المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن الطفرة ولى وبدأ عصر هيكلة الاقتصاد
نشر في اليوم يوم 24 - 01 - 2005

كانت ضفاف مياه الخليج الهادئة قبل اكتشاف النفط يمتهن سكان سواحلها صيد الاسماك والغوص بحثا عن اللؤلؤ وبناء السفن الشراعية الصغيرة والتجارة والصناعة الخفيفة.. وفي البادية يضربون بيوت الشعر والخيام اينما حلوا تمثل نشاطهم في تربية الجمال والمواشي، والبدو والحضر كانت مساهمتهم في الاقتصاد متواضعة.
فالاقتصاد في بداية تأسيس الدولة كان بدائيا وبسيطا معتمدا على الزراعة البدائية وتربية الماشية والتجارة والجمارك، والزكاة وموسم الحج. الخ ويمكن وصفه بانه كان اقتصادا مغلقا يقوم على نشاط غير منتظم هدفه تأمين الحياة اليومية بالحد الادنى ودرجة الكفاف وجميع ما ينتج كان يستهلك.
والمنطقة الشرقية شهدت احداثا اقتصادية متسارعة غيرت مجرى التاريخ الاقتصادي والتنموي في مملكة كبيرة تساوي مساحتها نصف مساحة اوروبا وثلث مساحة امريكا (300ر253ر2 كم2).
ما الاحداث الهامة؟
احداث انهت شح الموارد التي صاحبت جهاد المؤسس والموحد والمصلح الملك عبدالعزيز رحمه الله لثلاثين عاما.
من اهمها حدث طال انتظاره!!
انه تدفق الزيت بكميات كبيرة.. شهر محرم 1357ه الموافق مارس 1938 من البئر (السابعة) التي عمقت الى 1441 مترا انها بئر الخير.
الملك عبدالعزيز صاحب اسطورة النفط تلقى الخبر السعيد، خبرا جاء لينهي فترة مالية عصيبة عانتها البلاد والعباد خاصة خلال فترة الازمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم اجمع انذاك.
واعتبر حدث اكتشاف النفط السعودي من اهم الاحداث في القرن المنصرم.
وسيبقى في هذه الالفية ولتبدأ قصة التطور والنماء.
انها لحكمة بالغة عظيمة عندما نتأمل هذا المشهد الذي صاحب البحث والتنقيب عن النفط وكيف ان كبرى شركات البترول البريطانية التي كانت تبحث عن البترول في المملكة اعلنت في اول الامر فشلها التام في العثور على البترول ويأسها من اكتشافه.
ومع وصول البترول السعودي الى اسواق العالم وفر للمملكة امكانات مالية تحتاجها في بناء الاقتصاد في قطاعات التعليم والثقافة والصحة والنقل والمواصلات والزراعة وتطوير التنظيم وطرق الادارة وانماط المعيشة من اجل حياة اجتماعية افضل، ورفع مستوى الانتاج وحسن الاداء.. الخ وبدأت عملية الانشاء والتطوير في شتى المجالات.
ولقد وصف الاقتصاد السعودي الذي اعتمد على البترول في البداية اعتمادا كليا بانه اقتصاد نفطي باعتباره المصدر الاساسي للناتج القومي، بل انه يعد السلعة الرئيسية في هذا الاقتصاد وعائداته تشكل نسبة كبيرة من الانفاق الحكومي والناتج الوطني الاجمالي.
ومع عصر النفط وبداية الانفتاح النسبي على الاقتصاديات الرأسمالية الغربية بدأ الهيكل الاقتصادي والاجتماعي السعودي يواجه تغيرا كبيرا في ملامحه في اتجاه احداث نمو اقتصادي يتطور في جميع القطاعات الاقتصادية والمادية التي تنتجها الطاقة الهيدروكربونية ولقد حقق هذا التحول نتائج هامة في العديد من القطاعات الاقتصادية.
وماحدث على ارضنا يصعب الالمام بجميع جوانبه.. لاننا امام نقله اقتصادية عملاقة فالاقتصاد شهد مراحل سريعة من التطور وقفزات متوالية.. فمن اقتصاد بدائي وبسيط في فترة تأسيس الدولة الى اقتصاد قوي ومتين يحمل على جناحيه انجازات عملاقة تمت وتتم على ارض الوطن.
نرى القادة والمواطنين يلتقون للاحتفال بانجاز جديد تحققه الدولة في كل مجال وفق تخطيط سليم وما توفره الدولة من الامكانيات المختلفة للانفاق على كل المشاريع.. فحولت الموارد الى اعمال وافعال. وجهت خيرات المملكة لرفع مستوى دخل الفرد ومستوى الاقتصاد الوطني.
