كلما خرجت "أم محمد" مع زوجها ورفيق عمرها، وهو الرجل الذي قارب على السبعين من عمره شعرت بالغيرة عليه في الأماكن العامة والأسواق حينما تشاهده ينظر إلى إحدى الفتيات الموجودات في المكان، فعينيها لا تغيب عنه وامتعاضها بداخلها أكبر، حيث تشعر حتى بعد هذا العمر الذي وصلت إليه مع زوجها بالغيرة الشديدة من أن "تزيغ" عيناه لأخرى أجمل وأصغر، فتقترب منه وتسحب يده إلى جهة أخرى بعيداً عن مكان النساء، وتطلب منه أن يشاهد معها ذلك الغرض أو تلك الحقيبة، فيما ينسحب "أبو محمد" بتثاقل معها وبلا مبالاة.. د. شريف: الرجل المسن «أبو عيون زايغة» يثير في زوجته الخوف والغيرة منه لم تكبر "أم محمد" بداخلها؛ فمازالت تشعر بأنها ذات الشابة العشرينية التي تزوجت من "أبو محمد" قبل خمسين سنة، فغيرتها على زوجها "المسن" موجودة، وجاهزة لحمايته من النساء الشابات اللواتي لا يمكن لواحدة منهن أن تفكر في زوجها العجوز، فيما يختلف إحساس "أم محمد" التي مازالت تشعر حتى بعد مضي كل هذه السنوات بأن زوجها مطمع بأن يتحول إلى "مشروع سرقة"! وعلى الرغم من أن تلك المشاعر موجودة فقط ومحتدمة بداخل "أم محمد" وتشغلها أحياناً، إل اّ أن زوجها "المسن" لا يشعر بكل ذلك، حيث يمتع نظره فقط بمشاهد لم يعشها حينما كان في مقتبل العمر؛ فهو لا يفهم كثيراً ما تشعر به زوجته، ولا يتصور بأنها حتى بعد هذا العمر الطويل وبعد أن وصلت لهذا السن بأنها مازالت تغار عليه. تغار بعض السيدات على أزواجهن حتى بعد أن يتحول إلى رجل مسن، فتشعر بأنها مطالبة دائماً بأن تحرسه بعينها وحبها، بالرغم من أن البعض ينتقد ذلك، بل وربما يستهين بتلك المشاعر؛ لأنها تبدر من امرأة مسنة نحو زوجها المسن الذي لا يتوقع أحد بأن يتفاعل معه! وتبقى المرأة هي المرأة بذات الانفعالات والمشاعر فيما لا يتنبه الرجل إلى ذلك أو يفهمه كثيراً.. وأمام تلك الغيرة من الزوجة على زوجها المسن تجد تلك الغيرة انتقاداً كبيراً وسخرية من بعض أفراد المجتمع والمحيطين بالمرأة الذين لا يجدون ما يبرر تلك الغيرة. مشاعر المرأة تبقى خائفة على زوجها وليس منه غيرة متوازنة وترى "أم عبدالعزيز" -البالغة من العمر ستين عاماً- أن مشاعر المرأة ليس لها ارتباط أبدا بسنها أو سن زوجها، فمشاعر الغيرة تأتي من المحبة، وحينما تكون المحبة حاضرة فإن المرأة تبقى تنظر لزوجها بذات النظرة التي كانت تنظر له حينما كانت زوجة في بداية الحياة الزوجية مع زوجها، فتغار على زوجها المسن حتى إن وصل عمره "المئة"؛ فيبقى هو الرجل الأول في حياتها الذي تخشى عليه دائماً من أي امرأة أخرى، مشيرة إلى أنها حتى بعد هذه العشرة الطويلة التي مرت بها مع زوجها؛ فإنها مازالت تشعر بالغيرة عليه، ولكن الغيرة في هذا السن تختلف عن الغيرة التي تبدر من الزوجة حينما تكون شابة؛ فالمرأة المسنة تغار على زوجها المسن ولكنها غيرة تسمى غيرة "الثقل" أو الغيرة الهادئة المتوازنة التي لا تؤذي أو تثير أي إشكالات، على