من القربات المرتبطة بشهر رمضان قيام الليل، بل هو من أفضل القربات في سائر الأيام، فكيف برمضان! ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم:(شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس) واذا كان التقصير حاصل في هذه القربة، فإن من فضائل رمضان بعث الهمم للقيام بها، خاصة في العشر الأواخر، حيث تجد المساجد عامرة بالمصلين في النهار في صلاة الجماعة وبالليل في صلاة التراويح، فإذا دخلت العشر قام الناس من نومهم لمناجاة ربهم في صلاة التهجد، ياله من مظهر إيماني يثلج صدور المؤمنين ويغبظ قلوب المنافقين، ويؤكد لنا انه مازال في الأمة رجال من الاتقياء الراغبين في الخير متى ما أعينوا على ذلك وشجعوا. ولا ينكر احد انه في كل طاعة قدر من المشقة، هو من طبيعة التكليف، ولو لم يكن فيها شيء من المشقة - الحسية او المعنوية- لما سميت تكليفا، فالصلاة والصيام والجهاد والحج والزكاة كلها فيها قدر من المشقة، لكن هذه المشقة داخله في نطاق طاقتنا ووسعنا، وهي سر الابتلاء ولولاها ما عرف الناس الصادق من الكاذب،لذلك ليس لأحد ان يفطر بدعوى انه يشعر بألم الجوع والعطش، كما ليس لاحد ان يدع الحج بدعوى كثرة النفقة وتعب البدن والتغرب عن الاهل والاوطان، وليس لاحد ان يترك الامر بالمعروف بدعوى خشية الاذى لان هذا النوع من المشقة من طبيعة هذه الطاعات. واذا كانت الطاعة فيها شيء من المشقة فهناك امور تعين على تحمل هذه المشقة بل وتحولها من مشقة الى لذة، وكل طاعة او عبادة بحسبها وتختلف عن الاخرى، وحيث اننا في هذه الايام نتهيأ لمباشرة احدى العبادات التي فيها شيء من المشقة لعدم تعودنا عليها - الا من رحم الله - اعني قيام الليل والتهجد الطويل الذي يصل قرابة الساعتين، فلابد من ذكر بعض المعينات التي تساعد على تحمل مشقة طول القيام والركوع والسجود، وبعضها من ذات العبادة وبعضها من خارجها: 1- استشعار عظمة الوقوف بين يدي الله، فالمصلي يقف تلقاء وجه ربه، ولله المثل الأعلى كم يقف الواحد منا امام بشر مثله ذليلا منكسرا ساكنا كأن على رأسه الطير من الخشية وهو لا يملك ان يضره او ينفعه الا باذن الله، ولا يشعر باي تعب بل يتشرف بهذا الوقوف. 2- ان يتذكر الانسان طول وقوفه يوم القيامة، في يوم كان مقداره خمسين الف سنة والعرق يلجمه، والشمس فوق الرؤوس، ليتحمل هذا التعب اليسير في ذات الله وليحتسب الألم على الله ان يكرمه في ذلك الموقف الرهيب. 3- ان يتذكر الاجر العظيم المترتب على احتساب الألم والتعب، ففي البخاري (من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وليتحمل رجاء ان يحظى بتزكية الله (تتجافى جنوبهم عن المضاجع..) ومن تزكية الله لهم (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) @ الموجه الديني بسكن الطلاب بجامعة الملك فهد