السؤال: أنا امرأة في الخمسين من عمري, توفي زوجي قبل عدة أعوام، وبعد ما كبر أبنائي واستقروا في حياتهم والحمد لله، تزوجت رجلا يصغرني بخمس سنوات، وبيننا من الحب والود الكثير، علماً بأنني أبدو أصغر من سني، ولي نصيب من الجمال. لكن ما أفكر فيه هو أني في طريق الشيخوخة، وهو صغير بالنسبة لي، وأشعر بالندم على قراري بالزواج منه، مع أني أحبه حبا شديدا، لكن فارق السن يقض مضجعي، مع العلم بأني زوجته الثانية، وأنه يبدو سعيدا عندما يكون عندي لحسن وطيب معاملتي له.. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب: الحب لا يعرف الزمان ولا المكان ولا المنطق ولا الحدود، لكن شئنا أم أبينا ستخضع كل ذرة فيه للشرع. إذن هل هناك عمر محدد يتوقف فيه القلب عن النبض بالحب؟ في مجتمعاتنا العربية ومما تشمله الموروثات الثقافية الشرقية وليست الإسلامية أن المرأة مع الأربعين تنتهي! وما بقي لها إلا أن تنتظر الموت، وحسن الخاتمة، فها هي قد أدت رسالتها وربت أولادها، لأنها ما وقفت لحظة في زحمة ما مر بها من أحداث لتسأل نفسها عن نفسها! وهل للحياة محاور أخرى غير الزوج والبيت والأولاد يمكن من خلالها أن تواصل مسيرتها وتبدع في هذه الحياة أم لا؟ كل لحظة في هذه الحياة تستحق أن نعيشها ونستمتع بها، لكن ما يقدر على ذلك إلا فقهاء الحياة الذين يدركون مراحلها، وكيفية اقتناص الجمال الذي تتميز به كل مرحلة. الفقيه من الرجال حقاً -وقليلٌ ما هم- من يتعرف على الجمال المكنون داخل المرأة في تلك المرحلة من عمرها، التي تبدأ غالباً عند الأربعين حين تتسم برقي العاطفة والنضج والهدوء والاتزان والنظرة العميقة للحياة. فما يزيده هذا، أي الفقيه! إلا احتراماً وتقديراً لها وتبني أسلوب آخر في التعامل معها، ليعرف كيف يستمتع بجمالها ويسعد معها. فكم تعشق المرأة في هذه المرحلة من عمرها الرجل الهادئ المتزن الذي يحتويها ويقدرها، فلا تملك إلا أن تمنحه كل الحب الذي انطوى عليه قلبها، فيجد عندها في هذه السن ربما ما لا يجده عند الأصغر سناً، ولو كانت أكثر جمالاً. أختي الكريمة: هنيئاً لكِ بهذا الزوج الفقيه بجمال الأربعين، بل العلامة الذي اكتشفه في الخمسين، فلم القلق؟ هل أخفيتِ عنه شيئاً؟ أما كان عمرك معلوماً لديه كما بدا جمال روحك ومازلتِ تحتفظين به من جمال هيئتك واضحاً أمامه تماماً وهو يتخذ قرار الزواج منكِ؟ مثل هذا -وإن غزت الأيام جمال هيئتك- ما جذبه إليكِ وقد كان أمامه الكثيرات الأكثر جمالاً وشباباً، ما يقف طويلاً عند المظهر، وقد ملكتِ قلبه وعقله بسحر المضمون والجوهر. استمتعي بكل لحظة من حياتك مع هذا الزوج الرائع بحق، ولا تدعي لمثل هذه الهواجس أية مساحة في تفكيرك. وكل دعواتي لكما أن يديم الله تعالى عليكما هذا الحب الجميل العميق، وهذا الاحترام والهدوء إلى السبعين والثمانين، وإلى آخر لحظة من العمر كله.