تعرضت اسعار الاسماك بمختلف انواعها لموجة من الانخفاض مع بداية شهر رمضان نتيجة لاقبال الناس على تناول اللحوم والدجاج وارتباط شهر رمضان ببعض انواع الطعام التي يحرص الناس على تناولها خلال هذا الشهر وتشتق غالبيتها من اللحوم مثل الشوربة وغيرها. لذلك انخفضت اسعار الاسماك الى ما يزيد على 35% من اسعارها المعروفة, خاصة في اليوم الاول والثاني من رمضان وذلك رغم ما تحتويه الاسماك من قيمة غذائية عالية تنافس في محتوياتها اللحوم ان لم تفقها في بعض العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم وكذلك رغم تعرض اللحوم للاصابة بالعديد من الامراض خلال الاشهر الماضية, ورغم كل ذلك فان الاقبال على تناول اللحوم ظل محافظا على صدارته في المقدمة تاركا للاسماك المركز الثاني من حيث حجم الاستهلاك الغذائي خاصة في الاسبوع الاول من رمضان. اليوم التقت بعدد من التجار والصيادين والمستهلكين للوقوف على ما يحدث داخل سوق السمك من مزايدات وتغيرات سعرية ربما يسعد بها المستهلك ويضجر بها التاجر وربما العكس. صراع التاجر والصياد عبدالله بن داؤود الراجح تاجر يقول: تعود الناس على عدم اكل الاسماك ليلا لاعتقادهم بان ذلك يسبب لهم بعض المتاعب او المشاكل الصحية واؤكد ان ما يحدث هو العكس تماما فتناول الانسان للحوم او غيرها من انواع الطعام الاخرى قد يسبب له العديد من المشاكل الصحية نتيجة لصعوبة هضم اللحوم وتعرض الانسان للاصابة بالتخمة, ولكن تناول الانسان للاسماك في اي وقت لايضر به ولايعرضه لاي مشاكل اذا ما قورن السمك بغيره من انواع الطعام الاخرى. كذلك ليس لتناول الاسماك اضرار عكسية مثل غيره من الاطعمة بالاضافة الى اهمية قيمته الغذائية العالية, لذلك اتمنى ان يتم تغيير هذا المفهوم الخاطئ لدى الناس عن تناول الاسماك ليلا, حيث ان ذلك سبب لنا الكثير من الخسائر بالاضافة الى انه يدخلنا في حلبة الصراع مع الصيادين, لاعتقاد الصياد اننا نبخس بالاسعار عند الشراء منه من اجل زيادة الربح ولكنه لاينظر الى السوق ولايعرف ما قد نتعرض له من خسارة وانما ينظر الى حجم وكمية الاسماك التي يحضرها فقط مطالبا بدفع اعلى المبالغ فيها مما يحد من اقبال التجار على الشراء لمعرفتهم واطلاعهم الكامل على السوق فيضطر الصياد الى القبول بالسعر الذي يفرضه التاجر مع العلم ان الغالبية العظمى من الصيادين اصبحت تعرف المعاناة والمشاكل التي يتعرض لها التاجر وانها تفوق ما يتعرض له الصياد. فوائد الأسماك يقول مسعود حجوري صياد: ان الله من علينا بمياه البحر (الخليج العربي) الذي يزخر بالخير الوفير من الاسماك فالصيادون يأتون باسماك وفيرة تعوضهم عن انخفاض الاسعار خاصة ان غالبية الصيادين يرزقون اسماكا اكثر مما يتوقعون فتكون عوضا لهم عن بعض التغيرات التي تحدث بالسوق مع العلم انه في كثير من الاحيان تميل الاسعار نحو الارتفاع وان ظلت كثرة الاسماك تحافظ على السعر طوال العام واتجاه الانسان الى التنوع في الطعام او ربما تناول اطعمة اخرى غير السمك. ويستطرد