الحديث حول الانتخابات البلدية مازال يملؤه الغموض نوعا ما، فباكورة التجربة تفرض علينا التريث قبل الحكم على أوراق لم تتحول بعد لواقع نلمسه و نعيشه. التروي في إصدار الحكم، يلزمنا أن نتروى أيضا في إقحام المرأة في تجربة لا نعلم ملامحها، فهنا لا نقول (ليدز فيرست) النساء أولا، بل يجب أن تكون المقدمة والإقدام على التجربة للرجل فقط. على كل لست من المؤيدين لخوض المرأة غمار الانتخابات البلدية في الوقت الحالي، دافعي لذلك هو وجود تجربة سابقة للمرأة السعودية في الانتخابات أثبتت فشلها الذريع. نعم تجربة المرأة مع الانتخابات ليست بجديدة، فهناك انتخابات تجري بالفعل في الجمعيات الخيرية النسائية، أعتبرها رمزا لدكتاتورية طبقة برجوازية لم تستوعب بعد آلية تطور المجتمعات. ما يجري في تلك الانتخابات النسائية رغم وجود لائحة انتخابية، هو أن مجالس إدارة الجمعيات لم تتغير منذ إنشائها منذ ثلاثين أو أربعين سنة، رغم وجود بند قانوني يمنع العضو من ترشيح نفسها لأكثر من دورتين (مدة الدورة أربع سنوات). عدم التغيير أثر كثيرا في عمل الجمعيات ورغبتها بعدم التوسع في فتح العضوية أمام فئات المجتمع المختلفة لضمان الأصوات في الانتخابات، وتبعا لذلك رغبتها في عدم التوسع في خدمات اجتماعية قد تجلب جيلا جديدا يرغب في التغيير والتطوير، كل ذلك استجمع في النفس حسرة ترددها بعد كل جمعية عمومية:"خاب الانتخاب". ففي ساحة احتساب الرأي الفردي، يتحول الانتخاب إلى انتحاب وبكائيات نحمد الله فيها على نعمة العقل، فلولا الغضب المخملي لكان سرد قصص هذه الانتخابات متاحا عقب كل دورة. ما يلفت دوما هو عدم وجود استراتيجية واضحة لعمل الأعضاء في الجمعيات وعمل المرشحين حاليا لهذه الانتخابات البلدية، فما خاب من استشار وما خاب من خطط. نحتاج للتخطيط السليم قبل القفز في قطار الديموقراطية، فتعلقنا بمؤخرة القطار لا يعني إننا من ركابه أو في ركابه.