قبل أيام وفي ليلة ثقافية أندلسية ممتعة، استضافها مجلس أخي وصديقي العزيز رجل الأعمال الشيخ خالد بن حسن القحطاني، شرفت بمقابلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز الفوزان الداعية المعروف، وحدثنا -في تلك الليلة الغنية بالمعلومات- عن التجربة الجميلة في قناة قرطبة الفضائية من الولادات الأولى لها إلى ما وصلت إليه اليوم. هذه القناة التي حدثنا الشيخ عنها هي أول قناة إسلامية فضائية ناطقة باللغة الإسبانية التي يتحدث بها قرابة سبعمائة مليون إنسان في كل من أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وأوروبا، وإفريقيا، وتستهدف التعريف بالإسلام ومد جسور التواصل الحضاري بين الحضارتين الإسلامية والإسبانية. لقد كان ظهور هذه القناة في الفضاء الأوروبي أشبه بالولادة المتعسرة، لكنها في كل الأحوال كانت ولادة في نهايتها طبيعية وتستند إلى أرضية قانونية ساهمت فيها سفارتنا في إسبانيا، من خلال دلالتها على أفضل المستشارين القانونيين في إسبانيا، لتكون خطوات العمل إداريا متسقة مع القانون في تلك البلاد وهذه خطوة إعلامية احترافية بامتياز تدل على الوعي الإداري للقائمين على تلكم القناة. هدف هذه القناة التعريف بالإسلام بصورته النقية ومنهجه الوسطي الحق، وتمتين جسور التواصل الحضاري والتعاون الإيجابي بين الحضارتين الإسلامية والإسبانية، وتتميز بمهنيتها العالية، وتنوع برامجها التي تخاطب الرجال والنساء والكبار والصغار والمسلمين وغيرهم، كما أنها تبث من قلب العاصمة الإسبانية مدريد، بأيد إسبانية ولاتينية مؤهلة تأهيلاً إعلامياً وشرعياً؛ لتشعر المشاهد الإسباني أن هذه القناة قناته، وهي منه وإليه. تم تسجيل ما يقرب من ثمانين حلقة من هذا البرنامج الحواري وتسبب هذا البرنامج في إبراز محاسن الدين الإسلامي إطلاق هذه القناة سبقته جهود فكرية وتخطيطية وتنظيمية بل وبدنية كبيرة استغرقت أعواما عدة، وكان حجر زاويتها نخبة متميزة من الكوادر والخبرات الإعلامية والشرعية والفكرية. انطلقت القناة في ظل تحديات ضخمة وفي أجواء مشحونة بالكراهية والتشويه للإسلام، الذي عمد إليه إعلام معاد لرسالة الإسلام معتمدا على ممارسات سيئة من بعض أبناء المسلمين؛ وهذا الأمر استلزم جهدا مضاعفا من القناة في نشر محاسن الإسلام وبيان صورته العظيمة المشرقة. بدأ بث القناة على القمر الصناعي (Hispasat)، الذي يغطي بثه قرابة 100 دولة في 5 قارات هي: أوروبا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى ودول البحر الكاريبي وبعض الدول الآسيوية. من اللطائف الجميلة في هذا اللقاء، قصة برنامج حواري تقيمه القناة ويستهدف التعريف بالمجتمعات الإسلامية من خلال سفراء عملوا في البلاد الإسلامية، وقد سبق اللقاء بتمهيد من خلال خطاب وجهه المشرف العام الدكتور عبدالعزيز الفوزان إلى وزير الخارجية الإسبانية للاستئذان في إجراء حوار مع السفراء الذين عملوا في الدول الإسلامية، فوافق الوزير، وتم تسجيل ما يقرب من ثمانين حلقة من هذا البرنامج الحواري، وتسبب هذا البرنامج في إبراز محاسن الدين الإسلامي والمجتمعات المسلمة مجليا الكثير من الغشاوة التي استهدف بها المسلمون. كان اللقاء مع الشيخ عبدالعزيز ممتعا، ويتضمن قصصا فيها عبرة وعظة وبيان لحجم تقصيرنا في التعريف بالإسلام لملايين من البشر ستتعلق برقابنا يوم القيامة إن لم نستدرك الأمر. تشفير الجهاد الفضائي والإعلامي لإيصال رسالة الإسلام من أعظم القربات اليوم فأين الطلائع المشمرة؟.