مسعود حجوري قائلا: لقد كان السمك في الماضي ومنذ الاجداد هو الطعام الاول لغالبية السكان حيث كانت مهنة الصيد هي المهنة الاساسية لعدد كبير منهم ودائما يعرف الصيادون قيمة وفوائد الاسماك فكان طعامهم الاول ان لم يكن الاوحد في كل الاوقات. اما فالح الدوسري تاجر وصاحب مراكب صيد فيقول: بالفعل تعرضنا لركود شديد في الاقبال على شراء الاسماك في الايام الاولى من شهر رمضان نتيجة لاغلاق عدد كبير من المطاعم التي كانت تقدم وجبة الاسماك نهارا واقبال الصائم على تناول اللحوم ليلا حيث لاتفضل الغالبية العظمي من الناس تناول الاسماك ليلا مما دفع باسعار الاسماك الى الانخفاض بشكل كبير وتكدس الاسماك في السوق. انخفاض كبير بالاسعار عبدالكريم بن جمعة صياد وتاجر يقول: رغم اقبال الناس على استهلاك اللحوم والدجاج في الايام الاولى من شهر رمضان الا ان الاقبال على استهلاك الاسماك بدأ يعود الى ما كان عليه قبل رمضان ولكن بشكل تدريجي. ولكن ظلت الاسعار اقل من معدلاتها قبل رمضان فقد بلغ سعر السمك الشعري ما بين 60 - 70 ريالا للمن بينما كان يباع قبل رمضان ب 120 ريالا للمن. كما انخفضت اسعار اسماك الكنعد الى 10 ريالات للحبة الواحدة المتوسطة الحجم بينما كانت تباع ب20 ريالا قبل رمضان. اين الحل؟ ورغم الكساد الذي شهده سوق السمك في الايام الاولى من رمضان الا ان التجار والصيادين اتجهوا الى تصدير كميات كبيرة من الاسماك لعدم التعرض للخسارة فرغم تكاليف عملية التصدير الا انها انقذت التجار والصيادين من الوقوع في الخسائر. يقول مسفر العليان: بعد ان كنا ناتي الى السوق ونبيع الاسماك لاحد التجار اصبحنا نفضل ان نقوم نحن بعملية البيع لانخفاض الاسعار التي يعرضها التجار علينا ولكن تظل المشكلة قائمة فكثرة الاسماك لاتدع لنا مكاننا بالسوق مما يضطرنا الى تصدير وعرض الاسماك في دول الخليج العربية القريبة منا وخاصة دولة الكويت بعد ان عانت في الفترة الاخيرة من نفوق العديد من الاسماك على شواطئها. سلمان العقل (أبو أنس) مستهلك يقول: انه من محبي اكل السمك من انواعه (الصافي الحمام، الحمام العربي، الشعري، الزبيدي.. الخ)، ولايمكن ان يمر اكثر من خمسة ايام دون ان يتذوق طعمه وخاصة المشوي منه مع المتبلات والمقبلات وشطة التباسكو والثوم المخلل على حد قوله الا انني في شهر رمضان ابتعد عنه نهائيا لكوني اعاني مرض ضغط الدم بالاضافة الى انه يسبب العطش في نهار رمضان الذي يتعب الصائم حيث تحدث بعض الانعكاسات خلال النهار وانا ممن الناس الذين شعروا بذلك. بيت لايدخله اللحم يقول بندر خلف الشمري (مستهلك): بالفعل انخفضت اسعار الاسماك في رمضان لاتجاه غالبية الوافدين وبعض المواطنين لتناول اللحوم الا ان الغالبية العظمى من المواطنين لاتتخلى عن تناولها للاسماك في رمضان وغير رمضان خاصة ابناء المنطقة الشرقية حيث ان اجدادنا جميعا يؤكدون على اهمية تناول الاسماك بل ان البعض منهم لايتناول اللحم نهائيا ولايدخله بيته ويعتمد في كل طعامه على السمك وبعض انواع الطعام