في الخامس من شهر يناير الحالي اختفت ببغداد الموفدة الخاصة لصحيفة ليبراسيون الصادرة في باريس، الصحفية الفرنسية فلورانس أوبيناس ، ومرافقها العراقي الصحفي حسين حنون المعتمد من قبل عدد من وسائل الإعلام الفرنسية في العراق منذ سنوات. في يوم اختطافها كان لقراء ليبيراسيون موعدا مع آخر رسائلها الصحفية من بغداد العاصمة العراقية، التي تعيش تحت وطأة الاحتلال الأمريكي منذ أبريل من عام 2003.. وفيما يلي نص الترجمة الكاملة لمقال الصحفية المختطفة فلورانس أوبيناس كما نشرته ليبيراسيون: يخيم هدوء غير عادٍ على وسط بغداد الذي يكاد يخلو من السيارات ومنبهاتها في شوارعها التي حفرت المصفحات إسفلتها. كما لا تزال معظم الأحياء السكنية هادئة والمدارس شبه خالية والمحلات التجارية مغلقة.. المباني الرسمية ومحل إقامة الوزراء محروسة. أما مقرات الأحزاب السياسية ومحافظات الشرطة، فيبدو أنها قد وضعت من قبل تحت حظر التجول.. كل ذلك رغم كوننا في رابعة النهار حيث لا يتردد داخل هذه المدينة المشلولة الحركة سوى سؤال واحد: أين ستكون الضربة القادمة؟ لقد تم تحديد الانتخابات البرلمانية في العراق ليوم 30 يناير ولا تزال الهجمات تطبع كل يوم من الحملة الانتخابية. بالأمس هز الانفجار الأول زجاج النوافذ بالعاصمة في الساعة الثامنة. كانت سيارة مفخخة بالقرب من مركز للشرطة قد خلفت 12 قتيلا. بعد ذلك، تحكمت في الوضع بعض نيران المدفعية الصادرة من الأحياء الجنوبية. بعد ذلك بساعة، وفي شمال المدينة هذه المرة، فتح مسلحون في كمين النيران على موكب رسمي. كان بعض المارة بجانب السيارات المحترقة يسألون في شيء من الأدب من كان هنا؟ . هلك على الفور بائع سجائر وحارسان ومحافظ المدينة. يؤكد أحد الشهود أن بائع السجائر يدعى حامد ولكن لا أحد منهم يتذكر اسم المحافظ. كان يدعى علي راضي الحيدري وقد كان إلى عهد قريب يعبر عن ضيقه من غيابه عن ذاكرة الناس في إحدى المرات النادرة التي ظهر فيها علنيا. وقد عاد من منفاه بلندن. وكان قد عيّن محافظا منذ خمسة أشهر تقريبا من قبل الأمريكيين. وقد وعد بضرب العمليات التخريبية بيد من حديد . كان شيعيا مثل 60 بالمائة من سكان البلاد الذين استبعدوا من حكم البلاد من قبل صدام. كان يقول عن الانتخابات سنكسبها لا محالة .. تبنّى تلك العملية الأردني أبو مصعب الزرقاوي. يطلق صاحب أحد مقاهي الانترنيت زفرة طويلة قبل أن يقول: هؤلاء السياسيون الجدد ما نكاد نجد الوقت الكافي لحفظ أسمائهم حتى يكونوا قد قتلوا . هو يعرف جيدا أنه عندما تخمد أصوات النيران سيقبل نحوه فتيان الحي السكني لدخول المواقع الإسلامية لمعرفة أي من المجموعات المسلحة الثلاث أو الأربع النشطة بالعراق تتبنى العملية. ويضيف لا يشاهد الصبية سوى ذلك أو المواقع الإباحية . لقد انتقل الحديث عقب كل عملية عن احتمال تأجيل الانتخابات مثل حفل جنائزي إلى الوسط السياسي المتكون من الوزراء والنواب الذين ظهر معظمهم مع قدوم الأمريكيين. وفي غالب الأحيان، تعد أمرا لا يمكن تأكيده. يقول أحد الجامعيين: نحن نرتاب كثيرا في أولئك الذين نعرفهم. إنهم أتباع صدام حسين . ثم دار الجدل هذه المرة بين وزير الدفاع الشعلان ووزير الخارجية زيباري. لقد دعا الأول الاخوة العرب في مصر وفي بلدان الخليج إلى التوسط لدى السنة حتى يشاركوا في الانتخابات ، إذ أن المجموعات المسلحة التي تنحدر من هذه الطائفة التي تمثل أقلية في العراق، لكنها كانت محظوظة على عهد صدام حسين تهدد الذين سيشاركون في الانتخابات. وقد انسحب مؤخرا الحزب الإسلامي العراقي أحد أهم التشكيلات السنية. واقتصرت المنافسة في بعض مناطق هذه الطائفة على قائمتين فقط مقابل أكثر من 150 قائمة في بغداد. ويضيف وزير الدفاع قائلا: إن مثل هذه المقاطعة تعني أن نصف المجتمع العراقي سيكون غائبا عن الانتخابات. فإذا كانت المشاركة السنية تتطلب تأجيلا ربما يكون ذلك ممكنا . ولكن هوشيار زيباري يتمسك بألا يكون هناك تأجيل. ويفسر ذلك المحيطون به بكونه ليس لدينا ضمان بأن تكون الأمور أفضل خلال ثلاثة أشهر . وقد أعادت الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب ذلك، تأكيد التمسك بموعد 30 يناير باعتبار ذلك إرادة عراقية .. مباشرة إثر ذلك حوالي الساعة السادسة مساء هز بغداد انفجار جديد.