الرغم من أنها قد تؤثر بداخل المرأة ولكنها لا تشعر زوجها كثير بها، وإنما تفضّل أن تمررها إليه بشكل اعتيادي، وكأنها حكاية تقال في جلسة، ولكن المرأة في الحقيقة تعنيها تلك المشاعر وتؤثر فيها تلك الغيرة. وقالت: "الكثير من أبنائي أو أخواتي حينما يلحظن غيرتي على زوجي فإنهن يعلقن بعبارة (شايب وتغارين عليه)"، مشيرة إلى أنها دائماً تشعر بأن هذا "الشايب" هو أجمل وأفضل رجل في عينيها، وأنها مازالت المرأة التي تحبه وتشعر بالغيرة عليه من أي امرأة أخرى. مراهقة متأخرة وتنتقد "حنان راشد" غيرة بعض النساء على أزواجهن بشكل يخرج -أحياناً- عن حدود المعقول والتهذيب، فهناك نساء حتى حينما يدخلن في سن الشيخوخة تتصرف كما تتصرف الفتاة العشرينية بطيش ودون تأمل لسلوكياتها؛ فتغار على زوجها كما كانت تغار عليه وهو شاب صغير، متحدثة عن الموقف الذي وقفت فيه وتسبب لها بالكثير من الحرج، حيث كانت تبحث عن سائق يقيلها إلى عملها كل صباح وقد وجدت سائقا يضع رقمه على زجاج السيارة، واتصلت به لتنسق معه بأن يلتزم معها بشكل يومي، ومما زاد من حماسها وثقتها بأن السائق كان رجلا مسنا في الستين من عمره، وبلحية بيضاء ويبدو عليه الوقار والاحترام الشديد حتى أنه كان لا يناديها إلاّ "ابنتي"، وبعد مضي أيام تفاجأت بأن زوجة هذا السائق تتصل بوالدتها وتطلب منها أن تبعد ابنتها عن زوجها، وأن لا تركب معه مرة أخرى وإلاّ ستضطر إلى فعل مشكلة كبيرة، وأمام دهشة الجميع أوقفت التعامل مع ذلك السائق بعد أن تفاجأ الجميع بأن المرأة التي كانت تتحدث عن زوجها وتغار عليه هي امرأة في الستين من عمرها وزوجها كذلك. وقالت: "ليس هناك أجمل من الثقة والتوازن بين الزوجين حتى حينما تتقدم الحياة بين الشريكين؛ فالمرأة إذا ما أدركت وشعرت بأن زوجها يرتبط بها كثيراً؛ فأنها لن تغار عليه حتى إن دخلت في سن الشيخوخة، وبقي الرجل دون أن يشيخ". الخوف من الفقد أما "مريم سعد" فترى أن الزوجة تبقى تحمل مشاعر الغيرة على زوجها حتى يموت ولا يضرها في ذلك شيء، وحينما يعلّق الزوج على إحدى النساء أو تشعر بأنه نظر في مكان عام لامرأة أخرى؛ فإنها تشعر بالكثير من الأسى بداخلها؛ لأنه مازال الرجل الذي تحبه وتخشى بأن يتراجع عن محبته لها بعد أن تكبر فيكون لديها مثل ردود الفعل، اللاإرادية؛ لأنها تقدمت في العمر وتخشى بأن ينظر لامرأة أصغر وأجمل منها يستعيد معها شبابه، وتلك فكرة قد تخطر ببال المرأة فتشعر بالغيرة على زوجها "العجوز" الذي قد يكون في الحقيقية يعتمد في تناوله على دواء السكر والضغط عليها، ولا يستطيع أن يفعل أي شيء يتعلق بأموره الخاصة أو الشخصية حتى تكون هي موجودة، موضحة أن مشاعر الغيرة على الزوج الطاعن بالسن لا تشعر بها جميع النساء؛ فهناك من النساء من إذا وصل زوجها لسن معين ودخل الشيخوخة تشعر بالأمان ولا تشعر بأي خوف منه أو بسببه؛ فتصل إلى مرحلة أمان كلي معه في الحياة. الثقة.. وغيرة المرض ويرى "د. شريف عزام" -استشاري