اصداء الحنين مجموعة قصصية للقاص يوسف بن ابراهيم المهوس، تتضمن ثماني قصص هي (عندما يقهر الوفاء) ، (أصداء الحنين) ، (سعاد)، (مثال التضحية)، (عندما تقترب الغربة) ، (سفر السانية)، (الأستاذ صالح)، (الاستاذة ميثاء). وقد أهداها الى رمز الشموخ الصامد، وشمس الحنان الدافئ، ونهر العطاء المتدفق، وجوهر الوفاء اللامع، وينبوع الرحمة الباكي الأم.. لغة القص لغة القص في مجملها اللغة العربية الفصحى ذات الاسلوب الإنشائي حيث اشتملت على اساليب انشائية متنوعة كالأمر، والنهي، والتمني، والنداء، والاستفهام. وكانت اللغة سهلة الى حد ما متأثرة بالطابع الديني مثل قوله (ما شاء الله) و(لا حول ولا قوة إلا بالله) و(الحمد لله). استخدام علامات الترقيم استخداما واسعا ووظفها توظيفا جيدا ومن ذلك : علامة الاستفهام مثل قوله (الى أين؟) وقوله (هل جدتك بالداخل؟) وقوله (ما اسمك؟). ومن العلامات: النقطة، وعلامة التعجب، والفاصلة وغيرها. وجاءت ألفاظ القصص سهلة واضحة ليس فيها تعقيد لفظي سلسة يستطيع كل قارئ ان يفهمها بسهولة ويسر دون الحاجة الى معاجم وقواميس. الرؤية الفنية اهتم القاص بذكر اسماء الشخصيات التي تحدث عنها في قصصه، فقصة (عندما يقهر الوفاء) ذكر فيها اسمين (فالح) و(سعد) ، وكان اسم فالح هو المسيطر على اجواء القصة لاسيما انه الشخصية الرئيسة في هذه القصة. واذا ما نظرنا الى شخصيات القصة الثانية (اصداء الحنين)، فاننا نجد القاص قد ذكر اسمين فيها، اما الاول فهو (حامد) وهو البطل الذي ركز عليه، واما الثاني فهو (اشد) والقاص في مجموعته ركز على ذكر اسماء الشخصيات في اغلب قصصه، لدرجة انه وضع لبعض القصص عنوانا باسم الشخصية التي تحدث عنها ومن ذلك (سعاد)، و(الاستاذ صالح)، (الاستاذة ميثاء). وقد نوع في اختيار شخصياته بين الرجال والنساء، فمن اسماء الرجال (فالح) وسعد وحامد وراشد وصالح وسالم وعلي ، ومن اسماء النساء : سعاد وميثاء. ولعل كثرة اسماء الرجال في هذه القصص تدل على ما تعانيه الامهات من عقوق وجفاء من قبل الابناء لأنهم أشد في المعاملة من البنات اللاتي يتسمن بالرحمة والشفقة لاسيما انه يتحدث عن مشاكل اجتماعية كما سنذكر في الناحية الموضوعية منها قضية الام والزوجة والاخت. ونلاحظ ان اسماء الشخصيات استمدها القاص من بيئته ومجتمعه النجدي، فالاسماء التي ذكرها موجودة في البيئة التي عاش فيها وكانت اغلب هذه الشخصيات رئيسية ومهمة. واذا ما نظرنا الى الاحداث فاننا نجدها مستمدة من الحياة الواقعية التي يعيشها القاص فقد تحدث عن السلوكيات والقيم التي كانت منتشرة في مجتمعه لاسيما قد قال في مقدمة مجموعته (وما أجمل أن يكتب الانسان ويجتهد لابراز هدف سلوكي جميل ينبعث من القيم والمبادئ السامية التي تتلاءم وطبيعة النفس وجبلتها في اطار بيئته التي يعيش في كنفها فوق ثراها وتحت أديم سمائها قريبة منه عزيزة عليه بقدر قربه منها ومعزته لها). ولعل ابرز الاحداث التي تحدث عنها في مجموعته: الجدال بين العم وزوجته حول وجود ابن اخيه في منزله وعيشه في بيته، ونلاحظ ذلك في القصة الاولى عندما يقهر الوفاء. ومنها مطالب اصحاب الحقوق حقوقهم المادية التي في ذمة والد راشد الذي توفي وتم ايداع راشد في السجن بصفته وكيلا عن والده كما قصة اصداء الحنين. ومنها حياة الفقر والبؤس الذي كانت تعيشه الفتاة سعاد بعد موت والدها الذي كان يرأس هذه الاسرة ويدير شئونها بتضحية وايثار شديدين، وذلك كما قصة (سعاد). ولعل اغلب القصص تتحدث عن مثل هذه الاحداث الاجتماعية كاليتم، وحالة الوحدة والغربة ، وموت الزوج، او الاخ، او العم. واذا ما نظرنا الى الزمن في هذه القصص فاننا نلاحظ ان القاص اهتم بالزمن لان الزمن يبرز الاحداث، ويشوق السامع الى معرفة ما تؤول اليه هذه الاحداث من نتائج وثمرات، وقد انقسم الى قسمين: زمن طويل يمتد من الطفولة الى سن الرشد، زمن قصير يمتد من لحظة الى ساعة الى يوم الى شهر كامل. وكان الزمن القصير اكثر استعمالا من الزمن الطويل ومن ذلك قوله (وبعد لحظات) و(بعد مسيرة