حين أخذت مقعدي على الرحلة المتجهة من الدمام لجدة طلبت مصحفا، ثم اندهشت حد الاستنكار حين أخبرني المضيف: (لا يوجد). "أكل الطائرات أم طائرتكم فقط؟" تساءلت باستغراب ممزوج بمرارة. أجابني وصدمني:" نعم الكل" ثم أعارني مصحفه الصغير، وما كدت أسترسل في القراءة حتى حدثتني نفسي المتشككة في بعض المطابع العربية بالتأكد من جهة طباعة هذا المصحف الصغير، ففوجئت على مقدمته بعبارة كُتبت كما يلي: (إهداء بمناسبة عقد قران فلان على فلانة) فشهقت في نفسي، وشعرت بندم شديد لعدم جلبي مصحفا من بيتي. تعقيبا على قصتي، روت لي سيدة موقفا مماثلا مع راكب طلب مصحفا فعاث المضيفون ساعة في دواليبهم حتى وجدوا مصحفا صغيرا وممزقا، إذن القصة تتكرر ولا حراك. كيف لنا ونحن قبلة المسلمين وأرض الرسالات، ونملك أكبر وأشهر مطبعة للقرآن، لا نحمل مصاحف في طائراتنا المقتربة من بيت الله؟ ما حاجتنا للقرآن؟ قد يتساءل مسئولو الخطوط الجوية، إن كان دعاء المسافر مستجابا، فكيف بقراءته القرآن، فالذكر ليس محصورا في دعاء المسافر الذي تقوم الخطوط مأجورة بتشغيله مع كل إقلاع لطائراتها. هل ستقول لنا الخطوط احملوا مصاحفكم معكم؟. للأسف لا يمكن للركاب حملها دوما، لداعي سفر مفاجئ أو نسيان أو خشية دخول حمام وهي في جيوبهم أو حقائبهم حيث لا يمكن ترك الحقائب خارجا. وكيف تستكثر الخطوط وضع مصاحف، و لكل مقعد شاشة ونسخة من مجلة الخطوط (أهلا وسهلا) في جيب المقعد حيث لن تُطلب من عربة الصحف التي تدور علينا ولا وجود للمصاحف عليها. لم تستسغ صديقة اقتراحي بوضع المصاحف مع الصحف، فاقترحت وضع مكان لها في الدواليب المواجهة لباب الطائرة، لمن يريد أن يأخذه بدخوله أو ينهض لاحقا لاستعارته. أخيرا، إن لم ترغب الخطوط في وضع المصاحف، أطلب منها أن تقبل تبرعات أهل الخير بالقرآن ليكون وقفا لله تعالى على المسافرين جوا. ونرفق تبرعاتهم سجاجيد للصلاة تفتقدها الطائرات حين يفرش الركاب الأغطية لغرض الصلاة في الطائرات الكبيرة.