الاخرى نظرا لما يتمتع به السمك من فوائد جمة وعدم اضراره الجانبية. وتعتبر عملية انخفاض الاسعار فرصة للناس للاقبال على تناول الاسماك خاصة بعدما نسمع ونقرأ كل يوم عن الامراض التي تصاب بها اللحوم. موفي مبارك الدوسري (مستهلك) يقول: اعرف واعي جيدا قيمة هذا الغذاء الذي اعطانا بفضل الله الصحة والعافية والحيوية والتي ننعم بها حتى الآن ولكن ما يؤسفني هو عزوف الشباب عن تناول الاسماك ولجوئهم الى تناول اللحوم وغيرها ولهذا فانني اقول لهؤلاء ان السمك خير غذاء لكل من اراد ان يتغذى بشكل جيد وصحيح فنحن كنا نتناول الاسماك في الوجبات ولم يصبنا اي شيء بل كان يعين اجدادنا على عناء الحياة في ذلك الزمان. واضاف يقول: بالنسبة لانخفاض الاسعار كل ذلك يصب في مصلحة المستهلك الذي يصبح بمقدوره الحصول على كمية الاسماك التي يحتاجها بسعر زهيد اذا ما قورن بشراء اللحوم او غيرها. تكاليف الحفظ فيصل المالكي (تاجر) يقول: في ظل ضعف الاستهلاك وانخفاض الاسعار تتكدس الاسماك بالسوق ويصبح لدى التاجر كميات كبيرة يصعب عليه التخلص منها مما يضطرنا الى القيام بحفظ تلك الاسماك خوفا من تعرضها للتلف وبذلك تزيد تكلفة الاسماك على التاجر علما بان هناك احتمالية لاصابة كميات كبيرة من الاسماك بالتلف مما يعرض التاجر الى تكبد خسائر فادحة في مثل هذه الظروف خاصة ان العملية عرض وطلب مثل اي سلعة اخرى فزيادة العرض وقلة الاقبال على الطلب يهوي بالاسعار الى ادنى حد ممكن على العكس من ذلك في حالة قلة المعروض من الاسماك وتزايد الاقبال نجد ان اسعار الاسماك سرعان ماتعود الى الارتفاع وان ظل لشهر رمضان خصوصية معينة نتيجة لاقبال الصائم على تناول اللحوم اكثر من الاسماك. ويضيف قائلا: اذا كان الصراع بين التاجر والمستهلك قد جاء في مصلحة المستهلك فان شهر رمضان جاء ليؤكد تلك المصلحة من انخفاض مع الاسعار وتزايد كميات الاسماك ولكن ربما يختلف الامر بين يوم واخر فقد تأتي البورصة هذه المرة لصالح التاجر والصياد. توسيع تنظيم السوق يقول عبيد السويدي: في ظل تنوع الاسماك وكثرتها اصبحنا في حاجة الى عملية توسيع وتنظيم للسوق فكثير من الاوقات نأتي ولانجد مكانا بالسوق لكي نضع به اسماكنا مما يضطرنا الى عرض اسماكنا على الرصيف المجاور للسوق مما يسبب زحاما وتضييقا للشارع ويتعرض كل من البائعين والمستهلكين للخطر، فمنذ اسبوعين تعرض طفل لحالة دهس من قبل احدى السيارات مما ادى الى وفاته لذلك نرجو من المسؤولين والقائمين على السوق الاهتمام بتوسعة السوق لاستيعاب كافة التجار المتواجدين على الرصيف كذلك الاهتمام بعملية التنظيم بحيث يخصص ركن لكل نوع من الاسماك من اجل التيسير على المستهلكين والبائعين على السواء. ولكن يبدو ان سوق السمك اراد ان يخلق لنفسه بورصة خاصة فما ان تهدأ حركاته وتنخفض اسعاره لعدة ايام حتى تعاود الارتفاع فمع بداية الاسبوع الثاني من رمضان بدأت مؤشرات الحركة في سوق الاسماك بالارتفاع لتعود الى طبيعتها وان ظلت غالبية الاسماك تباع بأسعار منخفضة.