العلاج النفسي بمستشفى عرفان بجدة- أن سن الشيخوخة تبدأ من سن الستين فما فوق، والمرأة تتميز بصفة الغيرة، وهي الصفة التي تتميز بها عن الرجل، وتلك الغيرة لدى المرأة مبنية على أسباب نفسية كثيرة، أهمها عدم ثقة المرأة بنفسها؛ فحينما توجد المرأة التي تعرف مميزاتها وتدرك بأنها تؤدي جميع واجباتها وبأنها تملأ قلب زوجها وعينه فإنها تثق به ولا تشعر بالغيرة، مشيراً إلى أن هناك من يحاول أن يرمي التهمة على الزوج فيقال هي تثق بنفسها ولكنها لا تثق بزوجها، وتلك محاولات للتلاعب بالألفاظ؛ ففي الحقيقة المرأة التي تشعر بالغيرة الكبيرة على زوجها فإنها لا تثق بقدراتها وإمكاناتها تجاه زوجها. وقال إن هناك نوعا من أنواع الغيرة، وهي الغيرة المبررة، حيث يوجد بعض السيدات من تغار على زوجها من أخته أو من أمه أو من طالبة من طالباته التي يدرسها في الجامعة، وتلك غيرة غير مبررة وهي مرضية، وهناك أيضاً من الرجال من تكون عينه "زائغة" وتعلم الزوجة بصفات زوجها، وأنه يحب ملاحقة النساء بنظراته؛ فتشعر بالغيرة منه، موضحاً أن الغيرة حينما تكون غيرة مرضية لدى الزوجة؛ فإن الرجل قد يصل إلى أن يكذب على زوجته حتى يتفادى الخلافات معها؛ فقد يكون لديه عمل واجتماع مع نساء ورجال وتسأله الزوجة فينكر ذلك ويكذب ليتفادى شكوكها. وأضاف أن تلك الغيرة المرضية هي الغيرة التي تستمر لدى الزوجة بعد سن الشيخوخة تجاه زوجها؛ لأنها تشعر بأن زوجها حينما كان شابا تشعر بأنه ينظر ويميل للنساء فتشعر بالخوف عليه بشكل كبير، وحينما تكبر في السن وتفقد عوامل جمالها فتشعر بالغيرة عليه بشكل كبير، مبيناً أن بعض النساء لديها غيرة تدفعها لحب التملك فتحب أن تمتلك زوجها، خاصة حينما يكون زوجها في سن الشيخوخة، ولكنه يحافظ على مظهره الخارجي، ويبدو أنه أصغر من سنه ففي مجتمع الخليج هناك من الرجال وهم كثر من إذا وصل إلى سن الشيخوخة يميل إلى فتاة أجمل وأصغر من زوجته تعيد له شبابه، وذلك ما تدركه المرأة؛ فتشعر بأنها وصلت لسن الكبر في حين زوجها لديه فرصة للزواج خاصة مع العوامل الطبية المساعدة. وأشار إلى أن المجتمع الشرقي ينتقد المرأة التي تغار على زوجها المسن؛ لأن النظرة للرجل المسن هي نظرة الوقار وأنه الرجل الرمز للوقار وعدم وجود الأخطاء، وذلك ما يجعل المجتمع ينتقد المرأة التي تغار على زوجها "العجوز"، مشيراً إلى أن الغيرة المرضية تتطور في سن الشيخوخة حينما تكون موجودة في سن الشباب؛ فهناك فرق بين الغيرة المرضية والغيرة العرضية، خاصة أن الغيرة لا ترتبط فقط بالمرأة فقط فهناك من الأزواج من يغار على زوجته غيرة شديدة حتى حينما تصل إلى سن الستين فيحاسبها على كل صغيرة وكبيرة وعن دخولها وخروجها من البيت، وذلك ما ينطبق على المرأة خاصة حينما تشعر بأنها بدأت تفقد مقومات الجمال والنضارة فتشعر بالغيرة، خاصة حينما تكون تلك الغيرة صفة مرضية بها منذ الصغر، ولها تاريخ قديم حينما كانت في السن الطفولة تغار من أخوتها.