أم رقيبة .. وصلت شهرة هذا الاسم آفاقاً لم تبلغها مناطق وأقاليم أكبر وأهم , ومنذ سنوات وهذا الاسم يتردد على ألسنة الكثيرين في شتى أنحاء الجزيرة العربية , والسبب هو مهرجان مزاين الأبل على جوائز الملك عبدالعزيز والذي يحظى برعاية ودعم مباشر من قبل صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز , وهذا المهرجان هو الأهم والوحيد الرسمي بين عشرات المهرجانات التي تقام على مدار أيام السنة للتنافس بين ملاك الإبل . أم رقيبة .. تقع ضمن نطاق محافظة حفر الباطن وهي منطقة صحراوية تم اختيارها لتكون مقراً للمهرجان السنوي الذي يحتشد فيه أهم ملاك الإبل من شتى أنحاء المملكة والخليج العربي وهواة مشاهدة السلالات النادرة والجميلة من الإبل , بالإضافة الى هواة النزهات الصحراوية الذين يجدون في أيام المهرجان فرصة كبيرة للاستمتاع والإلتقاء بالأصدقاء ومشاهدة فعاليات المهرجان المتنوعة. في آخر ايام المزاين يقوم راعي الحفل وتصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز بتسليم الجوائز وتكريم الفائزين ويصاحب ذلك عروض للابل أمام منصة الحفل وقصائد وحداء وعرضات , وبالنسبة لي هذه هي المرة الاولى التي أحضر فيها هذا التجمع , ومن مشاهداتي تخصيص مضمار منظم تساق به الإبل وتعرض على لجنة التحكيم ليتم تقييمها , وسوق كبير ومنوع تعرض به النياق والفحول وحراج للبيع وكذلك بجواره أسواق لكل شي من أغنام ومستلزمات الرحلات ومطابخ ومطاعم وخيام للإيجار ومغاسل وغيرها من الخدمات اللازمة, حيث يجد أصحاب هذه التجارة في المهرجان فرصة ثمينة لتسويق كل ما لديهم في أيام معدودة وبفارق كبير عن الأسعار المتعارف عليها. أيضاً فقد لفت انتباهي بشكل كبير حب ملاك الابل للشعر والمحاولة الجادة من كل مالك إبل وصاحب مخيم بأن لايخلو مجلسه من الشعراء , وهذا يبين العلاقة الوطيدة بين الشعر والصحراء والإبل فهذه الأشياء الثلاثة متلازمة ومترابطة بشكل كبير منذ القدم , وقد تلقينا عددا من الدعوات من كثير من ملاك الإبل المعروفين على مستوى واسع وقدمنا عددا من الأمسيات هناك بمصاحبة عدد من أبرز شعراء المملكة أمثال الشاعر عبدالله بن نايف بن عون والشاعر غازي بن دخيل الله بن عون والشاعر دسمان السبيعي والشاعر بن خيران الرشيدي والشاعر حميد الذيابي والشاعرحسين بن على العتيبي , وهناك شعراء لم أتشرف بمقابلتهم ولكن سمعت بوجودهم هناك ومنهم الشاعر بدر الحويفي الحربي والشاعر راشد السحيمي وغيرهم الكثير والكثير من الشعراء الذين شاركوا في هذه المناسبة وفي ليالي السمر والانس بهذه الصحراء الجميلة بعيداً عن ضوضاء المدينة وتعقيداتها, وكان ملاك الابل المعروفون قد بنوا عددا من المخيمات الضخمة والتي يرتادها الزوار ليل نهار وتدار فيها النقاشات والأمسيات الشعرية, وقد تجد في الليلة الواحدة أكثر من أمسية, فمثلا تجد عند كل مخيم شاعرين أو ثلاثة أو أكثر في أمسية وقد يدار في الليلة الواحدة أكثر من عشر أمسيات متفرقة وقد تكون اكثر, و مما شدني في إحدى الليالي التي كنت بها أنا والشاعر غازي بن عون وابن خيران الرشيدي حسن الانصات من قبل المتواجدين والإلحاح في طلباتهم فكانوا يريدون الليلة كلها شعراً وهذا دليل قاطع على حب هواة الإبل للشعر وتعلقهم به ولكونه الوسيلة الوحيدة المتاحة والمفضلة لتقضية الوقت حتى حلول اليوم الختامي للمهرجان , وكذلك لاحظت دقة ملاحظاتهم فهم يسألون عن بعض النقاط ويناقشون فيها مما يدل على معرفتهم بمعاني القصيد ومغازيه وهذا دليل على أنهم متذوقون من الدرجة الاولى, وعندما ناقشت عدداً من الزملاء الشعراء حول تلك الأمسيات كان الجميع يتمنون أن تقام على هامش تلك المناسبة أمسيات منظمة من قبل لجنة المهرجان ويخصص لها مكان كبير حتى يسهل على الجمهور الحضور والمتابعة. بالمقابل تواجد في أم رقيبة عدد كبير من الشعراء كانوا هناك للتنزه فقط ولم يشاركوا في تلك الامسيات وقد قابلت العديد من الزملاء ولكن خوفاً من أن أنسى أحدهم تحاشيت ذكر الاسماء ولكنهم كانوا اكثر مما توقعت.