كانت إيطاليا الخطوة الأولى، وكان للأصدقاء الفنانين أهمية كبيرة في ايجاد ذلك الحوار الفني.. مجموعة من المبتعثين السعوديين الشباب كان محمد الصقعبي الفنان التشكيلي ومهندس الديكور أحدهم، وهو الذي تم ابتعاثه في ذروة إرسال كوادر محلية لدراسة الفن أو الديكور أو التربية الفنية. في إيطاليا كان لقاؤه بالفنان عبدالحليم رضوي، لكن ارتباطه كان أقوى بمشعل السديري الذي كان هو الاخر يدرس الفن، وعنه تحول إلى اهتمام آخر - جذبه - هو الكتابة الصحفية التي أصبح فيما بعد أحد فرسان أعمدتها. كانت إيطاليا بفنونها - الأساس - مثار دهشة الشباب الذي ولد في (عيون الجوى) بالقصيم وأراد العمل في التلفزيون، قسم الديكور، هنا في هذه المدينة (فلورنسا) أو تلك (روما) كل ما حوله (فن).. المنحوتات تغذي إبصاراته المندهشة. بهذه الدقة وهذا التناهي في التفاصيل لكنها دهشة حفظت لديه قدراً من الإثارة التي أصبح معها باحثاً ومنقباً في معطى آخر، مختلف. عاد محمد الصقعبي إلى المملكة أواخر السبعينات الميلادية بعد سنوات من التحصيل الفني في عاصمة الفن، عاد ليبحث في صيغ أحدث، تواكب - على الأقل- ما هو مطروح أو منجز. كانت تجاربه المبكرة في غرفة صغيرة هيأها بعد تعيينه رئيساً لقسم الفنون التشكيلية في أول مقر لجمعية الثقافة والفنون بالدمام.. لوحات مبعثرة.. اصباغ زيتية وفرش وسكاكين رسم، أقمشة وملابس وحالة من القلق الذي يسكن الباحث في، وعن شيء ما، قريب لكنه أبعد مما نتصور.. إنها فكرة ا للوحة وربما مماسكها الأولى... كان يبحث ويحاول ويجرب، يرمي ويمزق ويخبئ ومع تواصل الممارسة تزداد الأعداد، يتكدس المكان بلوحاته ذات المقاسات الصغيرة... كان الأزرق سيداً في لوحته، يتخلله شيئً من أحمر أو أصفر يشعلان جذوة مساحاته التي تشكل مبحثه.. أوحت معظم تلك المجموعة بأواني زهور فكان يؤكد على ما يستشفه فيها من معطيات تقترب من اكتشاف يبحث عنه.. يتجه عندما يضيق ذرعاً بهذه المحاولات إلى الحروف العربية والكتابات فنراه يتفنن ويصل إلى نتيجة مرضية أسرع مما هي عليه تجريباته (الأجرأ) سعى فيما بعد إلى مزاوجة ما، بين هذين المعطيين فكان أفقه الجديد في استلهام الحرف العربي وتوظيفه على خلفية قناعاته الأسبق. ظهر (الحرف العربي) كهيئة تقبل أن تؤسس لتجربة إبداعية جديدة أثرت نتاجه اللاحق وأصبحت هي سمته وبها شخصيته الفنية.