علامات التغيير في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه القضايا العربية لاسيما ما يتعلق بالشأن العراقي تحديدا ربما تظهر في حالة فوز كيري في الانتخابات, فالملف العراقي يعد من اصعب الملفات, وقد يسهم بشكل قاطع في اسقاط بوش, بل لعله يكون احد الملفات الرئيسية لاسقاطه, وحينئذ سيجد كيري نفسه مدفوعا باجراء تغييرات سياسية جوهرية تتمحور في تصحيح الاخطاء التي ارتكبها بوش في هذا الملف كما يصف, ويبدو ان المرحلة المقبلة اذا ما صعد كيري الى سدة الرئاسة الامريكية ستشهد تقاربا افضل نحو الحلفاء الاوروبيين الذين رفضوا الدخول الى العراق وفي طليعتهم الحليفان الفرنسي والالماني, وقد يجد كيري نفسه مدفوعا لانتهاج سياسة التغيير بتقليص عدد القوات الامريكية في العراق والسعي لاستبدالها بقوات اممية, وقد يلجأ بطريقة عملية وسريعة لمساعدة حلفائه الاوروبيين للخروج من مستنقع العراق, الا ان الشكوك مهيأة للظهور حول الاستجابة لطلب المساعدة الامريكية في حالة فوز كيري لاسيما تلك المتعلقة بارسال قوات اوروبية الى العراق, وليس بمستبعد ان ترفض فرنسا والمانيا من جديد تعاونهما مع الولاياتالمتحدة بارسال قوات الى العراق, بما يدفع للقول ان هذا الملف سيشهد المزيد من التمزق والتخبط والتدهور ان حدث ذلك, فرغم ان الاوروبيين لا يرغبون في تفرد الولاياتالمتحدة بهذا الملف الا انهم يجدون ان الحفاظ على الامن العراقي بمشاركة عسكرية فعلية امر مكلف وغير مقبول سواء من قبل فرنسا والمانيا او من قبل كافة الشعوب الاوروبية التي تحاول النأي بجانبها عن الدخول في دائرة التوتر المتصاعد على الارض العراقية, اما فيما يتعلق بملف السلام في المنطقة فرغم ان التغيير سيكون معدوما ان دخل كيري الى البيت البيضاوي بحكم ان السياسة الامريكية واضحة حيال انحيازها لاسرائيل الا ان الاتحاد الاوروبي سوف يفعل نهجه لدفع الادارة الجديدة - ان تجددت - لحلحلة المشروع العالق الخاص بخريطة الطريق ودفع الاسرائيليين لقبوله, كما ان تغييرا حاسما قد يطرأ في حالة التجدد على الملف السوري واللبناني بدفع سوريا للقبول بالقرار الاممي 1559, اما في حالة فوز بوش بولاية جديدة فان شيئا من التغييرات على الملفات العربية لن يظهر على الساحة باستثناء الملف العراقي حيث سيحاول بوش العثور على طريقة مأمونة للخروج من المستنقع العراقي دون اراقة ماء الوجه.