قامت المملكة في الماضي بتوفير مياه الشرب من خلال استثمارات كبيرة في المياه الجوفية والمحلاة، ويواجه القطاع اليوم تحديات هامة تتطلب بدورها استثمارات إضافية كبيرة لزيادة طاقة تحلية المياه من أجل توفير الكميات الضرورية من مياه الشرب، لذلك وفي ظل المعطيات الاقتصادية الحالية والمستقبلية تقوم الحكومة بتشجيع القطاع الخاص على لعب دور أكبر في صناعة المياه . وقد أعلنت الحكومة بشكل واضح عن الحاجة إلى استثمارات خاصة في قطاعي الكهرباء والماء من خلال القرارات و الاستراتيجيات التي أعلنت عنها ، وهناك حالياً عدة برامج تعمل على تلبية ذلك الطلب ومن ضمنها مشاريع الإنتاج المزدوج . غير انه من الضروري أن تبقى الحكومة عاملة في قطاع المياه السعودي في المستقبل القريب، كما عليها أن تستمر بتحمل جزء كبير من تكاليف توفير مياه الشرب للمستهلكين. إن حاجة قطاع المياه السعودي لمحطات جديدة ممولة من قبل القطاع الخاص تتطلب سوقاً مبنية على أساس المنافسة، لكن نظراً إلى طبيعة الماء الاستراتيجية وإلى عدم وجود سوق فعالة للمياه، فإنه من الضروري إدارة هذا السوق بشكل يحرص على حماية مصالح الشركات الجديدة. وركز تقرير اقتصادي حديث صادر عن احدى الجهات المختصة بقطاع المياه والكهرباء على أهم الإجراءات التي قامت بها الدولة لتحقيق متطلبات مساهمة القطاع الخاص والتي من ابرزها إنشاء وزارة المياه والكهرباء. وقال التقرير إن إنشاء وزارة المياه والكهرباء الجديدة يعتبر من اهم الخطوات نحو تطوير السياسات العامة والهيكليات التنظيمية لقطاع المياه، كما ان صياغة هذه السياسات وتحديد التوجه من قبل الوزارة سيلعبان دوراً هاماً للغاية في الجهود الموجهة نحو تحسين هيكلة وأداء قطاع المياه والكهرباء. من الاجراءات ايضا صدور قرار المجلس الاقتصادي الأعلى بالموافقة على الأسس والمعايير لمشاركة القطاع الخاص في إنشاء مشاريع محطات التحلية والطاقة الكهربائية يعتبر الترجمة الحقيقية نحو وضع أسس استراتيجيات التخصيص موضع التنفيذ، ومع طرح المشروع الأول (الشعيبة-المرحلة الثالثة) لإنتاج المياه المحلاة والطاقة الكهربائية بالشعيبة تكون المملكة قد خطت الخطوة الأولى نحو التنفيذ الفعلي لسياسة فتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال الهام . بالاضافة إلى تعيين المنظم , حيث انه لضمان مصالح المستثمرين والتأكد من أن أداء وتطوير القطاع يسيران على أفضل وجه، قامت الدولة بتعيين المنظم للكهرباء والإنتاج المزدوج، وسيقوم المنظم بالإشراف على أساليب عمل كافة العاملين في القطاع للموازنة بين مصالحهم وللتأكد من أن أداء وتطور القطاع يسيران على أفضل ما يرام . إن تعيين المنظم لهذا القطاع للقيام بهذه المهمة في نفس الوقت الذي يقوم فيه بحماية مصالح الحكومة وإنصاف المستثمرين من القطاع الخاص، تشكل بأجمعها المبدأ الأساسي للمنظم . ولقد حرصت المملكة على إيجاد منظم واحد لكافة قطاع الكهرباء و الانتاج المزدوج في المملكة لتقليل عدد الهيئات التي تتعامل مع مختلف العاملين في القطاع وتشرف عليهم، ولتسهيل عمل للمستثمرين. من الاجراءات ايضا التي قامت بها الدولة إنشاء شركة الماء والكهرباء المحدودة وذلك لتبسيط عملية الاتفاقية وتخفيض مخاطر المستثمرين الناتجة عنه تعدد الاتفاقيات والأطراف ولتلافي اختلاف المصالح بين مشتري الماء ومشتري الكهرباء. ويعمل مشترو المياه والكهرباء كسوق بالجملة للماء ويشمل هذا الدور توقيع عقود مع منتجي الماء والكهرباء لضمان انتظام شراء وتوريد المياه. إلى جانب الدعم الائتماني لتسريع دخول الشركات ورؤوس الأموال في عملية تطوير قطاع المياه فقد أصدرت الدولة ضمانات ائتمانية لتعهدات شراء الماء والكهرباء حتى قبل أن يبدأ العمل بأي من النواحي الأخرى، وتقدم الدولة الدعم الائتماني اللازم للشركة فيما يخص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بصفتها مشترية لإنتاج المياه، وتقدم كذلك الدعم الائتماني للشركة السعودية للكهرباء بصفتها مشترية لإنتاج الكهرباء، كل ذلك لإعطاء المستثمرين الطمأنينة وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة في تمويل مشاريع الإنتاج المزدوج . كما قامت الدولة بتخصيص أراضي مواقع المشاريع المزدوجة بإيجار رمزي يتفق عليه بين الجهة ذات العلاقة والمستثمر مع أحقية الاستمرار في اتفاقية الإيجار في حالة رغبة المستثمرين في الاستفادة من المواقع للاستمرار في الإنتاج بعد انتهاء اتفاقية شراء الماء والكهرباء والبيع للسوق مباشرة , حيث يمكن للمستثمر أن يحصل على إعفاءات جمركية للمعدات والآلات الخاصة بالمشروع، وذلك أسوة بتلك المعطاة للشركات والمصانع الوطنية بالمملكة وفقاً للإجراءات المتبعة ., وقامت الدولة بخفض نسبة الجزء المُرحل من الأرباح إلى الاحتياطي النظامي إلى (4 في المائة)، وكذلك خفض نسبة الاحتياطي النظامي إلى (20 في المائة) من رأس المال المستخدم. وشملت الاجراءات ايضا اتفاقية تحويل الطاقة , فمن اجل إيجاد بيئة تعاقدية ونظامية فعالة ولكي تمكن من الحصول على أفضل الشروط التمويلية وتخفيف أثر المخاطر المحتملة بقدر الإمكان، تم اعتماد أسلوب اتفاقية تحويل الطاقة (ECA) وتكون مسؤولية توريد الوقود على الجهات الأخرى غير المستثمر، وتزيل اتفاقية تحويل الطاقة تعقيدات الموازنة بين متطلبات موردي المياه والطاقة الكهربائية والوقود، بينما تحتفظ بسريان ضمانات الأداء والتواجدية على المستثمرين. ندرة المياه أصبحت من التحديات المستقبلية للقطاع