ليس بخاف على أي وسط أو رقيب سياسي أن قضية الشرق الأوسط قد وصلت في العهد الشاروني الحالي إلى ذروة أزمتها وتعقيداتها ، فقد أدخلها هذا الدموي بفعل حماقاته إلى نفق مسدود ، وأغلقت أبواب التفاوض إلى غير رجعة وبدأت إسرائيل في مواجهات علنية ضد الفلسطينيين وضد العرب ، فقد أضحت العملية السلمية على كل مساراتها في مهب الريح فعلى المسار الفلسطيني تحديدا فإن خطة فك الارتباط مع قطاع غزة بجانبها الأحادي تعني بوضوح تجميد العمليات السياسية من جانب ، كما أنها تعني بذات الوضوح تهميش مسألة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وتحول تلك الخطة أيضا دون الخوض في القضايا العالقة الرئيسية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وهي ما يتعلق بعودة اللاجئين وترسيم الحدود ومسألة القدس والخطة * السرية * التي ارتبطت بتلك القضايا والمتمحورة في إزالة صفقة الدولة الفلسطينية التي حاول شارون أن يتكتم عليها لم تعد سرية على الإطلاق بدليل تصريحاته الأخيرة بأن التعامل مع بعض المستوطنات وليس كلها لن يتم إلا إذا تحول الفلسطينيون إلى فنلنديين ، بمعنى أن فنلندا كانت دولة مستقلة ولكن تحت الهيمنة السوفيتية الكاملة ، بما يؤكد أن الحديث عن خطة خريطة الطريق وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل هو حديث فارغ من كل محتوياته ولا يمكن وصفه إلا بتطمينات تخديرية مستهلكة ، فالنوايا الإسرائيلية التي أضحت واضحة للعيان ستكون لها انعكاساتها الخطيرة والسيئة ليس على مستوى القضية الفلسطينية فحسب بل على مستوى المنطقة بأسرها ، فطريق التسوية السياسية الذي بدأ بمبادرات فلسطينية منذ عام 1974م أضحى مسدودا اليوم ، فلا مجال للبحث في بيان النقاط العشر أو بيان الاستقلال أو اتفاق أوسلو بل إن من العبث البحث في خطة خريطة الطريق ، والأخطر من ذلك في ظل المتغيرات والمستجدات المتلاحقة على ساحة قضية المنطقة المتأزمة أن مقولة السلام خيار استراتيجي أضحت عبثية وغير مجدية ، فقد أغلقت كل الحلول المطروحة إزاء النهج الشاروني المتعنت برفض السياسة التفاوضية المفضية إلى تسوية قد تكون منطقية أو عقلانية، بل إن الحديث عن السلام أضحى ممجوجا في ظل استباحة إسرائيل قضية فلسطين ، واستباحتها كل مبادرات السلام واستباحتها من قبل ومن بعد مواثيق الأممالمتحدة وقراراتها التي ما زالت على مرأى من العالم بأسره تضرب بها عرض الحائط.