أخذت (شهرزاد) إجازة (اضطرارية)، لحضور حفل زفاف أختها (فوزيَّة)، فتأخرت في (العودة) والمثول بين يدي (شهريار)! وقال نسوة في المدينة: ما بال (شهريار) متوعِّك المزاج، منتفخ الأوءداج؟! قالت (الوصيفة): هو مكتئب لغياب (شهرزاد) .. كأنَّ الأمَّهات لم يلدن مثلها.. فما الذي فيها وليس فينا يا ستَّات؟! قالت أخرى: انظروا إلى شعرها الأجعد.. وعينيها الساهمتين الناعستين كأنها (مريضة).. وانظروا إليها حين تدني رأسها لتصغي لحديثه، كأنَّ في أذنيها وقراً.! وقالت (حاسدة) ثالثة: والله إنَّ فينا النحيلة الجذع.. وفينا ريَّانة العود اللي تنادي الليالي تعود.. وتسر الناظرين في القيام والقعود.. وفينا (الصبءحة) المرحة، التي تُسقطُ أعتى الرِّجال على (زرِّه)، حتى يعجب الناس من أمره.! كانت (أوسطُهنَّ) ساهمة، تنظر إليهن واجمة.. فسألتها إحداهن: ما رأيك أنت يا حكيمة الزمان؟! قالت: والله إنكنّ تنظرن بعيونكنَّ وليس بعيونه.. إن لشهريار (عيون) وللءيل عيون.. ترقب الأستار.! قالت واحدة (ملقوفة): الحكيمة بتغنِّي.. تحسب نفسها (فيروز).! - بل (شهرزاد) التي تغرنَ من صوتها.! - نحن نغار من صوتها.. هه .. إنَّ صوتها مثل حشرجة منشار (النجَّار) على جذوع الأشجار.! وتنهَّدت (الست الحكيمة) وقالت: قاتل الله (الغيرة).. فلولاها (ما كبرت الصغيرة).! ودخل (شهريار)، وقد سمع بمكرهن: انصرفن.. أريد أن أخلد إلى النوم.. فلعلَّه يوافيني! قالت الوصيفة (بهجنار): سيوافيك - يا سيدي - إن سمحت لي أن أروي لك حكاية بدلاً من (شهرزاد).! قال: ما لي بحكايتك حاجة يا بهجنار! قالت: اسمعها .. لعلها تسرّي عنك يا سيدي.. قال، وأشار إلى (شهرزاد)، التي بَزَغتء وأسفرت وأنورت على باب البهو: جاءت التي تسرِّي عني، فانصرفن راشدات! @@@ وقفت (شهرزاد) بين يدي شهريار وقالت: - "قد أتاك يعتذرُ.. لا تسله ما الخبر".! "في عيونه خبرٌ.. ليس يخطئ النظر". قال شهريار (باسماً): هادا الكلام ما يمشي علينا.. مخصوم منِّك ( 3ساعات) و( 5دقايق)! - عفوك يا سيدي.. ساعة للذهاب.. وساعة للإياب.. وساعة لفرح أختي! - وال( 5دقايق) راحت فين يا شهزاد؟! قالت: أصله (الطيَّار) كان يمشي على مهله.. - ليه؟! كان لازم يلتزم بمواعيد الإقلاع والهبوط.. مخصوم منه ( 3سنين) و( 5شهور). - هُوَّ ما له شُغل يا سيدي .. (البرج) شغَّلء لَهُ أغنية (سوق على مهلك سوق .. بكرة الدُّنيا تروق).. وفِضِل يلُف ويدور في الجو إلى أن (داخ) واعتدل (المناخ)! وسكت شهريار هنيهة ثم قال: خلاص.. نظراً لرداءة الأحوال الجوية، والتقلُّبات المناخية، شلءنا الخصم.. وصرفنا لك حوافز.. سعيدة يا شهرزاد؟! - برؤيتك يا سيدي.. لكن ليه غيّرت رأيك؟! - لأنه ما هو معقول نسيِّب (الطيار) ونتشطَّر على (الحمامة)! - انت إنسان رقيق يا سيدي فلماذا يقولون عنك في الحكايات القديمة إنك قاس ومتسلّط؟ - خلِّيهم يقولوا يا شهرزاد.. الناس بيكتبوا التاريخ على مزاجهم.. يحذفوا ويضيفوا على كيفهم.. كل ناس يدوروا على مصالحهم .. تصوري أدءيت فلوس لمدير الإدارة عشان يقسمها على أهل الحارة.. راح بنى له عمارة! حتى الطباخين اللي أكلوا معايا (عيش وملح) بيسرقوا الصحون والملاعق.! ثم تنهَّد شهريار، وقال: روحي نامي.. أنت متعبة اليوم يا شهرزاد.. - و(الحكاية) يا سيدي.. حكاية كل يوم.! - ما لها لزوم! وابتسمت شهرزاد وسألت: ما عجبتك حكاية (الوصيفة).. مع أن صوتها جميل.! - لو راحت وجات على الصوت ما كان أحد غِلِب .. المسألة ما هي (أصوات) و(حكايات).. اننا نأنس الناس لكننا .. لا نحب أن نرى عيوننا إلا في مرآة واحدة.. روحي نامي يا شهرزاد! - سأرخي الستائر لترد عنك الشمس قبل انصرافي .. تصبح على خير يا سيدي.. وقبل أن ينام أشرق وجه شهريار بالابتسام: قامت تظللِّني من الشمس نفسٌ أحب إليَّ من نفسي قامت تظللني ومن عجب شمسٌ تظللني من الشمس..!