بوعي متفتح واستشراف لآفاق المستقبل تؤكد السياسة الاعلامية التي يقود دفتها معالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور فؤاد ابن عبدالسلام الفارسي نجاحها الباهر والمشهود في مواكبة مجريات الأحداث في العالم، وتأثير أثقال المملكة على مجمل الأوضاع الدولية، فقد استطاع معاليه بخبرته الواسعة ان يرسم بخطوط عريضة وواضحة افضل الاستراتيجيات لتحويل الأعمال الاعلامية والثقافية الى كيانات ادارية حديثة ملتزمة بنهج الثوابت التي تسير عليها المملكة، متخذة من كل توصية خطا متوازنا ومعتدلا لا افراط فيه ولا تفريط لتحقيق الطموحات والتصورات المنشودة لخدمة المسارات الاعلامية والثقافية بالمملكة بشكل صائب وسديد، وقد تمكن معاليه في ضوء هذا التوجه من صياغة استراتيجية ثقافية واعلامية وطنية واضحة كان ولايزال لها القدرة في اطار اهدافها المعلنة وتطبيقاتها المنشودة من بلورة نهضة ثقافية واعلامية شاملة لتهيئة كل مواطن من الناحيتين الذهنية والوجدانية لمواجهة كل التحديات والمتغيرات والمستجدات الطارئة، وعلى رأس قائمتها تحديات العولمة. لقد شعر معاليه ان تلك التهيئة ممكنة ومتاحة لتعبئة اذهان المواطنين بوسائل التحديات انطلاقا من الثوابت الدينية والوطنية المنتهجة واستلهاما من توجيهات القيادة الرشيدة التي تحث على تعزيز قيم الولاء لهذا الوطن المعطاء والانتماء اليه على امتداد أرضه المباركة الرحبة التي تشكل بدورها محطة جذب رئيسية في الوجدانين العربي والاسلامي بحكم انها مهوى افئدة المسلمين ومهبط الوحي ومهد حضارة عريقة زاخرة بالابداعات الانسانية الخلاقة التي ساهم ابناؤها على امتداد التاريخ في صياغة حضارة اسلامية عربية كان لها تأثيرها الايجابي على سائر حضارات امم الأرض وشعوبها.. وبالتالي فان الاستراتيجية التي رسمها معالي الوزير الفارسي جديرة بمواجهة كل التحديات القادمة من الشرق والغرب في ظل ما يشهده العالم من طفرة معلوماتية هائلة ومن تبادلات ثقافية سريعة لم يشهدها اي عصر من العصور بهذه الكثافة والسرعة الهائلتين، وبالتالي فان تلك الخطة الحكيمة التي رسمها معاليه تستدعي ان يتضافر المجتمع الثقافي بكل توجهاته وطاقاته الفكرية لبلورة اهدافها بما ينعكس ايجابا على تطلعاتهم وآمالهم وطموحاتهم للأخذ بمنهج انفتاح منهجي متزن على العالم للاستفادة من كل منجزاته المعرفية المعاصرة. ان تلك الخطة التي وضعها معاليه تأخذ بمبدأ التوازن بين الاستفادة من كل جديد مع الاحتفاظ بالثقافة الوطنية الأصيلة المستمدة من تعاليم ومبادىء العقيدة الاسلامية السمحة، فهي الخطة المثلى لبناء الانسان السعودي وتوظيف ثقافته لخدمة مسارات التنمية وتوفير افضل المناخات الملائمة لانطلاق ثقافة وطنية واعية تؤكد انفتاحها على العالم وتؤكد في ذات الوقت تمسكها بقيم انتمائها وارتباطها بقضاياها العربية والاسلامية، وقد اتضحت ابعاد الخطة التي رسمها معالي الوزير الفارسي اثناء فعاليات ملتقى المثقفين السعوديين الأول الذي عقد مؤخرا بالرياض.. وهي خطة تركز اساسا على الخصوصية الفكرية التي تتمتع بها المملكة بحكم انها مهبط للوحي ومقصد ملايين المسلمين ولها تأثيرها الايجابي الملموس الذي انعكس على الثقافات الانسانية المتعددة، وبالتالي فان من الضرورة بمكان خلق التوازن المحمود بين الانفتاح على ثقافات العالم واتجاهاته الفكرية وبين المحافظة على قيم المجتمع السعودي وخصوصياته، وهو توازن رشيد تؤكده المعطيات الاسلامية الآخذة بمنهج التطور والتحديث والتغيير، فثقافة المجتمع السعودي انطلاقا من هذا المبدأ مهيأة للانفتاح والتأثر بكل ثقافات العالم وحضارته، كما ان الثقافة الاسلامية من جانب آخر والمجتمع السعودي ينهل من منابعها الثرة ترفض الغلو والتزمت والتطرف وتدعو الى التسامح والمحبة والألفة. وثمة مواقف عديدة لمعالي الوزير الفارسي تؤكد على استثماره لخبرته العريضة في مجالات الثقافة والاعلام كما هو الحال في دعمه للملكية الفكرية الفردية وحقوق المؤلف السعودي، فتعزيز وحماية النتاج الفكري والابداعي هما ضرورتان كان لابد من اتخاذهما مواكبة لما يحدث في كثير من اقطار وامصار