ونحن في الالفية الثالثة فاننا ودعنا قرنا مليئا بالاحداث الجسام.. قرنا من اهم احداثه تأسيس وتوحيد المملكة.. وتفجر النفط السعودي قرنا مليئا بالتحديات التي غيرت انظمة وغابت شمس نظريات كانهيار الشيوعية وتفكك دولتها الى دول عديدة. وفي هذا القرن برزت امبراطورية امريكا الجديدة واحداث جسام سياسية واقتصادية بل وعقائدية!!
هذا القرن خططت لدخوله دول عديدة ومن ضمنها المملكة مستنيرة بالنظرة الشمولية الواقعية التي تركزت في كلمة صاحب السمو الملكي ولي العهد الامين الامير عبدالله بن عبدالعزيز (ان زمن الطفرة ولى ولن يعود) مما يعنى انتهاج سياسات اقتصادية سليمة تتفق والظروف العالمية الجديدة، حيث يمر الاقتصاد بفترة تكيف وتغيرات في هيكله لم تكن مسبوقة من قبل، الامر الذي يجعل تكثيف الجهود على طريق التصحيح الاقتصادي ومواجهة حقائق الواقع الاقتصادي والتحديات والمشاكل التي تواجهه وتعترض سبيله امرا هاما.
ولاشك ان التغيرات والتطورات في اسواق النفط الدولية وتذبذب اسعاره هبوطا وارتفاعا اصبحت حقيقة واقعة تتميز بعدم خضوعها لارادة منتجى النفط.. ومن ثم فان اعتماد الاقتصاد الوطني على ايرادات النفط بالشكل الكبير كما هو حاصل الان اصبح امرا صعبا، واصبحت اعادة هيكلة الاقتصاد ضرورة ملحة وليست ترفا وبشكل علمي وصريح يتصدى للمفاجآت في سوق النفط العالمية التي تؤكد التحليلات النفطية احتمالها على مدى السنوات القادمة لتأسيس حصانة مدروسة للاقتصاد الوطني تعمل على تقليل تأثير المفاجآت والتقلبات التي تحدث في اسعار النفط في السوق الدولية.
ومن المهم اليوم توسيع وتنويع قاعدة الانتاج غير النفطي وضغط الانفاق العام الى ادنى مستوى ممكن لنتمكن من السيطرة على تخفيف هوة الفارق بين الصعود والهبوط في تقلب الاقتصاد الذي يعتمد في الاساس على ايرادات البترول التي هي عرضة للهبوط والارتفاع.
هذا الاقتصاد بلغ اليوم مجمل ناتجه المحلي حوالي 1ترليون ريال يمثل اكثر من 25 في المائة من مجمل حجم الاقتصاد العربي والثاني في الشرق الاوسط وترتيبه 27 بين الاقتصاديات الدولية.. انه اقتصاد ضخم يبرز مكانة الدولة وعمق قاعدتها الاقتصادية.
وتاكيدا لاستراتيجية تنويع مصادر الدخل التي اعتمدتها المملكة شهدت المنطقة الشرقية في الثاني عشر من ذي القعدة الموافق 25 ديسمبر 2004م زيارة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الامير عبدالله بن عبدالعزيز حيث وضع حجر الاساس لمشروع (الجبيل 2) ودشن مشاريع عملاقة في الصناعة والصحة والمياه وغيرها.
فالجبيل شهدت حدثا صناعيا اقتصاديا نقلها الى مرحلة هامة متطورة في تاريخ الصناعة السعوديةعند وضع سمو ولي العهد حجر الاساس ل (الجبيل 2) حيث قدرت الاستثمارات الحكومية في هذا المشروع الصناعي العملاق بحوالي 14 مليار, والقطاع الخاص حظي بنصيب الاسد بحوالي 210 مليارات وبهذا يبلغ اجمالي الاستثمارات في (الجبيل 1 والجبيل 2) حوالي 463 مليار ريال.
هذا كله يصب في خانة هيكلة الاقتصاد التي يفرضها الواقع.. واقع سوق النفط الدولية ودعما لسياسة الدولة التي تتبنى اتخاذ افضل الطرق لتوفير افضل مستويات المعيشة لمواطنيها والحفاظ على هذا الرفاه ورغد العيش فترة طويلة دون زعزعة لدخله كمواطن.
