عزيزي رئيس التحرير الاختيار الموفق والمدروس بعناية دعامة أساسية لمقومات نجاح العمل في أي مؤسسة أو منشأة ايا كان نشاطها كبر حجمها أو صغر، ومهما تعددت فروعها وان اختلفت نظم ادارتها مركزية كانت أو لا مركزية. والأيدي البشرية عامل أساس هام في أي مؤسسة ويجب أن يتم اختيارها بكل دقة كما وكيفا بدءا من أعلى هرمها وهيكلها الوظيفي المتمثل في مديرها العام ومن ثم مدراء الأفرع المنفذين ورؤساء الأقسام والموظفين والعمال. وتختلف ادارة كل مؤسسة عن غيرها وفق فلسفة وسياسة معينة ويكون غالبا المدير العام له الدور الحيوي والتنفيذي في رسم هذه السياسة في مؤسسته وفروعها مهما تعددت واختلفت أماكنها فسلطاته مطلقة وله حق اصدار القرار في أي اتجاه يراه. وهو الرجل القيادي الأول في مؤسسته وفروعها وفلسفته في الادارة ينتج عنها النجاح أو الفشل يحالفها الربح أو الخسارة من منطلق النهج الذي يسير فيه ويقود به غيره وتبدو ادارته وتتحدد معالمها فإما أن تكون ادارة موجهة او ادارة آمرة. والادارة الموجهة تجعل افراد المؤسسة يعملون معا متعاونين لتنفيذ هدف أو غرض مشترك يشعرون بسعادة وارتياح عند تحقيقه وهي تهتم بالوسيلة والغاية معا، أما الادارة الآمرة فتجعلهم يعملون وهم يشعرون بأن هذا الشيء مفروض عليهم فرضا سواء توافرت لديهم الرغبة أم لم تتوافر ويعد ذلك نوعا من ممارسة السلطة يشعر فيه الفرد بعدم الارتياح أو الأمان الوظيفي. وعادة في أي عمل يوجد قادة أصغر يبرزون في عملهم بشكل لافت للنظر ويتمتعون بشخصية قوية ومحببة وذوو فكر ناضج وبما يجعلهم يوازنون ويقاربون بين مصلحة العمل والعاملين فيه لهم رصيد وافر من الأمانة والنزاهة بكل جوانبها يخافون ربهم ولا يخشون في الله لومة لائم ومثل هذه الشخصية لها من المقومات ما يهيئها لاعتلاء مراكز قيادية بارزة اذا ما أتيحت لها الفرصة في الاختيار ويعد مكسبا حقيقيا في عمله ويصبح قياديا موجها وناجحا. ولكن ماذا لو تم اختيار هذه الشخصية عن طريق شخص لديه حب السلطة والسيطرة والطبع الحاد المتعطش للطاعة العمياء من مرؤوسيه والذي اعتاد من مرؤوسيه تلبية الأوامر دون مناقشة وفقا لمفهوم ادارته كما عودها الشيء الهام هو التنفيذ فقط مهما كانت النتائج حتى لو كانت فيه عواقب وخيمة على مصلحة العمل الذي ينتمون اليه انها غطرسة الادارة وحب النفس وغرورها فهل تتفق الشخصيات معا في عمل ما ومفهوم كل منهما يختلف عن الآخر حتى وان تكشفت الشخصية الجديدة للمدير الآمر بسياسته والتي لا يرغب أحد مناقشته في أمر ما.. أعتقد أنه لن يقبل مثل هذه الشخصية الجديدة والتي يمكنها أن تناقشه في أي قرار له أثره السلبي ويمكن أن يقول لا.. فلابد من ازاحة هذا الشخص بطريقة أو بأخرى مهما كانت كفاءته ومهما كان عطاؤه ألم يقولوا ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة. ثم يجيء بالبديل الذي يتفق مع الادارة الآمرة طبقا للمواصفات المناسبة لها دون التطلع الى تاريخه الوظيفي وقدراته وسمات شخصيته أو كفاءته العملية ويكون سوء الاختيار هو الاختيار المطلوب والمتعمد لأن المواصفات تطلب مديرا ضعيفا هشا لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ولا يجرؤ أن يقول لا مهما كانت النتائج ينفذ آليا دون مناقشة يردد تلقائيا كالببغاء ما يؤمر به تابعا لرئيسه ولا بأس لمرؤوسيه أيضا بحكم جهله الاداري. واختيار هذا الرجل قليل الخبرة والمقصود بة مدير المؤسسة أو الفرع ياحبذا لو كان متشوقا الى حب السلطة هو الآخر فستجده فاشلا في عمله يتخبط في ادارته ظالما لنفسه ولغيره حتى لو كان مدعوما ممن أتى به إلى مكانه ويصبح هذا المكان عليه نقمة لا نعمة لن ينال رضا الله أولا ثم رضا الناس وصدق قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا) الأحزاب 72 فشل المدير فشل للمؤسسة فيبدأ هذا المدير عمله مع ادارات الاقسام ومن اليسير ان يعمل من خلالهم وليس من اليسير أن يعمل بنجاح فوجود مثل هؤلاء رؤساء الأقسام في أي مؤسسة مثل (المبيعات المشتريات الصيانة والتشغيل المحاسبة الشؤون الادارية شؤون الموظفين المستودعات)... الخ حسب طبيعة المنشأة ونشاطها وتنظيمها الاداري... ويصبح هذا الرجل تابعا لمرؤوسيه أيضا فيأخذ قراره منهم ويستقي منهم خبرته ويمكن التلاعب به لجهله فلا يمكن التطوير والتجديد فقد وضع في مكان ليس أهلا له وهو الرجل غير المناسب في وظيفته ويتأكد عمليا أن سوء الاختيار فيه نقمة عليه وظلم له ولغيره فلا يحسن تقدير الأمور غير قادر على علاج خلل ما ولا يقدر على حل مشكلة ما عاجز عن اتخاذ قرار ولا يمكن لأي موظف عادي أن يحتكم اليه مع رئيسه عند الحاجة وان كان محقا فكيف له أن ينصر موظفا على رئيسه الذي يستقي منه عمله وقد يبطش بهذا الموظف ظلما ارضاء لرئيسه، ولا تتعجب منه اصدار قرارات طائشة وغريبة فلا مانع ان وجه مثلا (انذارا نهائيا) على أشياء لا تستحق هذا المسمى أو تتلاءم ولا بأس من اضافات اخرى لم تحدث، وسوف يتأكد لك جهل هذا المدير من شقين فشقه الأول حينما تجد هذا الموظف لم يتلق أي مساءلة أو لفت نظر من رئيسه أو مديره المباشر خلال سنوات طويلة من العمل وتتعجب أكثر ان وجدت هذا الموظف يحصل سنويا على شهادات تميز في أدائه الوظيفي، والأغرب اثارة هو الشق الثاني حينما تفاجأ بأن ما وجه الى الموظف البسيط ما هو الا تحميله خطأ رئيسه المباشر ولرفع أي مساءلة عليه وما وجه اليه ليس في موضعه، واذا ذهب هذا الموظف للادارة العليا شاكيا مثبتا حقه فلا يجد آذانا صاغية ولا ردا ولا اهتماما الاهتمام ولا غرابة في انهاء عمله حتى وان حل مكان عمله موظفان اثنان بدلا عنه فهي الادارة الآمرة والتي غالبا تحقق الفشل والتي تنتهي عاجلا أم آجلا ولكن بعد فوات الأوان، وبعد قضائها على الكفاءات من العمالة المتميزة والاجدر بمصلحة العمل. @@ محمد درويش