ليس من المفاجىء ان يصرح فايسغلاس بأن خطة فك الارتباط من جانب واحد حسب الطرح الشاروني تعني تجميد خريطة الطريق واصابة العمل الرباعي الدولي بشلل كامل لا جزئي, وان تلك الخطة قد عصفت بكل العمليات السياسية وفرضت رؤية عنصرية للسلام مع الفلسطينيين والعرب, فتصريحه لا يؤخر ولا يقدم شيئا من سياسة شارون ومواقفه العدوانية ضد الشعب الفلسطيني منذ انتخابه رئيسا لوزراء اسرائيل في فبراير 2001م, فذاكرة العالم مازالت تختزن ما كان يلوح به ابان حملته الانتخابية حول علاقته بالفلسطينيين وحول توسيع الاستيطان في (ارض الآباء والأجداد) ويعني بها اراضي السلطة الفلسطينية, والحيلولة دون قيام (الدولة الارهابية) ويعني بها دولة فلسطين الى جانب دولة اسرائيل, وكان وقتذاك ولايزال يلوح تصريحا لا تلميحا بأنه لن يزيل بؤرة استيطانية واحدة في ارض (يهودا والسامرة) كما رسم موقعها في خريطة اسرائيل الموسعة في مخيلته, وازاء ذلك فان الجنرال العجوز بعد فوزه في الانتخابات مباشرة أخذ في تصفية حساباته مع اتفاق اوسلو, واخذ يسعى جاهدا لتدمير كل الأسس والقواعد والأركان التي قامت عليها عملية السلام, وحرص اشد الحرص على قطع طريق المفاوضات مع الفلسطينيين وتعليق قضايا الوضع النهائي وتهميش مسألة اللاجئين والقدس والحدود الى اجل غير معلوم, فتصريحات مدير مكتب الجنرال الاخيرة تؤكد اصرار اسرائيل على شطب فكرة قيام الدولة الفلسطينية, وما عادت كل الافكار القديمة مجدية للتداول والبحث مثل اقامة دولة ديموقراطية موحدة أو دولة ثنائية القومية يتعايش فيها العرب واليهود او اقامة دويلة في غزة مع تقاسم وظيفي فلسطيني اسرائيلي فيما يتبقى من الضفة خارج الجدار العنصري الفاصل, وغيرها من الافكار والمشاريع التي سحبت من اسواق التداول واضحت جزءا من التاريخ لا سيما بعد اتفاق اوسلو وبعد الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 1996م, ولم يتبق في ذهن شارون الا مشروع شطب الدولة الفلسطينية لتصعيد التوتر في المنطقة وابقاء موجة العنف والعنف المضاد على ما هي عليه, فهو عاشق لسفك الدماء والتدمير والخراب واذا بقي الوضع على وتيرته الحالية فان مزيدا من الدماء الفلسطينية والاسرائيلية سوف تراق وسوف يتأجج الصراع ويصل الى مراحل خطيرة للغاية, فليس من السهل او الممكن ان يتخلى اكثر من ثمانية ملايين فلسطيني عن فكرة اقامة دولتهم المستقلة, وهذا ما يجهله شارون او يحاول تجاهله.