يحسن بنا قبل الدخول في الحديث عن انتخابات المجالس البلدية واختصاصاتها أن نلقي الضوء على مسيرة المجالس البلدية في المملكة: أولاً: المجلس الأهلي عام 1343ه: عند دخول الملك عبدالعزيز (رحمه الله)مكة المكر مة أمر بتكوين (مجلس أهلي)يتكون من 12عضواً يختارهم المواطنون لمساعدته في إدارة شؤون العاصمة المقدسة، وتم ذلك عند دخوله لها عام 1343ه. وقد تطور هذا المجلس وامتد أفقياً ليشمل كامل المنطقة الحجازية. فإضافة إلى مكةالمكرمة، و امتدت فكرة تطبيق المجالس الأهلية لتشمل المدينةالمنورةوجدة وينبع والطائف، وشارك في هذه المجالس الأهلية نخبة من العلماء والأدباء والمفكرين ورجال الأعمال (التجار). وكانت هذه المجالس الأهلية هي النواة الأولى للمجالس المدنية. ثانياً: النظام العام لأمانة العاصمة والبلديات: يبين هذا النظام تشكيلات أمانة العاصمة والمجالس البلدية وواجبات كل منها وطريقة توزيع الأعمال والقيام بها ومن ذلك:"انتخاب وترشيح رؤساء الحرف والصنائع ومراقبة أعمالهم". كما أوضح النظام العلاقة بين البلدية والمجلس الإداري والمجلس البلدي على النحو الآتي: * تنظيم الميزانية السنوية في المجلس الإداري، وعرضها على المجلس البلدي. * تقديم بيان عام للمجلس البلدي سنوياً يوضح فيه جميع الأعمال التي قامت بها البلدية، وكذلك إجابة المجلس البلدي عن كل ما يطلب الإجابة عليه من الأمور الخاصة بالبلدية. كما نص هذا النظام على أن المجلس البلدي يتألف في كل بلدة بطريق الانتخاب، وأن انتخاب أعضاء المجلس البلدي يكون وفق نظام الانتخاب العام. وأن ينتخب المجلس من بين أعضائه بالاقتراع السري رئيساً ونائباً. ونص النظام على أن المجلس البلدي يختص بالنظر في الأمور الآتية: مشروع الميزانية، والمشاريع، والعقود والمقاولات ودراسة الأنظمة والتعليمات، والرسوم وتقرير تعديلها زيادة ونقصاناً. ثالثاً: المجلس البلدي بالرياض: في أول عدد من صحيفة الجزيرة بعد أن أصبح إصدارها يومياً وتحديداً بتاريخ 20/2/1384ه الموافق 30/6/1964م كان هناك تصريح لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض جاء فيه: "من الواضح أن أعضاء المجلس البلدي سيختارهم المواطنون عن طريق الانتخاب الذي يعد بوتقة تنصهر فيها العناصر الشعبية الطيبة لتنتخب عضواً عنها تتمثل فيه الكفاية واللياقة ورجاحة العقل، كي يكون همزة وصل بين الدولة والمواطنين، يتكلم بلسان حالهم، ويطالب بما تحتاجه محلته بوجه خاص، وما تحتاجه مدينة الرياض بوجه عام. وما دام أن الانتخاب يتوقف على إقبال جموع المواطنين لاختيار الأعضاء فإن نجاح وفشل فكرة المجلس البلدي مسألة تتعلق بالمواطن. ولا شك أننا ما أقدمنا على هذه الخطوة إلا ونحن متأكدون، أن المواطنين في الرياض لديهم الوعي وحب المشاركة والتعاون بما يجعلنا نجزم بأن المجلس البلدي سيعتبر حقيقة واقعة إن شاء الله". رابعاً: نظام البلديات والقرى: صدر بتاريخ 21/2/1397ه ويقع في 49مادة، وخُصصت المواد من 6 إلى 27 للحديث عن المجالس البلدية، ونص النظام على أن السلطات في البلدية تتولاها جهتان: أ-المجلس البلدي ويمارس سلطة التقرير والمراقبة. ب-رئيس البلدية ويمارس سلطة التنفيذ بمعاونة أجهزة البلدية. وجاء في هذا النظام أن وزير الشؤون البلدية والقروية يحدد بقرار منه عدد أعضاء المجلس البلدي في كل بلدية على ألا يقل عن أربعة ولا يزيد على أربعة عشر عضواً، ويكون من بينهم رئيس البلدية، وأن يتم اختيار نصف الأعضاء بالانتخاب، ويختار وزير الشؤون البلدية والقروية النصف الآخر من ذوي الكفاءة والأهلية، وأن يختار المجلس البلدي رئيسه ونائبه بصفة دورية لمدة سنتين. وقد تم إقرار آليات الانتخابات من خلال اللائحة التنفيذية التي أصدرها وزير الشؤون البلدية والقروية، وما يتبع ذلك من صدور التعليمات المتعلقة بالعملية الانتخابية و نشر ثقافة الانتخابات بكل الوسائل بين أفراد الشعب.هذه الانتخابات البلدية تعد تحدياً كبيراً للمواطنين بأنهم أهل للمشاركة الشعبية في بناء مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسة صنع القرارات، التي تسعى الانتخابات إلى ترسيخها. ومن المؤكد أن هذه المؤسسات سوف تتحمل جزءاً كبيراً من هموم الدولة وسوف تخفف عن كثير من الأجهزة الحكومية أعباءها البيروقراطية.