وهذا محور استراتيجي يحتاج الى استراتيجية اقتصادية صريحة وواضحة المعالم خاصة في نظام العولمة الاقتصادية الجديد الذي يركز على التطور الاقتصادي العالمي وتحرير التجارة الدولية والتخصص الدقيق.
والتخصص يعنى في شقه الاكبر التركيز على نوع الصناعات التي تضيف للاقتصاد والتي تتغذى عروقها من موارد البلاد الطبيعية واهمها (النفط والغاز) وهذا هو مشروع (الجبيل 1 و2) وهذا من اولويات استراتيجية تنويع مصادر الدخل في (الجبيل 2) التي تعتبر امتدادا طبيعيا (للجبيل 1) والتي ستلعب دورا مؤثرا في توسيع قاعدة الصناعة البتروكيماوية.
وهذا يستدعي توفير الغاز واللقيم للمصانع في منطقة تستحوذ على ما يزيد على 60 في المائة من اجمالي الاستثمارات الصناعية في المملكة وقدرتها كبيرة في استقطاب الاستثمارات الصناعية خاصة في ميدان البتروكيماويات حيث تأتي في المرتبة الاولى!! وبذا فان المنطقة الشرقية ومن خلال (الجبيل 1 و2) تعتبر عاصمة الصناعة الخليجية بدون منازع, وهذا لم يحدث بين عشية وضحاها, انما هو انتاج عمل وجهد مستمر منذ صدور خطة التنمية الاولى لتأسيس بنية اساسية حديثة.
وهي مجال خصب للاستثمار في صناعة البتروكيماويات المدعومة باقتصاد سعودي كبير مدعوم باحتياطي نفطي ضخم حوالي 26 في المائة من اجمالي الاحتياطي النفطي الدولي, ويصل الاحتياطي السعودي من الغاز الى اكثر من 6054 مليار متر مكعب وترتيبها الثاني بين الدول العربية التي يصل نسبة احتياطيها الى 5ر22 في المائة من الاحتياطي العالمي 155506 مليارات متر مكعب.
وهنا تبرز الاهمية المملكة غنية في الغاز لكن معظمه يستهلك محليا, وهذا هو الاهم في تركيبة الاقتصاد والتنمية فالسوق المحلية جاهزة لاستهلاك ما ينتج من الغاز وبالاسعار العالمية! والمثل حي امامنا استهلاك الغاز في اليوم في مشاريع الجبيل 2743 مليون قدم مكعبة والاستهلاك المتوقع بحدود 7169 مليون قدم مكعبة يوميا.
ويكمل هذه الاستراتيجية الصناعية التي تتطلب توفير كميات كبيرة من الغاز واللقيم لمواكبة المتطلبات الصناعية (للجبيل 2) ان القطاع الخاص وهو شريك في دفع عجلة التنمية وفي مقدمتها الصناعة استفاد من تجربة الدولة في تأسيس (سابك) ويتوقع له ان تزيد استثماراته عند اكمال مراحل (الجبيل 2) عام 2007م بنسبة 120 في المائة.
وعلى صعيد تنويع مصادر دخل البلاد للحد من اعتمادها على النفط كمصدر رئيسي يضخ الاموال في خزانة الدولة فان توفير الكميات التي يطلبها قطاع البتروكيماويات والمتوقع ان تكون بحدود 203ر13 ملايين قدم مكعبة يوميا عام 1444م سيقفز بانتاج المملكة من البتروكيماويات الى خمسة اضعاف الانتاج الحالي.
والمملكة اليوم تمثل حصتها اكثر من 83 في المائة من اجمالي الطاقة الانتاجية للبتروكيماويات الخليجية واكبر وحدة تكسير (اللاثيلين) على مستوى العالم توجد في قلعة الصناعة (الجبيل) وتصل طاقتها الانتاجية الى اكثر من 1ر1 بليون طن /سنة.
واذا قرأنا احدث استراتيجية للغاز في المملكة نجد انها تتوقع ان يتجاوز الطلب المحلي على الغاز 12 بليون قدم مكعبة يوميا بحلول عام 2025م ومن المؤكد ان التوسع في انتاج البتروكيماويات يعني تقليل اعتماد الاقتصاد على عائدات النفط الخام المتذبذبة اسعاره رغم انها بلغت رقما قياسيا في اواخر العام المنصرم 55 دولارا, ولكنها امام انهيار اسعار صرف الدولار امام العملات الرئيسية لا تتعدى القيمة الحقيقية لسعر النفط عندما كان سعره 11 دولارا في منتصف السبعينات.