هذه المعمورة، فالسمو بالقطاع الثقافي ودعمه ورفده بكل اسباب الاستمرارية والقوة امر اساسي لصناعة مستقبل واعد لاسيما وان المملكة على اتصال ايجابي مع العالم في هذه الشأن وليس ادل على ذلك من انضمامها لمعاهدة بيرن الدولية لحماية المصنفات الأدبية والفنية، وازاء ذلك فان موقف معاليه حيال حماية حقوق المؤلف السعودي انما هو تأكيد واضح لمسألة التطوير في تحديث الأنظمة المعمول بها في المملكة، ومن شأن هذا التحديث ان يستوعب كل المستجدات والمتغيرات الطارئة، ومن ثم فان من الطبيعي الأخذ بمبدأ تشجيع الأدباء والمفكرين ودور النشر ومؤسسات الانتاج للمضي قدما نحو تنمية ثقافية حقيقية ترسم ابعاد افكار مستنيرة وواضحة لما تتطلبه مراحل التنمية القادمة، فحماية النتاج الفكري وتوطين الصناعة الثقافية بالمملكة امران حيويان من شأنهما ترسيخ تنمية ثقافية عريضة بالمملكة سيكون لها شأن كبير في المستقبل القريب لاسيما وان المملكة حريصة اشد الحرص على مواكبة كل متغير ومستجد. واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان لمعاليه من الأفكار السديدة والخلاقة ما انعكست آثارها الايجابية على مجمل المناشط الاعلامية والثقافية العديدة، فثمة تحديث ملموس على وكالة الأنباء السعودية بلغت ذروتها من خلال تطوير موقعها على الشبكة العالمية، وثمة دعم للمؤسسات الصحافية قل نظيره في كثير من دول العالم، وثمة اهتمام ملموس بالاعلام المرئي من خلال اهتمام معاليه بتطوير الشبكات التلفازية ودعمها بكل تقنية حديثة لأداء رسالتها على خير وجه، كما ان لمساته واضحة ومشهودة على وسائل الاعلام المسموع ويحرص على ايصال الصوت السعودي بوضوح الى كل جزء من اجزاء هذه المعمورة، ولعل من مبادراته الصائبة التي تذكر له ويشكر عليها وضعه لخطته الاستراتيجية لتدريب الطاقات الوطنية الشابة على استيعاب الاساليب التقنية الحديثة نظريا وعمليا لمواكبة الصناعة الاعلامية المتطورة، فالآلة الحديثة غير كافية لصناعة اعلام صحيح دون ربطها بكفاءات تشغيلية تكون قادرة على استيعاب كل تقنية طرأت على وسائل الاعلام حتى تكون قادرة باذن الله على القيام بمهام اعمالها ومسؤولياتها بكفاءة مهنية جيدة، ومن شأن خطة معاليه لتدريب المؤهلين من الشباب للانخراط في استيعاب الأساليب التقنية الحديثة ان ترسم مستقبلا واعدا للاعلام السعودي وان تضعه في مصاف الاعلام المتطور في كبريات دول العالم المتقدمة في هذا المجال. ولعل من المناسب هنا ان اعرج للحديث عن تأييد معاليه المطلق لفكرة مولد هيئة الصحافيين السعوديين، وانشاء هذه الهيئة يؤكد مواكبة الاعلام السعودي للتطورات المتقدمة في مجال الصناعة الصحافية الواثبة التي قطعت المملكة في مضاميرها أشواطا بعيدة، فانشاء هذه الهيئة يعد انطلاقة حقيقية في مجالات ما تشهده الساحة الاعلامية بالمملكة من نقلات نوعية متقدمة، والهيئة واحدة من هذه النقلات المشهودة التي وضعت الاعلام السعودي على المحك وهو يواكب التطورات المتنامية للاعلام في كل مكان، ومما لاشك فيه ان انشاء هيئة الصحافيين السعوديين واعلان استكمال اجراءاتها وانتخاب اول مجلس من مجالس ادارتها ستكون انطلاقة واثبة وصحيحة للارتقاء بالصحافة السعودية وتمثيلها على اكمل وجه في سائر المحافل الاقليمية والدولية بما يرسخ ابعاد المصالح العليا لهذا الوطن ومصالح مواطنيه، وباستثناء تلك الوقفات فان لمعاليه وقفات جيدة لابد ان تذكر في هذا السياق حيال دعمه للجهود الخليجية والعربية لأداء اعلام عربي متكامل وتبني الاستراتيجية المتطورة لتحقيق ذلك، ويتضح تعزيزه لهذا الاتجاه من خلال اجتماعات وزراء الثقافة والاعلام العرب، فتحقيق التواصل الاعلامي المنشود هو هاجس من أهم هواجس معاليه رغبة في تحقيق نتائج ملموسة في مضامير التنسيق والتكامل المنشودين لصناعة اعلام عربي متقدم وللارتقاء بالأداء الاعلامي الى درجة افضل حتى يتمكن الاعلام العربي من مواكبة كل التطورات الاعلامية الجديدة في العالم، وان يصل العرب في هذا المنحى الى توحيد خطابهم الاعلامي تجاه مختلف القضايا الاقليمية والعربية والدولية. د. صالح النملة مسفر المسفر