لوكالة انترفاكس الروسية للأنباء: إن الطلعات الجوية بدأت من على ظهر حاملة الطائرات ادميرال كوزنيتسوف التابعة للاسطول الشمالي التي رست الشهر الماضي في قبرص، وإن التدريبات تتضمن تكتيكات التعامل مع أهداف جوية وتكتيكات قتالية أخرى. وتضم الطائرات المشاركة في التدريب طائرات سوخوي إس.يو-33 المقاتلة التابعة للدفاع الجوي وطائرات هليكوبتر مضادة للغواصات من طراز كاموف كيه.ايه-27. وأرسلت البحرية الأمريكية المدمرة تركستون المزودة بصواريخ موجهة الى البحر الاسود فيما وصفته بزيارة روتينية مقررة قبل الأزمة الأوكرانية. واتهمت روسياالولاياتالمتحدة اليوم الجمعة بالتمييز «غير المقبول» ضد الصحفيين الروس حين منعتهم من تغطية مؤتمر صحفي مشترك للرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك. وقالت الخارجية الروسية في بيان: «يبدو أنه في واشنطن -حيث يعشقون الحديث عن حرية التعبير وحقوق الصحفيين- هم غير مستعدين لتطبيق هذه المباديء على أنفسهم، وهم يفضلون التعامل مع وسائل اعلام (تحظى بالموافقة) تروج للمعلومات (المطلوبة)».