وقفت يوما بعد شروق الشمس خلف نافذتي لأرى كيف تتنفس شوراعنا في شهر القرآن. برميل النفايات الأخضر لم يعد يحتمل الأكوام المتراكمة حوله من بقايا طعام ومغلفاته، الألعاب النارية لا تهدأ، صوت صرير عجلات سيارات شباب متهور تشارك صوت العصافير في مسمعي. كل شيء مزدحم في رمضان، بطوننا بما لم نأكله طوال العام، عيوننا بما تعرضه محطاتنا، أسواقنا ، شوارعنا بركام سيارات اختلفت غاياتها. فماذا بقي لرمضان؟ كل هذه الدنيا التي تموج حولنا لم تترك لنا فرصة لنتدبر قدسية هذا الشهر. نصوم لنصح، لكن التعب يزيد و الشحوم تتراكم. هل ودعنا رمضان في هذا الأسبوع وهو يشارف على الخروج، أم أننا ودعناه منذ أعوام ونحن نسكن خيامه المعبقة برائحة المعسل. كنا نقول أفسدت صومنا الفوازير، وما عرفنا أن فساد صيامنا في أنفسنا التي تكاسلت أن تحمل إصبعها لزر الإغلاق لننهي حالة سباب وشتم وقذف نرمي بها كل من مر في شاشاتنا. هل قال أحدنا إني نذرت للرحمن صوما عن منتهكي قدسية هذا الشهر بدعوى دراما تلفزيونية؟ إن فعل أحدنا فإنه لن يخسر شيئا من بضاعة رديئة مزجاة على روعنا القابل لاستقطاب الرديء، بل سيكسب أمرا عظيما. أتعلمون ما هو؟ لن تعلموا حتى تجربوا بأنفسكم. لو طُلب منا أن نصلي قائمين على سجادتنا 83 عاما متصلة، هل كنا لنفعل؟ من خلقنا وهو أعلم وأرحم بنا، وهبنا ليلة قدر تعادل 83 عاما ونيفا من الصلاة، فهل ألقينا إليها بالا؟ قبل أن نتساءل عن شهر رمضان، هل ودعناه؟ حري بنا أن نتساءل هل استقبلناه؟