يوم) و(مر أسبوع) و(بعد مرور وقت قصير) و(مضى شهر كامل). وهذه الاوقات كلها نجدها في قصة واحدة ألا وهي (عندما يقهر الوفاء)، وهذا يدل على اهتمامه بالزمن ولو نظرنا الى القصة الثانية فاننا نجد فيها الازمان التالية: (ولا يزال في السجن الى هذه اللحظة) و(ولم يمض وقت طويل). هذا وقد شكل الزمن هاجسا مزعجا للقاص المهوس، وحاول ان يكون الزمن مساعدا له في تصوير الاحداث ومسليا في اجواء هذه القصص. واما المكان فاننا نلاحظ ان القاص لم يتطرق الى المدن والقرى ما عدا قصة واحدة وهي (عندما يقهر الوفاء) التي ذكر فيها مدينة الرياض، متطرقا الى القصور والحدائق والاسواق اجمالا، ولعل القاص اهتم بالاماكن التعليمية التربوية (المدرسية والكلية والجامعة) فقصة (عندما يقهر الوفاء) تطرق فيها الى المدرسة والدرس والكتب الدراسية. وقصة (اصداء الحنين) تطرق الى السجن الذي يجعل الام في حنين دائم الى ولدها، وهذا الحنين يتمثل في العنوان (اصداء الحنين) وهذا السجن يشكل عاملا نفسيا يؤثر في قلب الام والزوجة. واما السرد والحوار فاننا نجد القاص قد اعتمد على الحوار المتبادل بين الاطراف في المجموعة القصصية. والقصص جميعها لم تخل من الحوار وكان هو الديدن العام في القصص، وقد جاء الحوار بعدة اساليب متنوعة: كالاستفهام والتقرير والتعجب والخطاب الإنكاري والأمر والنهي. الناحية الموضوعية تطرق المهوس في مجموعته الى عدد من المشاكل والقضايا المتعلقة بالمجتمع والتي لايكاد يخلو مجتمع منها وقد وفق في توظيفه تلك القضايا توظيفا جيدا لانه - في نظري - حاول ان يصف الواقع الذي كان يعيشه في مجتمعه وبيئته، لينقل القضايا الى القارئ بصورة مشوقة يستلهم فيها الحنين والتضحية والشوق والغربة والوفاء المتبادل. والمجموعة من عنوانها تشكل هاجسا اجتماعيا مهما، فقد تطرق لعدد من القضايا المتعلقة بالاسرة كالام وحقوقها، والطفل اليتيم وما له من حقوق بعد موت أبيه، والأرملة ومطالبها الشرعية لبناتها، والزوجة المظلومة، والاخت المكلومة والاخ المسكين. ولو نظرنا الى قصة (عندما يقهر الرجال) فاننا نجدها تطرقت الى: شخص يدعى فالح يتيم الابوين قبل ان يتجاوز عمره العشرين سنة، وفالح كان يعيش عند عمه في بيته والذي لم يلق قبولا من زوجة عمه التي تشاجرت مع زوجها عدة مرات لإخراج ابن أخيه من البيت، وهذا الجدال لم يكن بالواقع الهين على فالح، لانه لم يكن يتصور ان الامور تصل الى هذا الحد. المهم انه حلف ثلاثة أيمان ان لا يبقى في بيت عمه لانه احس بعدم الوفاء، ولما خرج هائما على وجهه قرر ان يذهب الى بيت أم سعد والدته من الرضاعة والتي مات زوجها ابو سعد، وبعد موته اقترنت بزوج آخر، والذي حول حياتها الى هم وغم، وقد انقسم البيت حيال فالح الى قسمين: قسم مؤلف من والدته من الرضاعة واخيه لامه سعد، وهذا القسم يؤيد فالح ويكن له المودة والوفاء والمحبة. القسم الثاني مؤلف من زوج امه والذي يستشيط غضبا بمجرد رؤيته لفالح، ثم ان الزوج طلق زوجته بسب فالح، وقد أحس فالح بأنه قد جلب المشاكل، فالتقى بعمه حامد، وابتدأ مشواره التجاري، ومع مرور الايام تزوج فالح صغرى بنات حامد، وبعد مرور عقدين قدم الى والدته وقال : (الحمد لله.. الآن بدأت أتذوق طعم الحياة الصادقة). فهذه القصة تحكي مشكلة اجتماعية مؤثرة تدل على الواقع وانها في اوصافها كأنها حقيقية. وقصة (مثال التضحية) تطرقت الى امرأة مات زوجها وخلف لها ثلاثة اولاد وابنتين، مات زوجها وهي في عقدها الرابع، وقد تقدم لها الكثير بطلب الزواج فرفضت من اجل تربية أولادها، ولقد كافحت لأجلهم ولاجل تفوقهم في دراستهم. المهم أنها حرصت على تربيتهم التربية الاسلامية، ولذلك فقد تخرج راشد في كلية الهندسة ، وتخرج علي في كلية الطب، اما أحمد فلم يكن متفوقا لان المرض اثر على تحصيله الدراسي رغم شدة ذكائه. فهذه القضية خير دليل وخير مثال على التضحية من هذه الام التي صبرت وكافحت في سبيل تربية ابنائها. وهكذا باقي القصص التي كانت بحق روعة في تصوير الواقع الاجتماعي لبعض الاسر والقبائل.