قراءة سريعة لمحاولتي تفجير مبنى وزارة الداخلية والطوارئ، تكشف لنا أنها لم تكن تعني إطلاقا تلك الرمزية في هز صورة الدولة كما صورت بعض الصحف اللندنية، ومازلت أعتقد أنه لا وجود لأيدلوجية واضحة أو ثابتة لهؤلاء المفجرين كما يصر البعض الآخر. لسنا في معرض التقليل من شأنهم، كما لا يمكننا أيضا أن نتعامل بشكل سليم معهم لو أننا أعطيناهم أكبر من حجمهم. الهدف من هذا التفجير هو تصفية حساب وثأر من جهة تكفل أفرادها بأمر القضاء على فلولهم وتسببت في مقتل رفاقهم على مرأى منهم. ثأر مازلنا نعيب على بعض المجتمعات المتخلفة التمسك به رغم مخالفته الشرائع السماوية والدنيوية، ثم نفاجأ بمن يتستر ببعض الأسانيد الشرعية يمارسه أمامنا علنا دون تحوط لخلايا عصبية تعمل في عقولنا فنرى الأمر كما هو مجرد ثأر نبت من سخامة صدر. تفجير مبنى وزارة الداخلية، أسقط ورقة التوت عن سوءة المفجرين، فبدا لأقل الناس عقلا أنه لا قضية عادلة يتبنونها في كفاحهم المسلح كما يريدوننا أن نعتقد. والدليل على ذلك في أشرطتهم حيث يهز أحدهم قنبلة يدوية في يديه متوعدا قاصدا به الداخلية، والأدلة الأخرى تكشف نفسها تباعا حين لا ترتبط تلك التفجيرات بخيوط تنسج قضية يمكن نقاشها والحوار حولها. مبنى وزارة الداخلية وإن تساقطت واجهته الزجاجية، فهو ليس من زجاج، وليس من حجر ولا من جموع بشر. هو مبنى صلد من نوايا صلبة لمجتمع آمن لا يريد فتنا كقطع الليل، وقذفه للمارقين المفجرين بحجارة من نار لن ترتد على صلابته إطلاقا، فحاجة مجتمعنا الغريزية للأمن، شئنا أم أبينا تتمثل في هذا المبنى الذي أرادوا تفجيره، ومهما فجروا فالمجتمع الآمن يعيد تشكيل دفاعاته من جديد وتلقائيا كونه آمنا ومؤمنا. ....... الحمد لله والمنة أن سلم أقاربنا وأحبتنا وأهل الرياض من نيران نافخي الكير وأصحاب التفجير، ونسأل الله أن يديم هذا السلم علينا ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.