تجارة الكلاب مربحة في العراق اليوم لمن يجيد الاتجار بها ومعرفة اقتناص الزبائن الذين لا يفكرون سوى بحماية ممتلكاتهم من اللصوص الذين انتشروا في مدن العراقوبغداد خاصة ولم تمنعهم جولات الشرطة العراقية ودورياتها من ممارسة مهنتهم المفضلة في زمن البطالة وتبرير السرقة والجريمة ، فلكل ظرف منطقه كما لكل كلب سعره . فبعد ان تصاعدت الجريمة في العراق بعد الحرب والاحتلال ورأى وجرب العراقيون كيف يستخدم الأمريكيون الكلاب ارتفعت أسعار كلاب الحراسة التي يبتكر بائعوها أساليب دعاية استثنائية لها بدءا من عرضها بطريقة تثير الخوف في قلوب المتفرجين والمشترين الى ذكر أوصافها التي تثير الاعجاب بتاريخها الدموي في اثارة الرعب في قلوب المعتقلين و مقارعة اللصوص . ولم تشهد الكلاب في العراق اهتماما مثلما تشهده هذه الأيام. فالسرقات التي زادت والعصابات التي انتشرت في ظل الفوضى الامنية جعلت الكثيرين يرتادون اسواق بيع الحيوانات والكلاب بشكل خاص للفوز بكلب وفي يجيد التعامل مع الواقع الراهن الذي اصبح اشد ايلاما وجعل الإنسان يحتاج الى رفقة الكلب ليحرسه من شرور الدهر ونوائبه . في (سوق الغزل) في بغداد وهو سوق تاريخي ربما يعود تاريخه الى العصر العباسي ويفتح يوم الجمعة فقط يعرض اصحاب الكلاب بضاعتهم الشرسة الى جانب حيوانات اخرى كالقردة والطيور والقطط والثعابين وكل ما يشد الأعين للتمتع بمنظر الغابة التي تنتشر على الرصيف في وسط بغداد . وفي طرف من الرصيف يقف جلال شاب مفتول العضلات وهو يمسك بكلب بوليسي اقرب في شكله لذئب مفترس ليعرضه بسعر خيالي وهو سبعين دولارا . فقد اصبح كل شيء في العراق يباع ويقدر ثمنه بالعملة الصعبة حتى الكلاب التي يبدو انها لا تعرف قيمة نفسها في ظل الوضع الامني المتدهور في العراق وزيادة الجرائم فاعاد الاحتلال واللصوص لها الاعتبار. ويعدد جلال مواصفات كلبه الذي يراه وفيا الى اقصى حد ولكنه يحتاج الى عناية وغذاء خاص لانه لا يعرف الذل وتعلم على العيش بكرامة . ويروي ذلك الشاب كيف تمكن كلبه الذي يسميه (شرار ) بتمزيق جسد لص في يوم ما ، وهذه الفضيلة ما زالت مشهودة له ويؤكد انه بامكانه ان يأتي بشهود الحدث ليوثقوا سيرة هذا الكلب. الأغنياء وأصحاب البيوت الضخمة والحدائق الكبيرة هم اكثر من يبحث عن مثل هذه المواصفات ويدفعون فيها ما يشاء البائع ويقدرون قيمتها في زمن المحنة . عشرات الكلاب تصطف على جنبات الرصيف في شارع الجمهورية في بغداد صباح كل جمعة حيث يتجه الناس الى ( سوق الغزل) ليشروا ضالتهم من الكلاب الى حد التنافس احيانا عليها ، وبينما كان الناس يتنافسون فيما سبق على شراء الكلاب الصغيرة لتربيتها والإفادة منها بعد حين ، الا ان الظروف الخطرة في بغداد لا تسمح بتربية الكلب حتى يكبر لتتم الإفادة منه ، فالزمن سيف قاطع خاصة اذا كان بيد لص محترف ، لذلك يعمد الكثيرون الى شراء كلب مجرب وله تاريخ مشهود . هكذا يقول الرجل ذو الطلعة البهية الذي هبط من سيارته الفخمة ليشتري كلبا، (أريد كلبا مجربا وقويا) ، هكذا قال ( ولكن بشرط ان اعرضه على طبيب بيطري قبل شرائه للتأكد من سلامته ولا يهمني الثمن ، المهم ان يكون قادرا على حراسة المنزل في غيابي ) . ومثل هذا العرض يفضله أصحاب الكلاب الصحيحة الناصحة فيتقدمون ليعرضوا عليه بضاعتهم وليفوز أحدهم بعقد بيع بعد الفحص الطبي.وقال أحدهم ان كلبه سيكون وفيا ولكن بعد حين ، و( بعد أن يتعرف على أصحاب البيت جيدا) ، هكذا قال بائع الكلب الوفي . اغلب الذين يطوفون ( سوق الغزل ) يتذكرون قصة في كتاب القراءة الابتدائية للثاني الابتدائي في المدارس العراقية عنوانها ( الكلب الوفي ) وربما لا تغيب هذه القصة عن مخيلتهم وهو يطوفون السوق بحثا عن نموذج القصة وبطلها والتي ربما اطلعوا عليها قبل اكثر من 40 أو 50 عاما .