لاحظنا في (خليجي 17) التي شارفت على الانتهاء أن لقاءات وتجمعات اللوبيهات التي كانت في الدورات الماضية مسرحاً للتصريحات الساخنة بين رؤساء الوفود قد انحسرت جداً لدرجة أنها كادت تختفي، والبعض قد يرى في ذلك نقصاً أو ضعفاً، ولكن بالإمكان الآن أن نتأكد من أن ما حدث محصلته إيجابية على الدورة ككل بالمقارنة بالدورات الماضية، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن هذه التجمعات كانت تشهد أحياناً مساجلات فيها خروج عن النص، وتجاوزات تبعد بالبطولة عن ملعبها الأخضر لتصنع ما يمكن أن نسميه اللعب خارج الملعب، وهو لعب لا يضبط الخروج عن قواعده وقوانينه أي حكم، ولذا نتصور أن مضاره كانت أكثر من منافعه. ولكن، ولأن دورات الخليج لا يمكن أن تبدأ وتنتهي دون تصريحات مليئة بالبهارات اللاذعة، فقد عوضت القنوات التلفزيونية من خلال برامجها الحوارية غياب مساجلات اللوبيهات، وأحلت محلها المداخلات التي تتم على الهواء، وهذه في تقديرنا أصعب وأخطر على الدورة، لأنها تتطلب كياسة وحنكة وسرعة بديهة ورداً فورياً، بينما تصريحات المجالس- كما تعلمون- كانت تأخذ سبيلها عبر الصحف، وحتى موعد النشر، وحتى الرد في اليوم التالي تكون هناك ساعات وساعات تسمح بالتركيز والمراجعة وانتقاء المعاني، مما يسمح بتخفيف الحدة وتهدئة النبرة، وكثيراً ما يقوم الصحافيون، على غير ما يعتقد البعض، بإزالة ألغام، ونزع الفتيل من قنابل موقوتة مزروعة ضمن تصريحات بعض المسؤولين حفاظاً على الدورة وصوناً لنجاحها. ولكن ماذا إذا أصبح التجاوز والشطط على الهواء هكذا، وماذا إذا تصور البعض أن إساءة الأدب شطارة، وأن الخروج عن الروح الرياضية جرأة، وأن سلاطة اللسان شجاعة؟ الدورة ولدت لتدعم أواصر الصداقة والتعاون والمحبة بين شعوب المنطقة، ونتصور أنها رغم بعض الشوائب نجحت في تحقيق هذا الهدف، ولكن مع فتح الباب على الغارب لما تبثه القنوات الفضائية من برامج وما تشهده من تجاوزات، ربما تحيد الدورة عن مسارها وعن أهدافها، فانتبهوا واحذروا فلن يكون هناك شوط فاصل إذا تماديتم في اللعب بالنار على الهواء. *الخليج الاماراتية