(الكتب) هو عنوان معرض الفنان جمال عبد الرحيم، الذي رعاه وزير الإعلام البحريني نبيل الحمر، الذي اختتم مؤخراً على صالة مركز الفنون قي العاصمة المنامة، واحتوى على 74 لوحة و14 كتاباً، كرسائل من قصب للمتنبي، والسواد لأدونيس، وأنشودة المطر للسياب، وخبز وحشيش وقمر لنزار قباني. وهذا المشروع بدأ منذ العام 1995م، على إنجاز الكتب اليدوية، منذ الكتاب الأول، كتاب نوران مع الكاتب فريد رمضان. يقول جمال عبد الرحيم" بين المرسم والمكتب ثمة أرواح تتطاير، أرواح تطوف بين الألوان والفرشاة والمكبس، والأحبار. أرواح تتخاطفني بين لون يعبر ذاكرتي، لوحة تتشظى، بين بيت شعر يردده قلبي. أنا المغرم بالشعر والجنون"، فالمتنبي يرسم القصيدة عنه، كما يرسم شعراء الحداثة لوحات المعرض المنجزة بالزيتي والطباعة والنقش على الورق. ويبدو أن تأثيراً مباشراً لهذه النصوص على الفنان عبد الرحيم، بما تحمله من طاقات إيحائية، وهو ما دفعه لخوض التجربة منذ بدايتها، فثمة حوار افتراضي بين الفنان والشاعر لإنتاج اللوحة (يقترب مني، يتطاول كتابه من يدي، يسحرني شعره، يغويني، فاتبعه يسألني: إلى أين المسير؟، إلى حيث لوحتي.، هل تصحو اللوحة وأنت تحلم؟، اللوحة تأتي قبل الحلم وبعد الحلم. تلك روحي إذا. خذها يا جمال، وخذ معك الفتى الذي أراني فيك. سآتيك بالشعر وتأتيني بالفكرة الساكنة في قلبك)، هكذا حوار يتكرر بين جمال وشعراء آخرين لإنجاز اللوحة، ويتبادلون عبره الأدوات. ينزع عبد الرحيم في معرضه إلى بث الروح في لوحته، فلا تعدو مجرد تشكلات لونية اعتباطية، بل يحاول أنسنتها من خلال النص الشعري واستحضار ما في وعي المتلقي من صور راكمها المعاش من مآس، بمزجه مثلاً جورنيكا بيكاسو مع تلك الصور باشتغالات لونية أضفت جمالية على اللوحة، لا تشغل الفراغات فيها أي مساحة. وتتباين في لوحاته المساحات اللونية مع تلك المجردة والممتدة والخطوط التي تزدحم بها اللوحة بانسيابية ظاهرة، بين الخطوط القاسية المعبرة عن قسوة الموضوع وبين الخطوط والمساحات المائلة إلى الهدوء. معرض يحمل روح الشعر والتشكيل والمسرح في آن، حيث قدم مسرحيان من فرقة الصواري هما خالد الرويعي ومحمد الصفار قراءة شعرية ممسرحة بعنوان ( تحية لشعراء الحداثة)، وقرأ نصوصاً لنزار قباني والسياب وبلند الحيدري وأمل دنقل ويوسف الخال، إضافة لأداء تمثيلي بعنوان (المتنبي وهو يرسم القصيدة عني)، وكان حواراً هجس به جمال عبد الرحيم وصاغه الروائي فريد رمضان، بين المتنبي والفنان.