أنسى عادتي في وضع العطور على مدار اليوم، كلما سبحت في بحر كلمات الكاتب القدير نجيب الزامل. وقد يرافقني لساعات عطر كلمات (نجيب) وأنا أشعر بها تضمخ بصيرتي كلما آنست من كلماته نورا في ظلمة غشت القلوب والعقول، فأجدني أردد في نفسي ببالغ الثناء عليه: جزاك الله خيرا يا نجيب، وقد سبقتنا على ثغور صدق الكلمة ونقاء الحرف". نجيب ليس بحاجة لكلماتي عنه لا سابقا ولا لاحقا، ولا أنا بحاجة لأنثر هنا انطباعات وقناعات فكرية اكتسبتها من قراءته. لكن ما حفزني لنثر عطر نجيب، هو مقاله (شهريار والمسيار) الذي نطق بلسان حق غيبته شهوات متسربلة بثياب الدين والدين منها براء، وما كدت أهم بلحاق ركب نجيب في أطروحته الهامة حول أسمى مؤسسة اجتماعية وهي الأسرة، حتى داهمني جهم سواد سؤال مرره إليه أحدهم ساخرا منه بأنه تربية نساء. وكدت أحزن لولا أن العظيم بخُلقه اهتبلها فرصة عظيمة ليكسر مقولة (ربى مرة) أي تربية امرأة، والتي تسخر مما أجله الله في أعظم مدرسة بشرية وهي الأم التي أخرجتهم من رحمها بعد أن حملتهم وهنا على وهن. قرأت رد نجيب بعد إفطاري المغرب، فشعرت أنني أفطرت مرتين، يا الله يا نجيب كيف علمتنا أن البياض النقي لا تضره حجارة من حقد أسود ترميها قلوب سوداء، وكيف علمتنا السمو وحجارتهم تتحول في قلمك إلى بذور تنثرها في حقولك لتنبت سنابل الخير، لتظل الحقيقة بوضوح الشمس مهما ألقي عليها من أشمغة أو براقع. ونعم التربية يا نجيب، جُزيتء خيرا والدتك وعمتك وخالتك وابنة خالتك وجدَاتُك اللاتي كان لهن سهم في جءدِك، وكل نساء ورجال بيتك، فحق للزامل أن تفخر كعائلة تضمك في شجرتها المباركة، وحق علينا أن نفخر بوجود أنقياء مثلك نردد في حضرتهم (الدنيا مازالت بخير) ونسكت، ليس كسكوت شهرزاد لتتمة قصتها كمسلسل رمضاني بليد، بل نسكت لأن في حضرتك تتقزم الكلمات. ونسكت في غيابك وقد تحولت شهرزاد إلى قهرزاد لا تجيد صف حكايات قهرها في ليالي تنتظر صياح ديك لبزوغ فجر يُسكتها. فهلا أنطقك سكوتنا؟ كل عام ونحن بخير وأخيار مثلك.