كثير من الناس يزنون الذنوب و المخالفات بميزانهم للاعتبارات السابقة أو الجهل بميزان الشرع أو شهوة يجدونها في نفوسهم ، أو لأنهم سالمون من ذلك الذنب الذي يدورون حوله فالبعض مثلا يعظم تقصير اللحية و يتحدث عنها طويلا و هو ذنب ، و لأي خطر على باله الحديث عن الغيبة مع شناعتها لأنه مبتلى بها، و البعض يحذر من الموسيقى و هذا واجب ، و يترك التحذير من قطيعة الرحم و هو أعظم أو عقوق الوالدين و هو آخر ، بل قد تجد بعض الخطباء يحذر من الخطير و يترك الأخطر ، و يحث على السنة و يترك الحث على الواجب و لو أن الجميع تحدثوا عما يمارسونه من مخالفات و يناقش الخطباء على منابرهم ما ابتلوا به و هكذا لسرنا في المسار الصحيح مع وجود العزيمة على التغيير والتحول إلى الأفضل. أن نكره أنفسنا و أن نعصيها و أن نتحدث عن الأهم قبل المهم فليكن حديثنا عن الغيبة و أكل الربا و عقوق الوالدين و قطيعة الرحم و الأسهم المشبوهة وهلم جرا. إن أول طريق للعلاج أن نتحدث عما نفعله من خطأ تقويما لذواتنا ومعالجة لأخطائنا أما أن نتحدث عما يفعله الآخرون و نعالج مشاكلهم و ننسى مشاكلنا فهذا منهج غير سديد و طريق غير قويم ، و بعض الأخوة يجد حرجا في نفسه من بعض ما يسمع و هو حق يجب سماعه لأنه لا يوافق هواه ، ولقد سمعت بعضهم يقول : « لو تحدث المتحدث عما هو أولى أو خطب الخطباء عما هو أنفع» و الحقيقة أن نفسه تقول لو تحدث المتحدث عما تهواه نفسي ، لقد تحدثت مرة في أحد مساجد الكويت عن التوبة و عظم شأنها و أنها مقبولة من أي شخص إذا تحققت شروطها.. إلخ ، فكان في أول الصف شخص كأنما ينازعني الحديث حتى إذا فرغت من كلمتي قال : السلام عليكم يا شيخ، أرجوك تفضل عندي ، و فعلا ذهبت أنا و الإخوة المنظمون للكلمة و دخلت بيته و دار بيننا حديث طويل ملخصه أنه أطلعني على صورة لابنه الوحيد و هو في العشرين من عمره قتل، ثم قال يا شيخ كيف يتوب الله على القاتل و قد فعل ما فعل ، و أنا أدعو عليه منذ سنوات فكيف يتوب الله عليه؟ قلت له : باب التوبة مفتوح و الأمر ليس لي ولا لك الأمر لله وحده يتوب على من يشاء حتى من أقدم على أكبر الذنوب من الشرك والإلحاد وغير ذلك أما حق ابنك فلن يضيع، إلخ. تأمل أيها القارىء العزيز كيف أن هذا الشخص وجد حرجا في الحديث عن التوبة و هي حق ، إذا ينبغي لنا أن نعود أنفسنا سماع مالا نرغب سماعه من الحق و أن نكره أنفسنا و أن نعصيها و أن نتحدث عن الأهم قبل المهم فليكن حديثنا عن الغيبة و أكل الربا و عقوق الوالدين و قطيعة الرحم و الأسهم المشبوهة وهلم جرا، و أن نزن الذنوب بميزان الشرع لا العادات و لا الأعراف ولا البيئة ولا التقاليد فنعظم ما عظمه الشارع و نصغر ما صغره الشارع. مساعد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالقصيم