ينوي الكونغرس الأمريكي سن تشريعات من شأنها فرض عقوبات قانونية ومالية على أية مؤسسة أكاديمية تنضم إلى حملة مقاطعة اسرائيل التى تتزعمها جمعية الدراسات الامريكية، وذلك ضمن نشاط محموم قام به اللوبي الاسرائيلي في الولاياتالمتحدة على مستوى الجامعات والولايات اضافة إلى المستوى الفيدرالي، ووصفه باحثون وسياسيون بانه هجوم شائن على حرية التعبير وانتهاك للدستور، مشيرين إلى أن مشاريع القوانين تذكر الجميع بالحقبة المكارثية. وتقدم عدد من أعضاء الكونغرس من بينهم قادة في «تجمع الحزب الجمهوري من اجل اسرائيل» بنص مشروع القانون الذي يحمل عنواناً غريباً هو «حماية الحرية الاكاديمية» بشكل رسمي لطرحه في اقرب وقت ممكن للمناقشة والتصويت، ويسعى القانون إلى منع وصول اية مساعدات فيدرالية من الذهاب للمؤسسات الاكاديمية التى تدعم حملة مقاطعة اسرائيل. ويستخدم مشروع القانون الذي حصلت «اليوم» على نسخة منه لغة فضفاضة تنص على انه سيتم منع التمويل الفيدرالي لاية منظمة لها علاقة مع اية مؤسسة تدعم حركة مقاطعة اسرائيل، علما بان الغالبية العظمى من المساعدات الفيدرالية تذهب إلى قروض الطلبة وهي معفاة من القانون، ما يثير شكوكا حول التأثير الملموس على الجامعات، ولكنه سيحمل آثارا سلبية على قدرة حملة مقاطعة اسرائيل على العمل بحرية. وانتقد الباحث فلويد ابرامز مشروع القانون واعتبره مخالفا للدستور قائلا: «فكرة ان القوة التي تمول الكليات والمرافق الاكاديمية قد تتحول الى اداة لمعاقبتهم على الانخراط في التعبير، أمر يتعارض مع أي مفهوم للحرية الاكاديمية والمبادئ الاساسية للتعديل الاول في الدستور الامريكي، فيما قالت ديما الخالدي مديرة المجلس الوطني الفلسطيني للدعم القانوني ومستشارة مركز الحقوق المدنية: إن مشروع القانون هذا اضافة إلى تلك المشروعات المقدمة في ولايتي نيويورك وميريلاند هو هجوم شائن على حرية التعبير وانتهاك للدستور من خلال رفض التمويل لاية جامعة قام فيها افراد او مجموعات بمقاطعة المؤسسات الاكاديمية الاسرائيلية. واضافت الخالدي: «ان هذه التشريعات لا تظهر الا لملاحقة الحملات التى تدافع عن حقوق الفلسطينيين، البند الاول من الدستور واضح..الحكومة لا يحق لها منع اي خطاب مثير للنقاش أو الجدل في الجامعات من اكاديميين او طلاب على اساس المضمون أو وجهة النظر». وتجنبت معظم وسائل الاعلام الامريكية الخوض في مشروع القانون باستثناء مقال في جريدة «نيويورك تايمز» جاء فيه إن المشروع سيضعف امريكا وسيهدد قدرتها على الالتزام بضمان حرية التعبير والمعارضة السياسية السلمية. ويعرف عن اعضاء الكونغرس الذين تقدموا بمشروع القانون بانهم مواليون تماما لاسرائيل وهم : النائب بيتر روسكام، يونارد لانس، دوغ لامبورن ومايكل غريم، وعلى حد تعبيرهم في بيان مشترك، فإنهم يريدون ضمان عدم استخدام اموال دافعي الضرائب لتمويل الهجمات المتعصبة ضد اسرائيل، وان مشروعهم جاء ردا على التهديد المتزايد من المقاطعة لاسرائيل، والتى وصفوها ايضا بأنها معادية للسامية، كما يقود جهود اللوبي الاسرائيلي المضادة للحملة مايكل اورين السفير الاسرائيلي السابق لدى الولاياتالمتحدة، والذي ساعد على اقناع 134 عضواً في الكونغرس على التوقيع على بيان يدين المقاطعة الاكاديمية لإسرائيل. وأصبحت جمعية الدراسات الامريكية الرائدة في حملة المقاطعة لإسرائيل احتجاجاً على احتلال اسرائيل للضفة الغربية، وسوء معاملة الحقل الاكاديمي الفلسطيني بدورها هدفا للانتقادات والنبذ على نطاق واسع، ما يحقق للوبي الاسرائيلي هدفاً واضحاً لحملته وهو النظر لتجربة الجمعية كرسالة تحذيرية للمجموعات الاكاديمية والعلمية التى قد تنظر في اتخاذ موقف مماثل للشرق الاوسط، وفي تناقض حاد مع بطء الحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل للحصول على موطئ قدم في الولاياتالمتحدة، فإن الحملة المضادة انتشرت بسرعة منذ ديسمبر الماضي، وتحولت من رد فعل إلى إطلاق نيران مضاد. ووصل نشاط اللوبي الاسرائيلي الى ولاية بنسلفانيا، حيث اصدر مجلس مدينة فيلادلفيا قرارا بالاجماع، يدين مقاطعة جمعية الدراسات الامريكية لاسرائيل ويدعو جميع المؤسسات الاكاديمية بالولاية لرفض هذا النشاط، وفي ولاية نيويورك تجري حاليا مناقشة قانون يحظر على الجامعات استخدام اموال الولاية لدعم الجماعات الاكاديمية المقاطعة لاسرائيل، وصاغ المشرعون في ولاية ميرلاند مشروعا لقانون مماثل حاز على 50 صوتا في تصويت مبدئي، ومن المتوقع ان يتقدم السيناتور ايرا سلفر شتاين، الاسبوع القادم، بمشروع في ولاية الينوي يتضمن عقوبات مالية على اية مؤسسة تعليمية تدعم جهود حملة مقاطعة اسرائيل. ولم تمر سلسلة التشريعات المقترحة لمعاقبة اي متعاون مع حملة المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل بهدوء، كما خطط لها اللوبي الاسرائيلي بل سارعت اكثر من 200 جامعة امريكية لادانة هذه الاجراءات، منددة بالتهديدات التى وصلت لجمعية الدراسات الامريكية، كما انضمت شخصيات بارزة للدفاع عن الحقوق في المؤسسات الاكاديمية.