ضيفٌ على (السودانِ) ضيفٌ ظامي *** طَحَنَ الجفافُ مفاصلي وعظامي آتٍ من الصحراءِ أحملُ داخلي *** صقراً ترعرعَ بين سربِ حمامِ آتٍ إلى الوطنِ الذي يمشي على *** نهرينِ من ماءٍ ومن إلهامِ فالنيلُ في متناولِ الأقدامِ *** والوحيُ في متناولِ الأفهامِ والحُبُّ حيث أدرتُ قلبيَ حالماً *** ألقاهُ في متناولِ الأحلامِ لم آسَ في (السودانِ) لكنَّ الأسَى *** أنِّي مررتُ بهِ مرورَ كرامِ هذه الحالة الشاعرية في الإنسان السوداني تجلَّت ابتداءً في الحفاوة البالغة بالشعراء منذ لحظة الاستقبال في المطار حتَّى لحظة المغادرة انتهى في السودان مهرجان ملتقى النيلين الأول للشعر العربي والذي أقيم في المدة ما بين 8 مايو حتى 13 مايو 2011م. كانت أرواح شعراء السودان المعاصرين مثل محمد سعيد العباسي والتيجاني يوسف بشير وصلاح أحمد إبراهيم ومصطفى سند ومحيي الدين فارس وعبد الله الطيب وغيرهم.. كانت أرواحهم ترفرف في أرجاء المسارح والقاعات التي احتضنت ليالي المهرجان وأيامه في الخرطوم وبحري وأمِّ درمان، وكانت أسماؤهم هي التي وضعت حجر الأساس لهذا الملتقى الشعري العربي وجمع في فضائه الرحب سربا جميلا من عصافير الشعر العربية من أمثال عبدالرزاق عبدالواحد وأحمد بخيت والمنصف المزغني وهلال الفارع والشيخ بو شجة وعبدالعزيز الزراعي وخليفة بن عربي وعبدالقادر رابحي وغيرهم من الشعراء الذين عبروا البرازخ التي تفصل الدول العربية من المحيط حتى الخليج وسافروا في موسم الهجرة الى الشعر عبر عيون القصائد.المهرجان كان عبارة عن أنطولوجيا شعرية عربية حيَّة.. أنطولوجيا من لحم ودم ومشاعر.. بدلا من أن تكون مختارات شعرية عربية مجموعة في كتاب. وقد تجلَّى الوجدان الشعبي السودان خلال هذا المهرجان على أنَّه وجدانٌ شاعريٌّ بامتياز، إضافةً إلى كونه وجداناً قرآنيًّا.. فهذا الشعب يكاد ينبت بالقرآن ويتفصَّد بالشعر والكلمة الجميلة. هذه الحالة الشاعرية في الإنسان السوداني تجلَّت ابتداءً في الحفاوة البالغة بالشعراء منذ لحظة الاستقبال في المطار حتَّى لحظة المغادرة، كما تجلَّت في حضور الوزراء والمسؤولين في الدولة إلى كثير من الأمسيات الشعرية شأنهم شأن بقية الجماهير، بل تجاوز ذلك إلى حضور رئيس الدولة المشير عمر البشير في أمسية المهرجان الختامية لمجرَّد الاحتفاء بالشعر. لكنَّ أكثر ما لفت نظري هو تواضع هذا الشعب لدرجة أنَّ الواحد منَّا يجلس في المجلس وتدور الأحاديث ويكتشف بعد ساعة أنَّ الشخص الذي يجاوره في المقعد هو وزير في الدولة أو أحد مسؤوليها الكبار. أيها الناس.. بعض العدوى محمودة أيضا. [email protected]