أعزائي الصائمون الكرام: من ملامح رمضان الاجتماعية في المجتمع العربي المسلم، خاصة في الجزيرة العربية والخليج، ظاهرة تفطير الصائم، وهذا التفطير تراه على ثلاثة أشكال.. أول شكل: وهو مستمر حتى الآن في الأمة الاسلامية ولله الحمد، وأقصد به ما يتوارد الى المسجد، قبل غروب الشمس بدقائق من أطعمة مختلفة الأشكال والألوان من الكرماء، الذين يرجون ماعند الله تعالى، فما ان يؤذن المؤذن لصلاة المغرب، حتى ترى مائدة عريضة طويلة في المسجد، لمن أراد أن يفطر من الفقراء والمساكين وأبناء السبيل. الشكل الثاني: بسط موائد الإفطار قبل اذان المغرب في الشارع.. ففي الماضي، كانوا يضعون مائدة افطار في كل شارع تقريبا، للفقراء والمساكين وابن السبيل، من كل بيت، صحن تقريبا. ولا تزال هذه العادة موجودة في بعض شوارع بعض المدن وأحيائها، بل دخل عليها بعض التنظيم، وأصبحت على شكل مخيمات، يؤمها الفقراء والمحتاجون وأبناء السبيل، أما الشكل الثالث: فإنه يتمثل في البيوت خاصة بيوت الوجهاء والأثرياء من المسلمين. فإنهم يفتحون بيوتهم قبل صلاة المغرب، ليأتي اليها كل من أراد الافطار، يأتون دون دعوة.. فالباب مفتوح، والخير كثير فيتوافد الى هذا المنزل وعادة يكون معروفا مشهورا بهذه الوجبة في الحي أو البلدة، أقول: يتوافد كل مسكين أو فقير أو ابن سبيل فيفطر داعيا لصاحب المنزل وربما هذه العادة بدأت تتلاشى شيئا فشيئا، ندعو الله ألا تنقرض. ومثل هذه العادة بأشكالها الثلاثة في المسجد، والشارع والبيوت موجودة في جميع البلدان الاسلامية ولله الحمد، وهذا في الماضي. يقول الدكتور صلاح البهنسي عن هذه العادة في مصر، من أبرز المظاهر الرمضانية التي نجدها في كل مكان، موائد الافطار، التي تمد هنا وهناك، ويجد فيها كل محتاج، من ألوان الطعام والشراب، ما يسد جوعه ويطفئ ظمأه، ويحرص الناس على اقامتها رغبة منهم في الحصول على الثواب واستمطار رحمة الله تعالى ان موائد الافطار التي ارتبطت بشهر رمضان ظهرت منذ العصور الاسلامية الاولى وفي مختلف أرجاء العالم الاسلامي، وبلغ الحرص على اعدادها والاهتمام بها مبلغا فائقا، ففي العصر الطولوني في مصر ما بين 257295ه 868905م كان الأغنياء والقادرون يعدون موائد افطار للصائمين، ويرسلون خدمهم الى الأسواق والطرق العامة قبل أن يحين موعد الافطار يبحثون عن الفقراء والمحتاجين، ويصحبونهم الى تلك الموائد في بيوت سادتهم، وكانوا يتوسلون الى كل صائم كي يشاركهم الطعام، ويبدو أن الطعام كان يعد بكميات كبيرة، كما كان سادتهم يكافئونهم اذا أحضروا أكبر عدد من الناس، لذلك كانوا يجبرون الناس أحيانا على الذهاب معهم أو يحملونهم قسرا الى بيوت سادتهم للإفطار. وذكر الرحالة ابن بطوطة في رحلته لدمشق ان من فضائل أهلها أن الأمراء والقضاة والكبراء يدعون الفقراء للافطار، عندهم كل ليلة من ليالي شهر رمضان، وكانت موائد الافطار من المظاهر الرمضانية التي شاعت في طرابلس في ليبيا. ومن العادات القديمة التي كانت وما زالت متبعة في جمهوريات وسط آسيا الاسلامية، أن تدعو كل أسرة مسلمة عشرين مسلما أو يزيد لتناول الافطار معها في رمضان ولو مرة واحدة. عزيزي الصائم: تلكم كانت ملامح رمضانية طفنا بها سريعا لضيق الوقت.. وإلا فهي أكبر من هذه العجالة.