سألني الصديق مبارك بوبشيت عن اصل الحكمة القائلة: (ان البلاء موكل بالمنطق) وكنا نظن انها من نثريات شوقي، فإلى ماذا قادنا البحث. لقد تبين لنا ان هذه الحكمة هي عجز بيت للرحلة الاندلسي ابن جبير حيث يقول:==1== بالمنطق اشتغلوا فقيل حقيقة==0== ==0==ان البلاء موكل بالمنطق==2== وقد اخذ هذا المعنى صالح بن عبدالقدوس البصري المتهم بالزندقة، وقد قتله المهدي عام 776م وهو القائل:==1== واحفظ لسانك ان تقول فتبتلى==0== ==0==ان البلاء موكل بالمنطق==2== وجاء بعده عمر الانسي وهو شاعر لبناني توفي سنة 1876م وله ديوان (الورد العذب) فقال:==1== يا للعجائب هل الام وقد رووا==0== ==0==ان البلاء موكل بالمنطق==2== وتكرر هذا القول لدى محمد عثمان جلال الشاعر المصري الذي كتب الرواية والمسرح وتوفي سنة 1898م فهو القائل:==1== فاخش الكلام إذا سلكت لجاجة==0== ==0==ان البلاء موكل بالمنطق==2== وهناك ايضا عبداللطيف الصيرفي من اهل الاسكندرية توفي سنة 1904م فقد قال:==1== واحذر بلاء يبتليك بلفظة==0== ==0==إن البلاء موكل بالمنطق==2== اما مصطفى الغلا ييني وهو شاعر وخطيب لبناني توفي سنة 1944م وله (ديوان الغلاييني) فقد قال:==1== ودع الكثير من الكلام تجاهلا==0== ==0==ان البلاء موكل بالمنطق==2== ان هذه الحكمة جديرة ان يتذكرها من يستهويهم لغو الحديث، وكثرة الكلام، والثرثرة التي تنسال كالسيل العرم من افواههم، لا فرق لديهم بين الشؤون العامة، او الشؤون الخاصة، بل والخاصة جدا مما يتعلق بمن يعرفون وربما بمن لا يعرفون، وهذه الهواية المقيتة لدى بعضهم اصبحت عادة لا يمكنهم الفكاك منها، والعياذ بالله، رغم ما قد يترتب على ذلك من اضرار قد تطالهم بشكل مباشر، لكنهم سرعان ما يتناسون تلك الاضرار ليواصلوا ممارسة الغيبة حينا والنميمة حينا اخر. والثرثرة في معظم الاحيان. فمتى يعرف هؤلاء المصابون بداء كثرة الكلام: ان البلاء موكل بالمنطق.