(العالم العربي مليء بأمثال كيم سونج، فها هم يقفون امام قبر ياسر عرفات بنفس الطريقة، في حين لا يفكر احد في زيارة قبر شارل ديغول في فرنسا او ونيستون تشرشل في بريطانيا رغم دورهما في تحرير بلادهما من استعمار هتلر وهيمنته الشرسة، لقد زل الرجلان بصمت بعد فشلهما في الانتخابات، وذهب كل منهما الى منزل ريفي فى صمت وهدوء تام). الطريقة التي تمجد بعض الشعوب فيها زعماء اذلوها بين الأمم طريقة تثير الحيرة، كيم ايل سونج في كوريا الشمالية يقف أمام قبره عشرات الألوف كيوم للتعظيم والبكاء، رغم التخلف والمجاعة الحقيقية التي خلفهم فيها، إلا انهم يبكون بحرقة امام قبر الزعيم المحبوب. ثم سلمهم كتركة ورثها ابنه من بعده! ما السبب في هوان انفسهم عليهم، رغم كل تلك المعاناة؟ العالم العربي مليء بأمثال كيم سونج، فهاهم يقفون امام قبر المسئولين العرب بنفس الطريقة، في حين لا يفكر أحد في زيارة قبر شارل ديغول في فرنسا أو نيستون تشرشل في بريطانيا رغم دورهما في تحرير بلادهما من استعمار هتلر وهيمنته الشرسة، لقد زل الرجلان بصمت بعد فشلهما في الانتخابات، وذهب كل منهما إلى منزل ريفي في صمت وهدوء تام. في المجتمعات النامية يستمر الزعيم في الحكم طوال حياته بل حتى بعد مماته، يجمع انصاره أمام قبره ليسمعوا تعليماته كما يحدث في تركيا التي تزدحم فيها صور اتاتورك، واكثر منه في بلاد العرب. يجتمع الاتباع امام قبر ليقسموا انهم على (الدرب) سائرون و(تعال شوف هالدرب)، درب الخنوع وتقبيل ايادي ارملة رابين ومادلين اولبرايت، و (دروب) مدريد واوسلو العفنة. اذن، تبجيل بلا حدود يقابله فشل وهوان ايضا بلا حدود، فإذا قارنت ذلك بانتصارات ديغول وتشرشل وما انتهيا اليه فإنك تصل إلى ان التخلف ليس في البناء والعمران فقط، ولكن في التمييز بين الغث والسمين. يقابل هذا ما سمعته من أحد الإخوة في عمان، قال:(قابوس بنى بلدنا، وجمعنا من الخارج ونقلنا إلى المقدمة، والله ما قصر ورايته بيضاء)؟ هذا التقدير للانجاز تجد مثله في المملكة العربية السعودية؟ وقد سمعته من رجل في حائل، قال:(كنت لا أعرف شيئا غير الأبل، امشي مع 13 ناقة وأنا رقم 14، لا اعرف الصلاة ولا الاغتسال، وجاءنا الأمير مقرن ووزع أراضي علينا وارسل لنا مهندسين زراعيين وعطانا فسايل وحبوب وحفر لنا الابار. وقال لنا ما عندنا باصات اللي يوصل اولاده للمدارس كل يوم له عشرة ريال عن كل واحد صارت مهنة وفائدة، تركت الرعي وهذا انا اشوفهم يتعلمون ويكبرون). هذا التقدير لا تحجبه عنا اصوات مضللة ولكنها مرتفعة، فالمنجزات على الأرض اشد ارتفاعا فهي مما ينفع الناس، ويمكث في الأرض، ولن يعبث بنا من يريد تغيير المنكر بأنكر منه. كفا عبثا بالشعوب، وتقديسا لمن دمرها وتجافيا لمن عمرها، كفى.