قال تعالى: (إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) آية 34 لقمان . أمام هذه الآية الكريمة يستشف العبد المخلوق عظمة الله وقدرته على الخلق والابداع والرزق والافقار والغنى وما كان وما سيكون .. الخ، ومن هذا كله يتضح قصور الانسان عن معرفة الأشياء الغيبية، فهو لا يعرف شيئا عن قيام الساعة ولا لحظة نزول الغيث، ولا ما بداخل الأرحام وما يمر به من أطوار ولا يعرف ما يحدث له من الخير أو الشر أو الصحة أو المرض، ولا ما سيحدث له في الغد ولا الأرض التي يموت فيها. ( فذلك كله وراء الستر المسبل السميك الذي لا تنفذ منه الأسماع والأبصار). ومن ناحية أخرى، فإنه مع مزيد الأسف من الناس من يورد معلومات تدعو إلى التكهنات ولم يوضحوا المصادر التي نقلوا منها، كما اشار مؤلف كتاب " المنجد في اللغة والاعلام" في الصفحة 94 بالطبعة 26 دار المشرق بيرت 1986 فيقول:" علم الجفر " ويسمى علم "الحروف " علم يدعى أصحابه أنهم يعرفون به الحوادث إلى انقراض العالم وبما أن أصحابه يدعون ذلك، وهي معلومة تتناقض مع الايمان ومبادىء الإسلام، ولم تتم الاشارة إلى المصدر الذي تم نقلها منه، وما موقف هذه المعلومة من قوله تعالى: " وما تدري نفس ماذا تكسب غداً" وإذا كانت النفس البشرية لا تدري عما تكسب في غدها فكيف يفيد أصحاب علم الحروف، بمعرفة الحوادث إلى انقراض العالم؟!من جهة أخرى كتب صاحب المعجم الوسيط الدكتور إبراهيم أنيس ورفاقه في الصفحة 126 من الطبعة الثانية، ولم يذكر تاريخ الطبعة ومكانها فقال: " جلد كتب فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو جعفر الصادق الأحداث قبل وقوعها"ولم يذكر أيضا المصدر الذي أخذ منه هذه العبارة، وهذه أيضا تتنافى مع قوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) آية 59 الأنعام. وفي الحقيقة: إن الآيتين اللتين ختمت بهما سور لقمان فيهما نداء رباني لعباده بأهمية العمل بالتقوى والخشية من يوم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده، وفيهما العظة والعبرة والتذكير بعدم الاغترار بالدنيا وزخارفها ، والابتعاد عن المتع التي تلهي النفس سواء أكان ذلك بالمال أم بغيره وفيهما ما يؤكد علم الله بالغيب، وأنه العلي الخبير، وهذه كلها لمسات تصويرية لكمال الإيمان بالله، وأن هذه الغيبيات فوق قدرة الانسان وعلمه، ولا يعلمها إلا الله. وفي الختام: نسأل الله أن يبصرنا بأمور ديننا وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ويهدينا إلى سواء السبيل. عبد اللطيف بن سعد العقيل