جاءتني هذه الرسالة من مربية معروفة يؤرقها ما تراه من تحول خطير في عادات وسلوكيات مجتمعاتنا وخصوصا لدى الأجيال الشابة فأرادت المشاركة في الإبلاغ والتوجيه ، و أحبت أن يقتصر على رمز اسمها بالسيدة ف.إ.م: "سيدتي الكريمة حكيمة: نلاحظ في السنوات الاخيرة هبوط المستوى الأخلاقي للأسرة والمجتمع العام. وفي نظري يرجع هذا لأسباب كثيرة منها: أ- عمل المرأة: خروج المرأة من المنزل حمّلها أعباءً جديدةً ، بالإضافة لأعمالها في المنزل، مما سبب تقصيرا طبيعيا في مهمتها الأساسية وهي في تربية النشء .. ب- إشراف الوالدين على الطفل: يتفق المربون بأن السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل تشكل البناء الأساسي لسلوك وطبيعة الشخص عندما يكبر، وحيث أن الأطفال يبقون بعيدا عن القرب الحميم والإشراف المباشر اللصيق من قبل الأم والأب بفعل متطلبات الحياة الحالية من عمل المرأة وانشغال الرجل وبزوغ تأثيرات مهمة في حياة الطفل الباكرة من قبل المربيات والعاملات المنزليات وروضات الحضانة، والتي تؤثر تأثيرا باقيا في نفسية الطفل ونموه السلوكي. ج- وسائل الإعلام: في كل منزل الآن جهاز تلفزيون وصار الكمبيوتر من مقتنيات المنازل، أو أنها بمتناول الأبناء، وبغياب رقابة حقيقية، وقدرة الأبناء بطبيعة هذه التقنيات المفتوحة على الالتفاف على مراقبة والديهم خصوصا عندما يكونون في خارج المنزل، ولوجود تقنيات سهلة للهرب من الأنظمة الرقابية داخل هذه الأجهزة، فإنها إذن تتيح بيئة هائلة لتغييرات السلوك، والتعود على أنماط وأنساق خارجة عن المقبول اجتماعيا وأخلاقيا حتى يكون من صلب العادات، وهو ما نراه بوضوح في الطلائع الجديدة. د- الألعاب الترفيهية: تغيرت طبيعة الألعاب في الأوقات الحديثة، فبعد أن كانت الالعاب عبارة عن دمى جامدة ومثيلاتها بحيث لا تؤثر في طبائع التفكير والنظرة للحياة، وإنما لتقضية الوقت الممتع مع الخيال الداخلي بدون مؤثر خارجي، نرى الآن أن الألعاب تطورت تقنيا بشكل هائل، فأصبحت هي التي تفكر، وتوجه الأطفال لنوعية السلوك مثل ألعاب الصراعات الإلكترونية التي هي عبارة عن مبارزات خيالية في القتل الشرس الخالي من الرحمة والتي تسفك فيها الدماء، ويصير الموت الوحشي مجرد لعبة فيقسى خيال الطفل ويقسى سلوكه. ه - المدرسة: مازالت المدرسة تغذي المناهج والتلقين بالمبادئ المثالية الجامدة التي لا تتطابق مع الواقع ولا تشرحه للطفل، فحيث يدرس مثاليات خالصة، يجد النقيض في الخارج، بل يجده أحيانا داخل المدرسة من تصرفات كل من فيها من جهاز التدريس إلى الطلبة .. وهذه تورث رفضا عاما ونسقا سلوكيا يقرره الطفل لنفسه. ..ثم تبدأ سيدتنا الفاضلة بمحاولة وصف العلاج لهذه السلوكيات التي صارت ظاهرة في مجتمعاتنا لتقول:"مما سبق علينا التركيز على الطرق والجوانب التربوية محاولة لإصلاح ما اعوج في سلوكيات النشء" على أنني أستميحها عذرا وأستميحكم في التطرق لها في مناسبة أخرى لضيق المساحة.. مع اعتقادي أن معرفة سبب أي مرض هو بحد ذاته معرفة في غاية الأهمية بحد ذاتها. @@ حكيمة..