هذا المشروع العملاق يمثل نقلة نوعية للاقتصاد السعودي في مسيرة تنويع مصادر الدخل وسيتيح فرصا وظيفية قدرت ب 55 الف فرصة عمل للمواطنين ينتج عنها 220 الف فرصة عمل غير مباشرة وفي هذا دعم لتوجه الدولة الحثيث في ايجاد الفرص الوظيفية لمواطنيها من الجنسين.
واذا توافرت الفرص الوظيفية فان هذا يعني الحد من البطالة والقضاء عليها وزيادة دخل الفرد والقضاء على الفقر!! وهذا هو من اولى اولويات الدولة اليوم, التي تسعى لان يكون هناك مواطن مؤهل قادر على العمل وليس عاطلا كما هو حاصل اليوم.. وهذا هو توجه الدول الصناعية في سياساتها التي تحفظ فرص العمل اولا لمواطنيها. فالدول تتقدم وتتطور وتحظى باستقرار اقتصادي من خلال توظيف الموارد البشرية وخفض البطالة، والصراع العالمي المعايش اليوم حقيقته صراع تعليمي وان لبس ثوبا سياسيا اقتصاديا او حتى عسكريا.
وفي المملكة من المفيد التذكير باننا نحتاج بدون شك الى تطوير بناء العنصر البشري السعودي ليتماشى والتطور السريع الذي مرت به البلاد وحاجات المجتمع وواقعنا الاقتصادي واكبر دليل على هذا ان معظم الحاصلين على مؤهل طبقا للتخصصات الحالية في المدارس والمعاهد والجامعات اصبحوا يشكلون عبئا كبيرا على الدولة رغم حصولهم على المؤهل وهذا راجع الى ان تخصصاتهم غير مطلوبة على اكثر الاحوال، ولذا نجد اعدادا كبيرة منهم ينتظرون فترة طويلة للحصول على الوظيفة المفضلة.
ان الموارد البشرية ثروة هامة تفوق في الاهمية كل الثروات بما فيها البترول، بل لابد من التذكر بان استقرار الدول اقتصاديا يرتكز على تهيئة الفرص الوظيفية لاستيعاب الموارد البشرية من المواطنين والعمل على دفع البطالة الى اسفل وبهذا يتحقق نمو الاقتصاد وزيادة دخول الافراد فمثلا نجد دولا مثل اليابان وتايوان وسنغافورة وسويسرا وفرنسا ليس لديها موارد طبيعية ولكنها دول غنية اقتصاديا.
وهذه القلعة الاقتصادية (الجبيل وينبع) هما بوابة تنوع مصادر الدخل والبيئة المناسبة لضخ استثمارات الدولة والقطاع الخاص لتحقيق غد افضل.. وتوفير فرص وظيفية افضل.. وفتح بوابة المملكة على الصناعة والمنافسة الدولية في التصدير ايجاد قيم مضافة للاقتصاد والقطاع الخاص في دولة كالمملكة العربية السعودية تعيش اقتصادا زاهرا، اقتصادا حرا.. لاشك ان له دورا رئيسيا في العمل على تنمية الاقتصاد الوطني وتكوين رأس المال العامل عن طريق استغلال كل الفرص المتاحة له التي وفرتها الدولة بسخاء في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، الى جانب ما تتمتع به الاسعار من ثبات واعتدال في مستواها العام، الأمر الذي شجع على التوسع في الاستثمار، علاوة على الانخفاض في معدلات التضخم واعتدال نسب الارباح وانخفاض تكاليف الانتاج، اضافة الى تقلص حجم المضاربات الى حد كبير.
ونظرا لما تمثله المملكة من فرص استثمار عديدة تتميز بارباح مجزية تدعمها ضمانات وحماية من المخاطر التجارية وغير التجارية، طرق القطاع الخاص مجالات كثيرة في القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها الصناعة والخدمات والتشييد وزادت مساهمة القطاع الخاص في الناتج الحقيقي للقطاعات غير البترولية مثل الصناعة.
ولذلك فان القطاع الخاص مدعو للمساهمة في هذا المشروع العملاق (الجبيل 2) امام التسهيلات الاستثمارية التي تقدمها الهيئة الملكية للجبيل وينبع لكل مستثمر وطني واجنبي في ظل مناخ استثماري توفر له الاستقرار السياسي وفرصة تحقيق ارباح مضاعفة والبعد عن المخاطر، وانظمة ضرائب تعتبر الاقل في الشرق الاوسط في النسب التي تفرضها على الاستثمارات الاجنبية.
