خلال زيارته للقاهرة مؤخراً تحدث الروائي الطيب الصالح في إحدى المناسبات الثقافية عن الفضائيات وقال إنني أشاهد ما يسمح به وقتي، مما تبثه بعض الفضائيات العربية، وأرى أن بعض الفضائيات لها برامج متطورة، استطاعت أن تشد إليها المشاهد، ولكن بعض الفضائيات الأخرى ما زالت برامجها محلية جداً، وأنا هنا لست ضد المحلية، ولكن المطلوب من الفضائيات أن تنقل صورة صادقة عن ثقافة مجتمعها إلى الآخر.. لان وظيفة الفضائيات في اعتقادي هي أن تعرف الآخر بثقافة كل شعب. حتى يفهمها هذا الآخر الفهم الصحيح. ومطلوب من الفضائيات العربية أن تقدم من المخزون الثقافي والحضاري لكل شعب من شعوبنا العربية، ما يقنع الدور الغائب حالياً عن برامج عدد من الفضائيات العربية التي أشاهدها. ما يعوق وسائل إعلامنا العربية سواء كانت صحافة مكتوبة أو فضائيات هي أنها وسائل إعلام محلية محدودة الانتشار، وهذا في اعتقاد سيشكل عائقاً أمام تطورها. وعن حوار الحضارات قال إن المسألة تكمن في قدرتنا على التحاور مع الآخر حتى نفهمه ويفهمنا ونقدم له ثقافتنا مثلما استوعبنا ثقافته، وهناك العديد القواسم الحضارية التي تجعل الحوار بين الثقافات ممكناً وهو البديل عن تصادم الحضارات. مؤكداً أن حوار الثقافات هو المطلوب الآن من كل الشعوب، عوضاً عن الالتجاء إلى الصراعات والتطاحن. وعن الترجمة قال إن الغرب بدأ يتجه نحو ترجمة الأدب العربي إلى لغته التي يفهمها، وقد بدأنا نلمس أن العديد من دور النشر الغربية أصبحت تتسابق نحو ترجمة روايات عربية إلى اللغات الغربية. ويعطي الروائي الطيب صالح مثالاً على ذلك بقوله قابلت ذات مرة ناشراً ألمانيا، وقال لي إن الغرب بدأ يفهم أن المستقبل سيكون للأدب العربي، مثلما كانت الفترة السابقة فترة تميز فيها الأدب الانجلوسكسوني. وخلص من ذلك إلى القول إن على الكتاب العرب أن يغتنموا هذه الفرصة المتاحة الآن أمام الأدب العربي للتعريف بأعمالهم. أما عن مشاريعه القادمة فقال إن ما يشغلني هو مشروع إتمام كتاب في ثلاثة أجزاء بدأته منذ عشرين سنة في شكل رواية حول واقع الحياة في منطقة الشمال السوداني التي عشت فيها، أتمنى أن انتهي من إنجازه، كما يشغلني على المستوى العام الأحداث التي يمر بها العالم العربي وهي أحداث تؤدي إلى توتر في نفسية الكاتب بلا شك، لان الكاتب هو جزء من هذه الأمة، ومطلوب من الإعلام العربي أن ينقل صورة صادقة لدقائق هذه المرحلة.