اذا انتهت الانتخابات الرئاسية الامريكية المقررة في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر بفوضى شبيهة بتلك التي حصلت في فلوريدا قبل اربع سنوات، سيكون في امكان كل الخبراء السياسيين ان يقولوا لقد توقعنا ذلك. وقبل وقت قصير جدا من الانتخابات، لا يزال المرشحان الجمهوري جورج بوش والديموقراطي جون كيري يتساويان في النقاط بالنسبة الى نوايا التصويت في استطلاعات الرأي، الامر الذي يعكس انقسام البلاد بالتساوي بين الاثنين. وقد توسعت الهوة بين الجمهوريين (الذين يمثلهم اللون الاحمر) والديموقراطيين (الذين يمثلهم اللون الازرق) خلال العقود الاخيرة. واضطرت المحكمة الامريكية العليا الى التدخل في انتخابات 2000 الرئاسية لتحديد الفائز. ويقول الخبير كارول دوهيرتي، المسؤول في مركز (بيو ريسيرتش) لاستطلاعات الرأي، ان النقاش حول الامن القومي الذي تسببت به اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 وحرب العراق، زاد الهوة بين امريكا الحمراء وامريكا الزرقاء. وقال دوهيرتي لوكالة فرانس برس: لم يكن الشرخ بهذا الوضوح منذ ان بدأنا قبل ستة عشر عاما نجري استطلاعات للرأي بين الامريكيين حول قيمهم الاساسية، وقد اصبح واضحا جدا في معظم الملفات المهمة. وتظهر استطلاعات الرأي انقسام الجمهور الامريكي الى تيارين يختلف احداهما عن الآخر. فبينما يعتبر اكثر من ثلاثة ديموقراطيين من اصل اربعة ان الحرب على العراق كانت خطأ، يرى ذلك 12% فقط من الجمهوريين. في المقابل، يملك الجمهوريون رؤية اكثر تفاؤلا للوضع الاقتصادي من الديموقراطيين. وتنتشر امريكا الجمهورية جغرافيا في الجزء الاكبر من البلاد، من ايداهو الى يوتا واريزونا في الغرب، حتى جزء من ولايات المنطقة الشرقية. فيما يسيطر الديموقراطيون على ولايات ساحل المحيط الهادىء (كاليفورنيا واوريغون وواشنطن) وبعض الجيوب الكبيرة في الشمال الصناعي واجمالا في المدن الكبرى. وينتشر انصار بوش في المدن الكبرى والارياف، وهم غالبا رجال ومن البيض ومتزوجون ومجاهرون بالتزامهم الديني. كما ان لبوش شعبية بين الملايين من هواة سباق السيارات والمستثمرين والعسكريين. ويجذب الديموقراطيون من جهتهم اكثر، النساء والاقليات والطبقات العاملة والعازبين والشباب والمثقفين وسكان المدن. وبالكاد شارك اكثر من نصف عدد الناخبين الامريكيين البالغ عددهم 205.8مليون في الانتخابات الامريكية الاخيرة التي اظهرت بقوة حدة انقسام البلاد بين كتلتين متساويتين عمليا. فقد حصل المرشح الديموقراطي آل غور في حينه على غالبية التصويت الشعبي، متقدما نصف نقطة على جورج بوش، الا ان هذا الاخير فاز باصوات كبار الناخبين (271 مقابل 266).وبلغت نسبة الفارق في الاصوات في 12 من خمسين ولاية في البلاد اقل من 5%، واقل من 1% في خمس ولايات بينها فلوريدا. ورغم ان المشهد السياسي الامريكي بدأ التغير ابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية، الا ان الهوة لم تتسع فعلا الا في بداية الثمانينات مع الحملة المحافظة التي بدأها الرئيس الامريكي آنذاك رونالد ريغن. واعتبارا من الولاية الاولى للرئيس السابق بيل كلينتون، اصبحت الولاياتالمتحدة متنازعة بين قطبين اثنين بوضوح. واذا كان الجمهوريون والديموقراطيون ينشطون حتى الآن على ارض يعرفونها، فان المتحدرين من امريكا اللاتينية والذين اصبح عددهم اربعين مليونا، يمكن ان يحدثوا تغييرا نوعيا جديدا في المشهد السياسي. فقد كان عددهم ستة ملايين ناخب في العام 2000 وسيكون سبعة ملايين في العام 2004 ويمكن لاصواتهم ان تلعب دورا حاسما في ولايات مثل فلوريدا ونيومكسيكو ونيفادا وكولورادو.