يتعين على الرئيس جورج بوش ان يختار بسرعة بين مواصلة سياسة خارجية مثيرة للجدل او تبني نهج براغماتي لتعزيز الدعم الدولي لسياسته ازاء العراقوايرانوكوريا الشمالية والنزاع الفلسطيني الاسرائيلي او مكافحة الارهاب. ويمكن ان تدفعه اعادة انتخابه لولاية ثانية رئيسا للولايات المتحدة الى المضي في احد الاتجاهين، والكثير من الاستحقاقات القريبة ستتيح معرفة ما اذا كان بوش سيغتنم فوزه ليؤكد بطريقة راديكالية الهيمنة الاميركية ام انه سيتبنى نهجا تصالحيا داخل الاسرة الدولية. واكدت صحيفة واشنطن بوست امس الاربعاء هذا الخيار الاساسي قائلة ان بوش لا يواجه فحسب تحدي بلد قسمته الحرب (على العراق) وانما عالما كان يتمنى العديد من قادته هزيمته وكذلك قسم كبير من الرأي العام في دول ديموقراطية اخرى. على الرئيس ان يبرهن قدرته على الاستماع الى بعض مناوئيه حتى وان واصل سياسته (الحالية) خلال ولايته الثانية. ونظرا لانه لا يمكنه تولي الرئاسة لاكثر من ولايتين، قال هلموت سوننفلد، المستشار الدبلوماسي السابق للرئيس ريتشارد نيكسون والخبير حاليا في السياسة الخارجية في معهد بروكنغس المستقل، ان بوش لم يعد يشغله هم اعادة انتخابه، وهذا يعطيه هامشا من المناورة في هذا الاتجاه او ذاك. ويضيف ان بوش في مواجهة وضع حرج في العراق خصوصا، سيستفيد من ذلك ليرى كيف يمكن العمل بصورة افضل مع الاوروبيين واعتماد موقف تصالحي مع حلفائه. وعلى العكس من ذلك، يرى جوزف سيرنتشوني من مؤسسة كارنيغي في واشنطن، ان هذا الفوز الانتخابي قد يراه العديد من الاشخاص داخل الادارة الحالية بوصفه تشريعا لسياستهم وتفويضا بمواصلتها. ويضيف الخبير: ان المتشددين من المحافظين الجدد لن يفوتوا فرصة اغتنام هذا النصر لكي يدفعوا افكارهم قدما. اما بقاء نائب الرئيس ديك تشيني المهندس المتحمس لحرب العراق، فيفسر على انه استمرار للسياسة الخارجية الحالية بدون اي تغيير. ولكن التعديلات التي يمكن ان تدخل على الحكومة خلال الاشهر المقبلة ستعطي اشارات مهمة على الاتجاه الذي سيسلكه بوش خلال ولايته الثانية. ويتوقع الكثير من المعلقين ان يغادر الحكومة وزير الخارجية كولن باول، الذي طالما كان صوتا معزولا مؤيدا لسياسة تعددية تقليدية. وسيكون لبقاء او مغادرة وزير الدفاع دونالد رامسفلد وهو من الصقور ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس العضو في الدائرة اللصيقة حول الرئيس، دور حاسم في تحديد السياسة الخارجية. وسيسهم العديد من الاستحقاقات خلال الاسابيع المقبلة في توضيح المسار الذي سينتهجه بوش. فالمؤتمر الدولي حول العراق المقرر عقده في 22 و23 تشرين الثاني نوفمبر في مصر سيتيح للولايات المتحدة مناقشة الملف مع شركائها في العالم العربي والقوى الغربية الرئيسية. ويتوقع ان تتكثف المشاورات الدولية خلال الايام المقبلة حول ملف البرنامج النووي الايراني حيث تنتهي في 25 تشرين الثاني نوفمبر المهلة التي منحت لايران لتقديم ضمانات حول التزامها ببرنامج سلمي وعدم سعيها لحيازة القنبلة النووية. اما الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والخطط الاسرائيلية للانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة فقد تقود واشنطن الى مزيد من الالتزام في الملف الاسرائيلي الفلسطيني الذي تم تجميده خلال الحملة الانتخابية. وفي ما يلي مقتطفات من تصريحات ادلى بها الرئيس الامريكي جورج بوش بشأن الملفات الرئيسية في السياسة الخارجية: الاستراتيجية الشاملة: ان مستقبل امريكا يتوقف على ارادتنا في ان نكون مثالا بالنسبة للعالم. اذا ما ابدت امريكا ترددا او ضعفا خلال هذا القرن، سيجنح العالم الى المأساة. الحرب على الارهاب: علينا ان نواصل العمل مع اصدقائنا وحلفائنا بهدف تعقب الارهابيين والمقاتلين الاجانب بكل قوة في بلدان مثل العراقوافغانستان وغيرها. الشرق الاوسط: نعمل من اجل تحقيق هدف بناء دولة فلسطينية تعيش بسلام الى جانب اسرائيل. ياسر عرفات لا يمكنه ان يقود دولة فلسطينية الى الاستقلال. لتحقيق النجاح، ينبغي ان يتحرك الفلسطينيون الاصلاحيون وان يتولوا الدفة وينفذوا التزاماتهم ازاء خارطة الطريق. العراق: مهمتنا في افغانستانوالعراق واضحة: سنساعد القادة الجدد على تشكيل جيوشهم، وتنظيم انتخابات والتقدم على طريق الاستقرار والديموقراطية باسرع ما يمكن. عندها سيعود جنودنا الى الوطن. افغانستان: تحالفنا يعمل مع الرئيس كرزاي على مساعدة الشعب الافغاني على تشكيل حكومة حديثة مسالمة وديموقراطية .. اننا نحقق تقدما. ايران : قادة القاعدة الذين لجأوا الى ايران يجب ان يسلموا الى بلدانهم الاصلية وعلى طهران ان تفكك ترسانتها النووية. كوريا الشمالية: مع شركائنا في آسيا، تصر امريكا على ان تقوم كوريا الشمالية بانهاء برامجها النووية بصورة تامة يمكن التحقق منها ولا رجعة فيها. دارفور: نناشد الاسرة الدولية على العمل معنا لتجنب ومنع حدوث اعمال ابادة، وندعو الاممالمتحدة الى بدء تحقيق معمق حول الابادة والجرائم الاخرى في دارفور.