فالدول تتقدم من بوابة العلم والصناعة لتحقيق اقتصاد وطني اكثر تنوعا وتطورا يتسم بالفاعلية والشفافية والكفاءة الاقتصادية مستوعبا المستجدات المحلية والدولية..
والدول الصناعية خطت نحو (الصناعة المتطورة) من خلال ثورتها الصناعية وتطبيقها سياسة الاقتصاد المفتوح، فانتقلت من دول متخلفة الى دول صناعية سيطرت على الاقتصاد العالمي، وهي ليست غنية بمواردها الطبيعية وانما بالعقل البشري الذي كان نتاجه (الاختراعات) و(الصناعة) التي هي العمود الفقري للتنمية والاقتصاد.
وما يطلق عليه اليوم الدول النامية او المتخلفة وهي الغالبية في المنظومة الدولية.. هذه الدول لكي تلحق (بالركب) عليها طرق باب الصناعة والاستثمار.. كما ان عليها الاستثمار في العنصر البشري استثمارا سليما، فالبوابة الى التنمية في كل مجالاتها هو (الانسان) فالدول تقاس بما لديها من عنصر بشري مؤهل وليس بمواردها الطبيعية!!
وهذا هو مفهوم (استراتيجية) المملكة في التصنيع والتنمية الاقتصادية فهي لاتعنى مجرد تحقيق معدلات عالية من النمو الانتاجي الحقيقي لكنها تشمل تحقيق التقدم والارتقاء بالمواطنين في المضامين المادية وغير المادية باعتبار التنمية ومنها الصناعة انما هي عملية حضارية شاملة غايتها رفاهية المواطن.. والتنمية وفي مقدمتها (الصناعة) انما هي اكتشاف حقيقي للموارد كلها وتنميتها بالاستخدام الافضل والامثل لدفع عجلة بناء الطاقة الانتاجية القادرة على العطاء والقيمة المضافة للاقتصاد!!
و(الجبيل 2) مشروع صناعي كبير يمثل نقلة صناعية نوعية توافرت له كل العناصر العلمية والعملية.. توافرت له كل اسباب النجاح من حيث المواد الخام في دولة غنية في هذه المواد وفي مقدمتها النفط والغاز، كما وفرت الدولة الاموال ومشاركة القطاع الخاص للاستفادة من كل العناصر المطلوبة في الاستثمار والتي تتوافر في البيئة الاستثمارية في المملكة.
وسمو ولي العهد صاحب فكر عميق عمق تاريخ المنطقة بفكره النير ورؤيته الثاقبة وحكمته وبعد نظره كرجل دولة عالمي، يدرك المتغيرات الدولية في العلاقات الدولية والاقتصاد والصناعة.. الخ موقفه واضح في دعم التنمية والصناعية وكل مافيه رفاهية الجميع.
فجاء تشجيعه ودعمه لهذه المشاريع الكبرى وفي مقدمتها (الجبيل 2) وكانت مبادراته الطموحة للغاز الذي كان جزء منه يحرق ليبدد الظلام على ارض الصحراء ليصبح اليوم المحرك الاساسي لمشاريع ك (الجبيل 2) بعد ان اصبح (الغاز) منافسا رئيسيا للنفط على مستوى استهلاك الطاقة عالميا.
ويبقى مشروع الجبيل وينبع فخر الصناعة وقلعتها في الخليج العربي في مقدمة منظومة تنويع مصادر الدخل في المملكة يخدم معادلة استراتيجية وهو خيار الصناعة الذي يعتبر جناح خيار الخصخصة الذي اعتمدته المملكة.. واذا كان من اهم اهداف الخصخصة ان تقدم خدمة افضل وباسعار اقل ودعم النمو الاقتصادي وميزانية الدولة وتخفيض النفقات وتوفير فرص حقيقية لكبح جماح البطالة.
فالتصنيع (والجبيل 2،1) ينشدان هذه الاهداف.. فالصناعة هي احد شرايين الاقتصاد الهامة التي تضخ الاموال في عروق الاقتصاد وتمنحه قيمة مضافة وقد جاءت زيارة سمو ولي العهد للمنطقة الشرقية لتدشين مشاريع عملاقة في مقدمتها (الجبيل 2) (جولة خير). في وطن كبير له ماض عريق وحاضر مشرق ومستقبل افضل ان شاء الله.
تذبذب اسعار النفط وعائداته اصبح حقيقة يجب مواجهتها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.